حزم الفلسطيني همام أبومنير حقائبه وأسرته، ورحل عن حي الشجاعية (شرق مدينة غزة)، في رحلة نزوح ليست الأولى منذ بدء الحرب.

أبومنير، وهو صحفي من سكان الشجاعية في قطاع غزة، نزح من حيه في يونيو/حزيران الماضي، حين اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي الحي ودارت حينها اشتباكات مُسلحة طاحنة بينها وبين مسلحي حركة حماس.

ولما انسحبت القوات الإسرائيلية من الحي في يوليو/تموز، عاد أبومنير ليجد منزله الواقع في منطقة التركمان الجنوبية، وقد دُمر جزئيا، لكنه تأقلم على العيش فيه، فرارا من خيام النازحين.

الأسبوع الماضي، بدأ نزوح سكان حي الشجاعية مُجددا، مع إعلان الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة للأهالي، بالتزامن مع القصف الجوي والمدفعي المكثف على مناطق الشمال في "بيت لاهيا" و "جباليا".

وقال الجيش الإسرائيلي إن حي الشجاعية "منطقة قتال خطيرة يجب إخلاؤها".

وقال أبومنير، في حديث عبر الهاتف مع "العين الإخبارية": "يبدو أن الشجاعية ستلحق بالشمال، وسيتم تدمير الحي بالكامل. قررت النزوح مجددا قبل فرض حصار مُحكم حول الحي مثل ما يحدث في جباليا".

ويتحدث همام أبومنير بثقة عن أن حيه سيسُوى بالأرض، وقال: "نحن هنا في غزة نعرف ما ينتظرنا. هناك طريق جديد تم تمهيده بين مستوطنة ناحل عوز وأطراف الحي. تلك الطرق تكون بداية دمار غير مسبوق للأحياء في غزة".

الحي المُدمر أصلا جراء اشتباكات يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، لا يضم إلا قليلا من المنازل القائمة، وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة حماس حينها، أن الدمار لحق "بأكثر من 300 وحدة سكنية، وأكثر من مئة محل تجاري" في الحي.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد قالت إن القوات الإسرائيلية وسعت خلال الأشهر الأخيرة من وجودها في وسط غزة، حيث قامت ببناء وتحصين قواعد عسكرية وهدم المباني الفلسطينية، في إشارة إلى أن "إسرائيل تستعد لممارسة سيطرة طويلة الأمد على المنطقة".

الأرض المحروقة

وقال الخبير الاستراتيجي المصري اللواء أركان حرب سمير فرج، في حديث لـ "العين الإخبارية"، إن ما حدث من تدمير في شمال غزة، كان بمثابة مرحلة أولى.

وأضاف: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي يُجهز مرحلة ثانية مماثلة في وسط غزة، خصوصا في الأحياء الشرقية، ومنها حي الشجاعية، كونها مُلاصقة لحدود القطاع مع مستوطنات الغلاف".

وأوضح أن قتال الجيوش في المناطق السكنية دائما يكون صعبا، لذلك يقوم الجيش الإسرائيلي بهدم كل البنايات، كي تكون ساحة القتال مُمهدة أمام القوات، مضيفا: "أتوقع أن يهدم الجيش الإسرائيلي حي الشجاعية، في إطار سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها في غزة".