أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع حصيلة القتلى جراء الاشتباكات العنيفة في مدينة حلب والمناطق المحيطة بها إلى 461 قتيلاً، بينهم أفراد من الجيش السوري، مقاتلون من الفصائل المسلحة، ومدنيون.
وأوضح المرصد في بيانه أن المعارك أسفرت عن استشهاد 23 جنديًا من الجيش السوري خلال اقتحام الفصائل المسلحة للمدينة، في حين قُتل 61 مدنيًا بسبب المواجهات.
من جانبه، أعلن الدفاع المدني السوري مقتل 12 شخصًا وإصابة 23 آخرين جراء قصف استهدف ساحة مستشفى الجامعة في وسط مدينة حلب، مما زاد من حجم المعاناة الإنسانية في المدينة التي تشهد حالة من الفوضى والدمار.
اجتياح الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام
بدأت الأحداث الأخيرة عندما شنت الفصائل المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، هجومًا عنيفًا على قرى وبلدات في محافظة حلب التي تسيطر عليها القوات الحكومية. هذه التطورات تأتي بعد سنوات من استعادة الجيش السوري السيطرة الكاملة على مدينة حلب في أواخر عام 2016 بدعم من روسيا وإيران.
وأشار مصطفى عبد الجابر، أحد قادة الفصائل المسلحة، إلى أن التقدم السريع للفصائل يرجع إلى "قلة عدد المسلحين المدعومين من إيران في المحافظة"، مما سهل تقدم الفصائل واستعادتها مناطق استراتيجية خلال الأيام الماضية.
رد الجيش السوري واستعادة السيطرة على البلدات المفقودة
في المقابل، أعلن الجيش السوري، الأحد، أنه تمكن من استعادة السيطرة على عدد من البلدات التي اجتاحتها الفصائل المسلحة مؤخرًا. ويبدو أن الجيش يعمل على تعزيز قواته في المنطقة لمنع أي تقدم إضافي للفصائل.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد، في تصريحاته الأحد، أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة"، مشددًا على أن "الإرهابيين لا يمثلون الشعب السوري ولا أي مؤسسات، بل يعملون لصالح الأجهزة التي تدعمهم وتشغلهم".
خلفية الصراع في حلب: معركة استراتيجية مستمرة
تعود حلب إلى واجهة الصراع مجددًا، بعد أن كانت ساحة لمعركة حاسمة في 2016 قلبت موازين القوى لصالح الجيش السوري. تمكنت القوات الحكومية حينها من استعادة السيطرة على المدينة بالكامل بعد أشهر من القصف المكثف والحصار الذي أدى إلى انسحاب الفصائل المسلحة.
لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى عودة الصراع مجددًا في هذه المنطقة الاستراتيجية، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة السورية على تثبيت سيطرتها في ظل استمرار التحديات العسكرية والسياسية.
التداعيات الإنسانية وتصاعد معاناة المدنيين
الاشتباكات والقصف في حلب لم تقتصر تداعياتها على القتلى والمصابين فحسب، بل تسببت أيضًا في نزوح عشرات العائلات ودمار واسع في البنية التحتية. مستشفى الجامعة، الذي تعرض للقصف، كان من بين آخر المرافق الصحية العاملة في المنطقة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويجعل تقديم الرعاية الصحية أكثر صعوبة.
مستقبل الصراع في سوريا: تعقيدات داخلية وضغوط خارجية
تشير الأحداث الأخيرة إلى أن الصراع في سوريا لا يزال بعيدًا عن الحل، مع استمرار التوترات بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة المدعومة من قوى إقليمية. ومع تصاعد العمليات العسكرية في حلب، يبقى مستقبل الاستقرار في هذه المنطقة معلقًا على قدرة الأطراف المتصارعة على التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي النزاع المستمر منذ أكثر من عقد.
0 تعليق