عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم منطق التاجر لا السياسي - سعودي فايف
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
أول شيء سيكون على الرئيس دونالد ترمب أن يتعامل معه ليُرينا فيه شطارته هو الحرب الروسية الأوكرانية.
فهو طوال فترة ترشحه كان يقول إنه ليس فقط قادراً على وقفها عندما يفوز، وإنما كان يقول إنه لو كان في البيت الأبيض يوم اشتعالها في ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ ما كانت قد قامت من الأصل.
وكنا نسمعه ونسكت لأنه لم يكن في البيت الأبيض يوم اشتعالها، ولأن قدرته على وقفها متوقفة على فوزه في السباق الرئاسي الأمريكي.. وهو الآن قد فاز، ومن هنا إلى العشرين من يناير عندما يتولى السلطة رسمياً، سيكون عليه أن يعمل على ما كان قد وعد به، لأنه منذ اليوم التالي لدخوله مكتبه سيكون مدعواً الى الوفاء بما قطعه على نفسه من وعود أمام الرأي العام في العالم وأمام حكومات العالم على السواء.
ولكن السؤال هو عما إذا كان وقف مثل هذه الحرب مسألة سهلة، أم أنه سيجدها أصعب مما كان يتصورها؟
فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال منذ الإعلان عن فوز ترمب، أنه.. أي زيلينسكي.. يريد التوصل الى سلام عادل بينه وبين الجارة روسيا، ولكنه بالطبع لم يشرح لنا ماذا بالضبط يقصد بالسلام العادل، وماذا يعني هذا السلام العادل عنده؟
هل سيقبل مثلاً أن تحتفظ روسيا بالمناطق الأربع التي استولت عليها بعد قيام الحرب وأجرت فيها استفتاءً وضمتها إلى أرضها؟ وهل سيقبل بأن تظل منطقة القرم ضمن الأراضي الروسية؟.. هذان سؤالان حاسمان في مسألة وقف الحرب بالنسبة للأوكرانيين.
ورغم ما قيل قبل الانتخابات عن رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أن يفوز ترمب لا هاريس، إلا أنه تعامل مع فوز مرشح الجمهوريين بتحفظ وحذر، فكان كل ما قاله إنه سعيد بسقوط الديمقراطيين، وأنه منفتح على حوار، وأنه لن يبادر بشيء في هذا الاتجاه.
فهل سيقبل هو التنازل عن القرم مثلاً؟ وهل سيعيد المناطق الأربعة إلى الأوكرانيين؟ وهل سيكون في مقدوره أن يتناول مثل هذا الدواء المر؟.. هذه كلها تساؤلات بلا أجوبة، كما أن الإجابة عليها تبدو صعبة للغاية.
ثم ماذا عن موقف الأوروبيين الذين ظلوا منذ بدء الحرب يستثمرون فيها؟.. هل سيكونون على استعداد للتفريط في مثل هذا الاستثمار الذي كلفهم الكثير بل الكثير جداً؟.. إن أوروبا تبدو قلقة متوجسة منذ فوز ترمب، وهي تعرف أن تجربتها معه في رئاسته الأولى قبل أربع سنوات ليست جيدة، وتعرف أنه كان يتعامل معها بمنطق التاجر ورجل الأعمال، لا بمنطق السياسي الذي يقيس الأمور من زاوية سياسية لا زاوية عملية نفعية، ولا بد أنه سيجد نفسه في حاجة إلى مراجعة هذا المنطق في ولايته الجديدة.
سيجد ترمب أنه أمام أطراف ثلاثة في الحرب، وسيجد أن عليه أن يُرضي الأطراف الثلاثة أو يوفق بينها على الأقل إذا شاء وقف الحرب، ولا بد أن هذه مهمة مستحيلة أو كالمستحيلة، لأن التوفيق بين الأطراف الثلاثة هو توفيق بين أضداد، ولكنه هو الذي بادر وتعهد، وهو الذي سيكون عليه أن يفي بما وعد، وأن يُرينا على شطارته في هذا الملف بالذات.
0 تعليق