استعرض خبراء معهد التخطيط القومى، الذراع البحثية لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، في جهود دعم التنمية المستدامة في صعيد مصر، لافتًا إلى تطبيق نموذج تنموي استرشادي لتعزيز الموارد الذاتية في المحافظات، مستهدفًا محافظتي سوهاج وقنا.
وأثمر البرنامج عن زيادة ملحوظة في الإيرادات المحلية للمحافظتين، ما أتاح تمويل عدد من المشروعات الاستثمارية من مخصصات الموارد الذاتية، حيث ساهمت هذه الموارد في دعم الاستثمارات وتقليل الاعتماد على التمويل المركزي.
برنامج تنمية الصعيد
وحققت محافظة قنا قفزة ملحوظة، حيث ارتفعت مساهمة الموارد الذاتية في الخطة الاستثمارية من 4.21 مليون جنيه في 2021 إلى 26 مليون جنيه خلال عامين فقط، مما يشير إلى نجاح البرنامج في تعزيز القدرات المحلية.
مبادرة "حياة كريمة" ودعم الاقتصاد المحلي
ساهمت مبادرة "حياة كريمة" بدورها في تعزيز الاقتصاد المحلي عبر مشروعات تلبي احتياجات المجتمع وتساعد في زيادة الموارد الذاتية للوحدات المحلية، وشملت هذه المشروعات إنشاء أسواق ومواقف للنقل الجماعي، مما يسهم في تسويق منتجات الريف المصري وتسهيل الوصول إلى مناطق الإنتاج، حيث تهدف المبادرة إلى بناء اقتصاد محلي قوي ومستدام يُمكّن الوحدات المحلية من الاعتماد على ذاتها في تمويل خططها التنموية.
معالجة قصور التخطيط المحلي
ضمن برنامج التنمية المحلية، تم تطوير عدة نماذج تخطيطية تساهم في تحسين عملية التخطيط على المستوى المحلي. من بين هذه النماذج:
- نموذج ترتيب الأولويات لتوجيه الاستثمارات المركزية.
- نموذج بطاقة الوصف الذي يشمل البيانات الأساسية لكل مشروع.
- نموذج دراسة الجدوى الاجتماعية والاقتصادية للمشروعات ذات التمويل الكبير.
السقف التمويلي والمعادلة التمويلية لتحقيق العدالة
تماشيًا مع قانون التخطيط رقم 18 لسنة 2020، تم وضع سقف تمويلي لكل محافظة، وجرى تطبيق هذا النظام لأول مرة في سوهاج وقنا في العام المالي 2019/2020. وهدفت هذه الخطوة إلى توزيع الموارد بشكل عادل عبر الوحدات المحلية بناءً على عدد السكان، مع تخصيص 40% من التمويل للمشروعات المشتركة عبر الديوان العام و60% للمديريات والمراكز، مما يضمن توجيه التمويل بشكل يتناسب مع احتياجات كل منطقة.
"حياة كريمة" وإشراك المجتمع المحلي في التنمية
يعتبر برنامج "حياة كريمة" نموذجًا رائدًا في إشراك المجتمع المحلي، حيث تم تشكيل لجان مجتمعية في كل قرية تضم ممثلي الفئات المختلفة من الشباب والمرأة وقيادات المجتمع الأهلي، وتلعب هذه اللجان دورًا محوريًا في تحديد المشروعات التنموية التي تحتاجها القرى والمساهمة في متابعة التنفيذ وحل العقبات.
كما أنشأ البرنامج وحدات تنمية متكاملة في 332 وحدة محلية بواقع 52 مركزًا، حيث تضم هذه الوحدات ممثلين من المجتمع المحلي للمشاركة في اختيار المشروعات ومتابعتها، مما يعزز من فعالية البرنامج ويعكس الاحتياجات الفعلية للمجتمعات المحلية.
استدامة الموارد وتخطيط المستقبل
تعمل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية حاليًا على تحسين قدرات الهياكل التنظيمية والإطار المؤسسي لدعم التنمية المستدامة في المحافظات، وقد تم إطلاق منصة إلكترونية لتنظيم الشركات التنموية المحلية، وإعداد استراتيجية وطنية لدعم الشركات المحلية، بما يسهم في تنمية الموارد الذاتية بشكل متكامل.
تشير هذه التدخلات إلى التزام الحكومة المصرية بتطوير بنية تحتية اقتصادية مستدامة في صعيد مصر، حيث تسعى لتحويل الوحدات المحلية إلى جهات تنموية تعتمد على مواردها الذاتية لضمان استدامة التنمية في المستقبل.
0 تعليق