في كل مرة يتم فيها إصدار لعبة Grand Theft Auto جديدة تتوقف الصناعة في ذهول لمراقبة ما سيحدث، حيث تحصد كل لعبة منها أرقامَ مبيعات قياسية وتحصل على العديد من الجوائز العالمية الكبيرة في كل مرة تقريبًا، ويبدو من عدد مشاهدات الفيديو التشويقي الأول للعبة GTA 6 لوحده مدى شعبية اللعبة وإقبال عشاق الألعاب عليها.
ويمكن الاستشهاد بلعبة GTA 5 التي حصدت 800 مليون دولار في يومها الأول، وهو رقم قياسي لم يستطع أحد تحطيمه على الأرجح حتى يومنا هذا، ومن المتوقع أن تحقق GTA 6 نفس الأداء أو ربما تتفوق عليه، وفي الواقع قدم لنا حجم الإقبال الهائل على الفيديو التشويقي الأول للعبة العلامات المُبشرة المبكرة لنجاح GTA 6 الكبير المتوقع، إذ أنه حطم الرقم القياسي العالمي لموسوعة غينيس لأكثر مقطع فيديو تمت مشاهدته في أول 24 ساعة، وذلك من خلال 96 مليون مشاهدة في اليوم الأول له فقط!
لكن إن نظرنا للماضي قليلًا، فيمكننا الاستنتاج بأنَّ عملًا ضخمًا أخر من الشركة الرائدة Rockstar قد حطم أيضًا العديد من الأرقام القياسية، وهو لعبة الغرب المتوحش الغنية عن التعريف Red Dead Redemption 2، إذ فازت بجائزة لعبة العام وأصبحت ثاني أكثر لعبة مبيعًا في أسبوعها الأول بعد الإطلاق.
لكن ما سنستكشفه في مقال اليوم يتجاوز مجرد إحصائيات المبيعات، حيث سنتعمق في جانبٍ هام خاص بأحدث ألعاب Rockstar ومدى جودة آليات اللعب وأسلوب السرد، والسؤال الأهم هل يمكن لقصة GTA 6 أن تتفوق على قصة Red Dead Redemption 2.
اختلافات آليات وأسلوب اللعب بين سلستي GTA و Red Dead Redemption:
تجري أحداث سلسلة ريد ديد لاسيما الجزء الثاني في عالمٍ يركز على الواقعية والظروف القاسية التي تعيشها الشخصية نوعًا ما للبقاء على قيد الحياة، حيث ناهيكم عن بيئة الغرب المتوحش ومخاطر العيش بها، يحتاج بطل اللعبة آرثر مورجان للقيام بالعديد من الأشياء التي تضمن بقائه أو حصوله على المال اللازم للمتابعة في الحياة باستمرار.
بما في ذلك تنفيذ المهام الخطرة والصيد والحاجة للعثور على الغذاء والأدوية والمكملات وغير ذلك إلى حد ما، بالإضافة إلى الآلية الأساسية مثل ترقية المعدات والنهب التي تعتبر نوعًا ما طويلة وتحتاج للكثير من الصبر واللعب بوتيرةٍ بطيئة، وعلى النقيض من ذلك، تعتبر ألعاب سلسلة المطاردة والأكشن الأخرى لروكستار وأبرزها الجزء الأخير GTA 5 لعبةً سريعة الخُطى وأسهل في التحكم بالشخصية.
في حين أن سير الشخصية يتطلب العديد من الرسوم المتحركة المرتبطة بالعديد من الإجراءات والسلوك الخاص بها، إلا أنها أقصر بكثير في GTA 5 بالمقارنة مع RDR 2، إذ بناءً على ألعاب GTA السابقة و وتيرتها السريعة في كل شيء وتركيزها على تنفيذ المهام الجريئة والخطرة، فمن المستبعد أن تسلك GTA 6 الطريق الذي سلكته لعبة RDR 2.
علاوة على ذلك، تعتبر GTA 5 بشكل عام أفضل لعبة لشركة Rockstar من ناحية أسلوب إطلاق النار، حيث عند المقارنة بين السلسلتين المذكورتين تبدو أسلحة RDR 2 أقل بطئًا وإثارةً بفضل التصوير الواقعي لكيفية عمل الأسلحة النارية في عام 1899، وعلى الرغم من تفضيل البعض للنهج الواقعي للغاية الذي يتميز به أسلوب إطلاق النار في RDR 2، ولكن إن نظرنا إلى ناحية المتعة والمرونة والتنوع في عدد الأسلحة فيمكن القول بأنَّ GTA 6 قادرة على التفوق على سلسلة ريد ديد بهامش كبير.
ماذا عن الفروق في أسلوب التنقل والسفر:
تجري أحداث Red Dead Redemption 2 في الغرب المتوحش خلال مطلع القرن العشرين، لذا فإن وسائل النقل أبطأ بكثير بشكل مفهوم، وعند المقارنة مع ألعاب Grand Theft Auto يمكن القول ببساطة أنَّ ألعاب سلسلة جي تي أي تتفوق ببساطة في هذا المجال، لاسيما القدرة على تعديل السيارات، وعلى الأرجح ستقدم Grand Theft Auto 6 إمكانيات تخصيص وتفاصيل مذهلة للسيارات لم نراها من قَبل.
تم تقديم أسلوب ركوب الخيول في RDR 2 بشكل واقعي وممتع، لكن يمكن القول بأن كل من لعب RDR 2 تقريبًا يعرف الشعور المروع عند رؤية حصانه يسقط من حافة منحدر ما، وذلك بسبب عدم القدرة على التحكم بالحصان أو أمرٍ أو إدخالٍ غير دقيق من اللاعبين، مما يعني أنه لا يمكنك التحكم في الخيول بدقة مطلقة كما هو الحال مع سيارات GTA 5، فالخيول كائنات حية بعد كل شيء وتتفاعل بعقلها الخاص، من المؤكد أن السفر عبر خارطة GTA 6 سيكون أكثر إثارة وتنوعًا من التنقل عبر عالم RDR 2 لاسيما بعد ما رأينا من أنواع السيارات الفاخرة العديدة في الفيديو التشويقي الأول لها.
لا تعد السيارات الجانب الحديث الوحيد الذي يمكن أن تستفيد منه سلسلة GTA، إذ تقدم شركة Rockstar حاليًا درجة هائلة من التركيز على الحرية الإبداعية في كل جانب من جوانب GTA 6، ويمكن أخذ وسائل التواصل الاجتماعي كمثال على ذلك، حيث يستعرض الفيديو التشويقي الأول مجموعةً من الأحداث المجنونة التي يتم بثها على الهواتف الذكية للعديد من الشخصيات حول عالم اللعبة.
لكن وجود الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ليس سوى غيض من فيض مما سيكون متوفرًا في بيئة GTA 6 الحديثة، ناهيكم عن وسائل السفر والتنقل ومنها الطائرات والمروحيات والسفن وغير ذلك.
لمن الأفضلية من ناحية القصة ومن قد يتفوق من ناحية أسلوب السرد GTA أو Red Dead؟!
قد يصعب جدًا إيجاد الأفضل بين السلسلتين، حيث قدمت لنا Red Dead Redemption الشخصيات العميقة والمؤثرة والقصة التي لا تُنسى، وفي الواقع هذا المجال الوحيد الذي يمكن أن تستطع به لعبة RDR 2 بشكلٍ خاص لا يمكن مجاراته حتى مع ألعاب جي تي أي، حيث سيكون من الصعب على GTA 6 أن تتفوق على قصة آرثر مورجان المؤثرة وعصابته الشهيرة والقصص والخلفيات الدرامية لكل فردٍ بها.
وفي الحقيقة لطالما تفوقت شركة Rockstar في كتابة الشخصيات المقنعة في ألعابها، ومع ذلك فإن ريد ديد 2 تجاوزت حتى معاييره روكستار الرفيعة المعتادة وقدمت شيئًا استثنائيًا بحق، إذ كانت كتابة السيناريو والأداء التمثيلي وتطوير الشخصية بمثابة “مَضربِ مَثل” في الصناعة ولا يمكن لأحدٍ إنكار ذلك على الإطلاق.
إذ أنَّ الشخصيات في اللعبة وحتى الشريرة والمُتلاعبة منها مثل Dutch كان لديها جانب جيد يمكن التعاطف معه، خاصة بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بينه وبين Arthur في معظم أجزاء اللعبة، كما لا يزال التمثيل الصوتي والإخراج الموسيقي في RDR 2 يعتبر من أفضل ما تم تقديمه في صناعة ألعاب الفيديو، والأعلى شأنًا في ألعاب روكستار، لذا السؤال هنا هل يمكن أن تقدم GTA 6 قصة تنافس أو حتى تتفوق على RDR 2؟
قد يقول بعض الخبراء في الصناعة بأنَّ هذا ممكن، لكنه سيستغرق الكثير من الوقت والجهد لتحقيقه، وفي الواقع نظرًا لفترة التطوير الطويلة التي حصلت عليها لعبة Grand Theft Auto 6 فإننا قد نشهد شيئًا جديدًا كليًا يفاجئنا إلى أبعد الحدود.
تتمتع ديناميكية الأبطال في GTA 6 مما تضح حتى الآن بإمكانيات رفيعة المستوى والقادرة على تقديم قصة قوية مثيرة للإعجاب، إذ أنَّ تقييد فريق التمثيل الرئيسي ببطلين فقط يدعو إلى ديناميكية أكثر حميمية ومشاركة عاطفية شخصية، وقد يكون لدى شخصيات الأبطال مشاعر وعمق أكبر مما نتصور أو نتخيل.
كما وضع البعض نظرية غريبة بعض الشيء، بأننا قد نشهد بعض التقلبات المؤلمة في القصة مثل انفصال الاثنين أو اضطرار أحدهما إلى التضحية بالآخر في ذروة أحداث اللعبة وتسليمه إلى القانون على سبيل المثال، أو حتى خيانته المؤلمة طمعًا بالمزيد من المال أو السلطة، تتمتع GTA 6 ببعض الإمكانات الحقيقية لمنافسة قصة RDR 2، لكنها قد تحتاج لكامل تركيز وما لدى فِرق Rockstar من جهود وإبداع لتحقيق ذلك.
قد يكون من المؤكد أن GTA 6 ستتفوق على RDR 2 في المبيعات والشعبية العامة، حيث تتمتع سلسلة Grand Theft Auto بحضور هائل في مجال الملكية الفكرية لدرجة أن الأشخاص الذين ليس لديهم حتى ذرة من الخبرة في الألعاب قد سمعوا باسم اللعبة على الأقل، إضافة إلى أنَّ GTA 5 كانت أسرع منتج ترفيهي مبيعًا عند إصدارها، حيث حققت مليار دولار في الأيام الثلاثة الأولى لها.
لكن من جهةٍ أخرى حققت RDR 2 مبيعات جيدة بشكل ملحوظ، حيث جاءت أقل بقليل من أرقام GTA 5 القياسية التي بلغت 750 مليون دولار في الأسبوع الأول، وسواء كانت الأفضلية بين السلسلتين للقصة أو البيئة أو الواقعية، فهذا يرجع بشكلٍ رئيسي إلى الذوق الفردي لكل لاعب، ولكن لا يمكن إنكار أن GTA 6 على الأرجح ستحطم جميع أنواع الأرقام القياسية تمامًا مثل ما فعل الجزء السابق في عام 2013، وينتظر اللاعبون اليوم بشوق ظهور فيديو تشويقي ثاني لكشف المزيد عن عالمها وما ستقدمه للاعبين من تجارب فريدة واستثنائية تعيد تعريف الصناعة كما تفعل ألعاب السلسلة في كل مرة.
شاركونا آرائكم وتعليقاتكم، من برأيكم سيتفوق من ناحية القصة أو الشخصيات وديناميكيتها وعمقها، هل ستكون الغلبة لـ GTA 6 أو ستحافظ Red Dead Redemption على الصدارة في هذا المجال حسب رأيكم؟!
0 تعليق