من الألم إلى الأمل.. الجذور الإنسانية في روايات رضوى عاشور - سعودي فايف

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم من الألم إلى الأمل.. الجذور الإنسانية في روايات رضوى عاشور - سعودي فايف


نشر في: الجمعة 29 نوفمبر 2024 - 6:54 م | آخر تحديث: الجمعة 29 نوفمبر 2024 - 6:54 م

يمتد الحديث عن الكاتبة الراحلة رضوى عاشور ليتجاوز كونها روائية بارزة أو ناقدة أكاديمية، وصولا إلى كونها نموذجًا استثنائيًا للإنسان الذى أضاء قلمه الطريق نحو قيم الحق والعدالة والحرية، فلقد أسست أعمالها الأدبية والبشرية على بعد إنسانى عميق، جعلها قريبة من نبض القارئ وهمومه، وقادرة على تجاوز حدود الزمان والمكان لتبقى كلماتها نابضة بالحياة.

كانت رضوى شاهدة على نكسة 1967، وهى لحظة صدمت أجيالا بأكملها، لكنها شكّلت بداية لرحلة مقاومة داخلية وخارجية انعكست لاحقًا فى كتاباتها. التحقت بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، حيث تعلمت من خلال الأدب العالمى كيف يمكن أن يكون الفن قوة دافعة نحو التغيير وإعلاء قيمة الإنسان، وهو ما تأكد لديها خلال دراستها للأدب الإفريقى الأمريكى أثناء استكمالها للدكتوراه فى الولايات المتحدة.

لم تكن أعمال رضوى عاشور الأدبية مجرد حكايات تُروى، بل كانت ساحةً لترسيخ القيم الإنسانية التى آمنت بها. كل رواية كتبتها كانت فى جوهرها احتفاءً بالإنسان فى صراعه مع قوى الطغيان والقهر، ودعوةً لاستعادة مكانته وكرامته.

فى «ثلاثية غرناطة»، تأخذ رضوى عاشور القارئ فى رحلة إنسانية عبر تاريخ الأندلس فى أعقاب سقوط غرناطة. الرواية ليست مجرد استحضار لماضٍ بعيد، بل هى تذكير بأن الإنسان هو جوهر الحضارة، وأن فقدان الهوية الثقافية والدينية هو فى الحقيقة طمسٌ لإنسانيته.

شخصيات الرواية – أبو جعفر، سعد، علياء – ليست شخصيات عادية، بل هم رموز لصراع الإنسان من أجل البقاء فى وجه محاولات الهيمنة والمحو. فى كل صفحة، نجد تمجيدًا للصمود الإنسانى، وتجسيدًا للمقاومة باعتبارها شكلا من أشكال الوفاء للإنسانية.

فى كتابها «أثقل من رضوى»، الذى يعد سيرة ذاتية جزئية، تسلط الكاتبة الضوء على رحلتها مع مرض السرطان. لكن السرد يتجاوز البُعد الشخصى ليصبح تأملا عميقًا فى قدرة الإنسان على المقاومة فى وجه الألم، تمزج رضوى فى هذا العمل بين سرد معاناتها الفردية والحديث عن الثورة المصرية (2011)، لتُبرز كيف أن الإنسان، فى مواجهة المرض أو الطغيان، يظل قادرًا على استحضار قوته الكامنة لمواجهة ما يبدو مستحيلا.

فى «أثقل من رضوى» تُبرز رضوى عاشور النضال بوصفه قيمة إنسانية مستمرة تعكس جوهر التجربة البشرية. الكتاب يُظهر كيف أن الإنسان قادر على التحدى والمقاومة رغم قيود الجسد وضعف الصحة. من خلال يومياتها المليئة بتفاصيل الحراك السياسى والاجتماعى فى مصر، تُقدّم رضوى نموذجًا للنضال الذى يتجاوز حدود الذات، حيث يصبح الفرد جزءًا من حركة جماعية تسعى إلى تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية. النضال هنا ليس مجرد فعل سياسى، بل موقف أخلاقى يعبر عن التزام الإنسان تجاه نفسه والآخرين.

تعبر الرواية عن الألم كجزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، لكنها تسلط الضوء على كيفية تحويله إلى طاقة تدفع الإنسان نحو الحفاظ على كرامته.

رضوى، رغم معاناتها من المرض ومحدودية حركتها، ترفض الانسحاب أو الاستسلام. تصف معاناتها الشخصية بالتفصيل، لكنها لا تغرق فى الحزن، بل تستثمر الألم فى تعزيز إيمانها بقدرة الإنسان على الاستمرار. الرواية هنا ليست فقط تأريخًا للمعاناة، بل درس فى أن الكرامة تكمن فى مواجهة الألم بشجاعة وإصرار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق