هل تحيي زعيمة الحزب الجديدة آمال "المحافظين" في عودة سريعة للسلطة؟ - سعودي فايف

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم هل تحيي زعيمة الحزب الجديدة آمال "المحافظين" في عودة سريعة للسلطة؟ - سعودي فايف

في أول اجتماع لحكومة الظل البريطانية، دخلت زعيمة حزب "المحافظين" الجديدة كيمي بادينوك الغرفة وطلبت مغادرة المستشارين، إذ كانت قائمة المدعوين إلى اللقاء محدودة وأجندة النقاش لم ترسل مسبقاً عبر البريد الإلكتروني كي لا تتسرب للإعلام، كما أن أدواراً مثل نائب رئيس الحزب قد ألغيت، ولم يدع النائب العام المحافظ إلى الاجتماع.

هذه الإجراءات قدمت تصوراً عن طبيعة المرحلة التي يمر بها اليوم التكتل السياسي الأقدم في المملكة المتحدة، فرئيسة الحزب الجديدة تريد أن تكون الاجتماعات مساحات آمنة للنقاش كي لا يضيع الوقت في الدفاع عن نفسها وعن حزبها أمام التسريبات التي تصل لوسائل الإعلام من قبل رفاق لا يبدون تفاؤلاً بالقيادة الجديدة.

ولا تبحث بادينوك عن الخصومة الداخلية، لذلك عينت روبرت جينريك الذي هزمته في سباق زعامة الحزب، على رأس وزارة العدل، كما اختارت منافسة أخرى خاضت ذات الانتخابات هي بريتي باتيل لمنصب وزيرة الخارجية، إلى جانب أخرين عملوا مع سلفها المستقيل ريشي سوناك، ووجوهاً جديدة تخوض عملاً وزارياً لأول مرة.

"البرغوث والفيل"

ونقلت مجلة "ذا سبكتيتر" عن النائب إيان دنكان سميث قوله في الاجتماع الأول لحكومة الظل، "إن المعارضة اليوم صغيرة ولا يمكنها أن تؤثر على الكتلة البرلمانية الكبيرة لحزب العمال الحاكم"، داعياً إلى "اتباع مبدأ البرغوث والفيل في التعامل مع الحكومة وخططها، فالبرغوث لا يمكنه مهاجمة الفيل الضخم ولكن يستطيع إزعاجه".

يبدو سميث محقاً من وجهة نظر المحرر السياسي في موقع "بوليتكس" جوش شيلف، ولكن هذا الإزعاج برأيه لا يكفي "المحافظين" لاسترداد مكانة تضررت بشدة بعد الهزيمة الساحقة التي لحقت به في الانتخابات العامة الأخيرة، كما أن الحزب الأزرق ليس موحداً كي يتاح له حتى الاتفاق على سياسة "برغوث" واضحة المعالم.

ويلفت شيلف في حديث مع "الشرق"، إلى أن الجلسة البرلمانية الأولى التي واجهت فيها بادينوك رئيس الوزراء كير ستارمر لا تبعث على التفاؤل كثيراً حتى بقدرة المعارضة على إزعاج "فيل" العمال، ولكنها على الأقل اختارت بوابة غير مباشرة للإعلان عن ترحيب "المحافظين" بالولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويشير شيلف، إلى أن الحزب الأزرق في المملكة المتحدة لن يدخر جهداً في استغلال العلاقة المتوترة بين "العمال" وإدارة ترمب لإزعاج الحكومة، لكن ضمان دعم رئيس أميركا الجديد لـ"المحافظين" البريطانيين لن يكون سهلاً على بادينوك وفريقها، كما أن أحزاباً مثل "ريفورم" تملك روابط أقوى مع ساكن البيت الأبيض القادم.

إرضاء اليمين

ويمثل فتح أبواب التعامل مع ترمب على مصراعيها، خطوة في طريق استرداد حكومة الظل لليمين الغاضب الذي تخلّى عن "المحافظين" في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهذه المهمة ربما تكون الأصعب اليوم، بحسب عضو الحزب سامنثا سونز، حيث أن هناك عثرات داخلية وخارجية عدة تحد من تطلعات بادينوك في هذا السياق.

ثمة إرث سيء تركه "المحافظون" بعد 14عاماً في السلطة يُصعب عليهم استعادة ثقة الشارع البريطاني عموماً واليمين على وجه الخصوص، بدءاً من فشل تطبيق "بريكست" كما روجوا له منذ عام 2016، ووصولاً إلى قادة تفجرت حولهم الفضائح خلال العامين الماضيين، مروراً بأزمة الهجرة، وتردي الاقتصاد، ومشكلات عدة أخرى.

تقول سونز لـ"الشرق"، إن بادينوك تحتاج لبرنامج عمل يخاطب تيارات اليمين المختلفة ويقنعها بأن العهد الجديد لـ"المحافظين" أكثر التزاماً بتعهداته وأصدق وفاء بوعوده وأنسب التكتلات السياسية للتعبير عن تطلعاتها، مع ملاحظة أن حكومة الظل لا تضم شخصية كاريزمية يعول عليها لذلك سيكون العمل جماعياً.

وتعتقد عضو "المحافظين" أن أحزاب عدة تتنافس على اليمين أولها "ريفورم" الذي يقوده النائب نايجل فاراج ويعد أكبر تحديات بادينوك، فهو شخصية شعبية وجذابة لهذا التيار ومؤثرة على الشارع البريطاني بشكل عام، كما أنه السياسي الأقرب للرئيس الأميركي الجديد في المملكة المتحدة، وفق تعبير سونز.

