أثارت ظاهرة زواج الإنتاج المؤقت ضجة كبيرة في المجتمع المصري خلال الفترة الأخيرة، فما هو؟ ومن أين جاءت هذه الفكرة؟ وما رأي الشرع فيه؟
ما هو زواج الإنتاج؟
زواج الإنتاج هو الذي يتفق فيه الشاب والفتاة على الزواج المشروط بالإنجاب فقط، وبعدها ينفصل الشريكان بناء على اتفاق له بنود واضحة حتى لو لم تكن مكتوبة.
هذه القضية كانت أثارت جدلًا واسعًا حينما طرحها فيلم (بشتري راجل) عام 2017، بطولة نيللي كريم ومحمد ممدوح، وإخراج محمد علي، فكانت البطلة التي تعمل في وظيفة مرموقة تبحث عن الأمومة بأسرع وقت نظرًا إلى أن مخزون بويضاتها أوشك على النفاد، واختار العمل الكوميديا وسيلة لطرح هذا الأمر الشائك، وسعت البطلة الحالمة بالأمومة إلى نشر إعلان تطلب فيه زوج بمواصفات صحية معينة ويوافق على الزواج الموقت المرهون بعقد شرعي، بشرط أن يتم الحمل عن طريق الحقن المجهري وليس بطريقة طبيعية، نظرًا إلى رفض العروس منظومة الزواج من الأساس.
ثم تتطور الأمور ويحدث انجذاب عاطفي وتصبح أمًا عن طريق الحمل الطبيعي، لكن صدامية الفكرة جعلت العمل محط نقاش طويل، إذ كان الرجل هنا بمثابة السلعة ويوافق على الزواج مقابل أن تحل له العروس مشكلاته المادية، وفي العام نفسه أيضًا تمت مناقشة التوجه ذاته في مسلسل (سابع جار) عن طريق شخصيتي هالة (رحمة حسن) وعلي (محمد علاء).
ظروف اجتماعية ودينية
وترى الباحثة في مجال حقوق المرأة، دينا إسماعيل، أن زواج الإنتاج أمر مُستحدث بسبب الظروف الاجتماعية، مشيرة إلى أن الخلافات والطلاق والمحاكم تؤدي إلى عدم رغبة الكثير من الأشخاص في الزواج، ولذلك تلجأ الفتاة للزواج من أجل الإنجاب لإشباع غريزة الأمومة.
تبدو طريقة التفكير هذه قاسية وغير مألوفة أيضًا، لكنها باتت منتشرة بين قطاع كبير من الباحثات عن الأمومة وتعوقهن أمور متعددة، وتوضح الباحثة في مجال حقوق المرأة، أن المرأة عندما تتقدم في العمر ولم تتزوج بسبب ظروف ما تتزوج ليس بهدف الحب أو الارتباط، ولكن من أجل الإنجاب فقط، خصوصًا وأن الزواج هو الطريقة الوحيدة للإنجاب في مصر.
وتعتبر إسماعيل، أن الزواج لا يجوز إذا كان مرتبطًا بوقت أو شرط من الناحية الدينية، منوهة بأن الرسول سمح بزواج المتعة لفترة معينة، وهذا يعني أن الدين يُراعي ظروف المجتمع.
وتقول إن الإنجاب عن طريق التبرع بالحيوانات المنوية مثلما يحدث في الغرب أمر لا يجوز في مصر على الإطلاق، بسبب ثقافة المجتمع ومخالفته للشريعة الإسلامية.
وتضيف إسماعيل أن هناك الكثير من الأطفال ينجبون في المجتمع بدون وجود الأب بسبب سفره إلى الخارج، وهذا نوع من الزواج موجود ومقبول من المجتمع.
وتشير إلى أن المرأة تؤيد فكرة زواج الإنتاج أكثر من الرجل، بسبب البحث عن غريزة الأمومة، لافتة إلى أن المرأة في هذه العلاقة لا تتزوج أي شخص، ولكنها تختار شخص مناسب فكريًا واجتماعيًا.
مشاكل نفسية
يعتبر استشاري العلاقات الأسرية يحيى فؤاد، أن زواج الإنتاج المتعلق بتحقيق هدف الإنجاب فقط ليس مرتبطًا بأي فكر منطقي، وهذا الفكر يحتوي على أنانية غير عادية، خاصة وأن الطفل الذي يأتي من هذه الزيجة لن يتربى بين والديه.
ويضيف فؤاد، أن الحديث عن أن الهدف من زواج الإنتاج الإنجاب بعيدًا عن المشاكل والأزمات في الزواج أمر غير صحيح على الإطلاق، لأنه سيؤدي إلى وجود طفل غير سوي.
ويوضح أن زواج الإنتاج قائم على استمرار العلاقة الزوجية حتى الإنجاب فقط، وبعد تحقيق الهدف تنتهي العلاقة الزوجية، مشيرًا إلى أن زواج الإنتاج يؤدي إلى وجود طفل مشوه من الناحية النفسية.
ويرى فؤاد أن الفتاة التي تبحث أو تؤيد فكرة زواج الإنتاج من أجل الإنجاب فقط، دليل على أنها فتاة غير سوية.
ويقول إن الله - عز وجل - لم يخلق الفتاة قادرة على الإنجاب بمفردها، من أجل الارتباط والرحمة وتماسك المجتمع، والطفل اليتيم سيكون سوي نفسيًا عن الطفل الذي يأتي نتيجة ما يسمى بزواج الإنتاج.
عقد زواج الإنتاج صحيح.. ولكن
ويقول أحد علماء الأزهر الشريف سيد سليمان، إن الزواج القائم على فكرة الإنجاب فقط فاسد، موضحًا أن عقد الزواج في هذه الحالة صحيح، ولكن الشرط فاسد.
ويضيف سليمان، أن زواج الإنتاج أو الزواج المُعلق على شرط معين ليس متواجدًا في الشرع على الإطلاق، وهذا حرام وباطل، ولا يوجد في الشرع ما يُسمى بالزواج المؤقت أو زواج المتعة.
ويشير إلى أن الإنسان من المخلوقات المُكرمة من الله - عز وجل -، وفكرة اشتراط الإنجاب فقط مكن أجل الزواج لا تحتوي على أي نوع من التكريم.
تفكيك المجتمع
ويقول مدير مركز الإرشاد الزوجي بدار الإفتاء المصرية عمرو الورداني، إن هذا النوع من الزواج يقضي تمامًا على مكونات الأسرة، ويصبح الأطفال بين أب وأم هدفهم الإنجاب فقط ويقع الانفصال بينهما، ما يؤدي في النهاية إلى حدوث تفكك في المجتمع.
ويشير مدير مركز الإرشاد الزوجي بدار الإفتاء إلى أن انتشار زواج الإنتاج في المجتمعات ينتج عنه أجيالا كاملة لديها مشكلات وعوار نفسي.
0 تعليق