لا تزال الحرب فى غزة تتواصل بتحالف المجرمين والمتطرفين فى إسرائيل، من دون أفق، وقد خاب الرهان على أن يبذل الرئيس الأمريكى بايدن جهدا لتسجيل موقف قبل أن تنتهى فترته الرئاسية، ويتولى دونالد ترامب، الذى يمثل هو الآخر جزءا من معادلة التداخل والتقاطع فى الإقليم وفى العالم.
وقد بدا اتفاق وقف الحرب فى لبنان كأنه بداية لإنهاء الحرب الرئيسية فى غزة، لكن الظاهر هو أن الاحتلال يواصل إجرامه ويرتكب المزيد من المجازر، ويطارد المدنيين، ويعجز عن إعلان تحقيق أى نوع من التقدم فى تحقيق الأهداف، حيث تذهب التحليلات إلى أن نتنياهو لو كانت لديه أى معلومات عن تحقيق أهداف من الحرب لكان توقف، لكنه يواصل حربا من دون توقف، ويؤكد ما بدا من بداية الحرب، أن توقف الحرب قد يعنى نهاية نتنياهو، وأيضا محاكمات وتداخلات فى مستقبله، خاصة أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على رئيس وزراء الاحتلال، يمثل خطوة مهمة فى مواجهة حرب الإبادة التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، بعد المجازر التى قام وما زال يقوم بها، ومعه وزير الدفاع السابق يوآف جالانت فى حق الفلسطينيين، والقرار يمثل هو الآخر تحولا مهما يتطلب المزيد من العمل لتنفيذه أو استعماله كعنصر فى مواجهة الاحتلال، بجانب الدعوى التى تنظرها محكمة العدل الدولية، يمثلان تطورا مهما فى مواجهة جرائم الاحتلال على مدار سنوات، ومهما كانت الظروف التى تحيط بالقرار، ومحاولات تعطيل صدوره أو تهديد الأطراف التى تصدره، فإنه يمثل تحولا يستحق العمل لمساندته، باعتباره طريقا جديدا فى مواجهة عدوان عنصرى شديد الإجرام.
الشاهد أن الحرب هذه المرة، تمثل تحولا مهما فى سياقات الحرب، وتتطلب بالفعل معالجات وتعامل يختلف عما كان، ويستوعب التحولات فى الكل والمضمون، وهناك تغييرات حتى فى الاتفاق الخاص بلبنان، ومدى القدرة على تنفيذه بالتعامل مع واقع جديد، ومدى خروج إيران من معادلة لبنان، والتطبيق الكامل للاتفاق بما فيه من انسحاب حزب الله إلى الشمال، وهل بالفعل تخرج إيران ويعيد الحزب انتشاره؟ وهى عملية قد تكون تغييرا جديدا.
الشاهد أن شكل الحرب والتحالفات ومدى انتهاء المواجهة بين أطراف إقليمية منها إيران، وخروجها من لبنان، قد يمثل تحولا أكبر ممن قد يبدو فى الواقع.
فقد أعلنت إيران أنها لن تدخل فى حرب شاملة، وبقى حزب الله وحده، بالرغم من خسائره، التى تتجاوز أى خسائر مادية إلى خسارة سياسية كبيرة، حيث كان الأمين العام الأسبق حسن نصر الله، أحد القيادات السياسية المهمة، فى الداخل وأيضا فى السياسة اللبنانية ومعادلتها، وهناك تحولات جرت منذ ما بعد اغتيال رفيق الحريرى، غيرت من شكل التوازنات السياسية التى حافظت على توازنات النفوذ، وهى معادلات - لا شك - قد تغيرت.
بجانب تغيير آخر، هو تولى دونالد ترامب، ومدى تغيير السياسات، خاصة أن ترامب أثار جدلا باختياراته لأعضاء حكومته، وهى اختيارات بدت مثيرة ومربكة فى بعض الأحيان، خاصة أنها تضم عددا من السيناتورات من الصقور، وبعض المرشحين لمناصب بحكومة ترامب، يتبنون أفكار اليمين المتطرف فى بناء العلاقات الخارجية، وهو ما قد يقود إلى مواجهة أكثر عنفا بين إسرائيل وإيران، أو تعقيدات فى قضية الشرق الأوسط، بينما فى برنامجه وعد بإحلال السلام، لكن تصوره عن السلام يختلط بتفاصيل تتطلب انتباها، وأيضا تضع الطرف الفلسطينى بكل فصائله باتجاه ضرورة استعادة الوحدة والابتعاد عن صراعات ضاعفت - ولا تزال - من وحدة العمل.
نقلا عن اليوم السابع
0 تعليق