"حرب فاراج"

حرب النائب فاراج على بادينوك، بدأت فوراً بعد إعلان فوزها في سباق زعامة "المحافظين"، والرصاصة الأولى كانت تذكير البريطانيين بأن الزعيمة الجديدة تنتمي إلى "معسكر البقاء" الذي صوّت لصالح عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي عام 2016، وهذا يضعها مسبقاً على خصومة مع كل من يؤيد "بريكست" حتى اليوم.

ودلل فاراج على تذبذب بادينوك إزاء العلاقة مع الاتحاد الأوروبي من خلال استدعاء رفضها الإعلان عن نيتها الانسحاب من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية في حال تعارضت مع خطط "المحافظين" مستقبلاً لمعالجة أزمة الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين إلى المملكة المتحدة، وهذا برأيه يطعن بجدية ومصداقية "المحافظين" مجدداً.

يقول فاراج في حديث مع راديو "ال بي سي"، إن "هناك حزبان داخل حزب المحافظين اليوم، أحدهما لديه عقلية إصلاحية، وآخر يتمتع بعقلية ليبرالية ديمقراطية، هما متباعدان جداً، وتحاول بادينوك جمعهما بطريقة ما، ولكنها ستكتشف بعد قليل أن الأمر أشبه بمعجزة لن تتحقق طالما بقيت هي على رأس التكتل البالغ من العمر 190 عاماً".   

ولفت زعيم "ريفورم"، إلى أن حزبه استقبل خلال الأيام الأربعة التالية لانتخاب بادينوك أكثر من 1500 عضو جديد ليزيد تعداده عن 95 ألفاً، وهذا برأيه يكفي لتوضيح تأثير الزعيم الجديد للمحافظين على تيارات اليمين في البلاد، ويعد أخباراً "جيدة جداً" لتجمعه الذي يتطلع إلى قيادة الحكومة البريطانية عبر انتخابات عام 2029.

توحيد المحافظين

كبير المحررين السياسيين في صحيفة "الجارديان" بيتر ووكر، يتفق مع فاراج، بأن بادينوك تواجه مهمة صعبة جداً تتمثل في توحيد صفوف المحافظين، خاصة وأنها لم تنتخب كشخصية توافقية بين جميع تيارات الحزب، كما أنها لا تتمتع بالكاريزما التي حظي بها الزعيم السابق بوريس جونسون، وساعدته على كسب الشارع اليميني.  

ويقول ووكر في تحليل لواقع الحزب الأزرق نشره بعد انتخاب بادينوك، إن تشكيلة حكومة الظل بعثت برسالة قوية من الرئيسة الجديدة للنواب "المحافظين" فحواها أن الوحدة هي الهدف الأول لها والركيزة التي يمكن من خلالها إعادة بناء الثقة مع البريطانيين، ولكن هذه الرسالة ستبقى منقوصة التأثير حتى تتضح خطة عمل بادينوك.

وأشار أستاذ السياسة في جامعة "كوين ماري" البريطانية تيم بيل، إلى أن بادينوك تنتمي إلى أقصى اليمين في الحزب ولكن عليها مواجهة اليسار واليمين المتطرف الذي يمثله نايجل فاراج في وقت واحد، وهذه معركة ليست سهلة أبداً بالنسبة لزعيمة حزب مُني قبل أشهر بهزيمة كبيرة ربما هي الأقسى في تاريخه الممتد لنحو 200 عام.

ولفت بيل في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن بادينوك التي تعد أول بريطانية من أصل إفريقي تقود الحزب الأقدم في المملكة المتحدة، وعدت بالعودة إلى الأصول المحافظة للحزب، ولم تتردد بمهاجمة أفكار "التحول الجنسي" والتخلي عن الهوية الوطنية لصالح العولمة، ولكن فرصها بإعادة "المحافظين" إلى السلطة بعد نحو 5 سنوات فقط لا تزال محدودة، ويصعب التكهن بمدى نجاعة قيادتها وجدوى خططها على الفور.

ويشير أستاذ السياسة في جامعة "كوين ماري" إلى أن حزب المحافظين لا يزال الممثل الأبرز لليمين في بريطانيا، والمد اليميني الذي تشهده أوروبا، وتعزز عالمياً بعودة ترمب إلى البيت الأبيض، يمكن أن يشكل فرصة كبيرة لبادينوك من أجل حشد البريطانيين خلف حزبها مجدداً شرط أن توحد الصفوف، وتقنع نواب الحزب الأزرق بالوقوف وراءها كزعيم يحظى بقبولهم وبتأييد القاعدة الشعبية المكونة من 170 ألف عضو.

تمثل بادينوك الزعامة النسائية الرابعة للحزب الأزرق بعد مارجريت تاتشر التي ترأسته بين 1978و1990، ثم تيريزا ماي بين 2016 و2019، يليها ليز تراس 45 يوماً عام 2022، وتحلم بادينوك بقيادة المحافظين نحو الفوز في انتخابات 2029 لتسجل إنجازاً يذكر البريطانيين بتاريخ المرأة الحديدية.

وإذا كانت تاتشر قد وظفت دراستها للكيمياء لتركيب وصفات سياسية ناجحة لحزبها حينها، فإن بادينوك تعتقد أن هندسة الحاسوب التي درستها هي أداتها السحرية لتحقيق حلمها كما قالت في المؤتمر السنوي الأخير للحزب بمدينة برمنجهام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق