هل لا زال اتفاق سلام جوبا ساريا بعد 4 سنوات من إقراره؟ قانونيون وموقعون عليه يجيبون - سعودي فايف

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم هل لا زال اتفاق سلام جوبا ساريا بعد 4 سنوات من إقراره؟ قانونيون وموقعون عليه يجيبون - سعودي فايف

سمر إبراهيم
نشر في: الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 2:06 م | آخر تحديث: الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 2:20 م

مرّ أكثر من أربع سنوات على توقيع اتفاق "سلام جوبا" بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة عام 2020، برعاية جنوب السودان، بحضور عدد من الشهود الدوليين والإقليميين من بينها "مصر، قطر، الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي" بالإضافة إلى دول الترويكا وجامعة الدول العربية، فيما كان لكل من دولتي "تشاد، والإمارات" دور الضامن للاتفاق.

وبعد توقيع الاتفاق، تم تعديل الوثيقة الدستورية التي كانت تحكم البلاد منذ أغسطس 2019 بين المكونين العسكري والمدني، لتتضمن التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي السوداني، حيث تم تمديد الفترة الانتقالية لتبدأ من تاريخ التوقيع النهائي على اتفاق السلام وتستمر لمدة 39 شهرا، وقد تضمن الاتفاق تعديل هيكل السلطة، حيث تم تعيين ثلاثة أعضاء من أطراف العملية السلمية في مجلس السيادة، وتعيين وزراء من الحركات المسلحة في ثلاث وزارات مختلفة في الحكومة الثانية للدكتور عبدالله حمدوك، آنذاك، بالإضافة إلى تعيين مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور.

وفي فبراير 2023، استضافت حكومة جنوب السودان جلسات لتقييم تنفيذ الاتفاق، بمشاركة وفود من السودان والدول الضامنة، حيث تم تحديث المصفوفة الخاصة بالاتفاق، ورغم هذه الجهود، فإن الاتفاق السياسي لم يكن خالياً من التحديات، حيث شهدت البلاد بعد شهور من توقيع تلك المصفوفة المُحدثة توترات سياسية وصراع مسلح أسفر عن تأجيل تنفيذ بعض بنود الاتفاق، مما دفع المراقبون للمشهد السياسي السوداني بعد أكثر من عام ونصف من اندلاع الحرب في السودان إلى إعادة النظر في جدوى الاتفاق في ظل المتغيرات الحالية، لاسيما في ظل تجاوز الفترة الانتقالية المحددة في الوثيقة الدستورية وبلغوها أكثر من 48 شهرا، ونشوب حرب أكبر من التي سبقتها، ليبقى السؤال الأبرز "هل يمكن للاتفاق أن يصمد في ظل هذه المعطيات الراهنة؟ وهل لا يزال بإمكانه أن يكون أساسًا لحل شامل للأزمة السودانية؟".

واستطلعت "الشروق" أراء عدد من الخبراء القانونيين والموقعين على الاتفاق، والذين أكدوا أن الاتفاق يواجه تحديات كبيرة، وأنه قد انتهى تأثيره السياسي لاسيما مع مرور أكثر من 48 شهراً على توقيعه، مع ضرورة إعادة تقييم الوثيقة الدستورية لتناسب الظروف الراهنة.

* الوضع القانوني والسياسي للوثيقة الدستورية

رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية السوداني الدكتور جبريل إبراهيم، يرى أن الوثيقة الدستورية هي جزء من الإطار الحاكم في السودان، ولكن مع التطورات التي شهدتها البلاد منذ توقيعها وحتى الوقت الراهن بما في ذلك الصراع القائم مع مليشيا الدعم السريع والانقسامات السياسية، يمكن القول إن الوثيقة أصبحت محل نقاش.

وأضاف إبراهيم لـ "الشروق": لا نرى أنه تم إلغاء الوثيقة الدستورية بشكلٍ صريح، لكن الظروف الراهنة أجبرت الجميع على إعادة النظر في بعض بنودها، فالمرحلة الحالية التي تتطلب مرونة وتوافقاً وطنياً حقيقياً، والهدف الأساسي الآن هو الحفاظ على الدولة، وعلينا أن نتعامل مع الوثيقة بما يخدم مصلحة السودان وتماسكه.

من جهته، قال القيادي بمسار الشرق باتفاق سلام جوبا أسامة سعيد، أن الوثيقة الدستورية هي الحاكمة للفترة الانتقالية، وفي 25 أكتوبر 2021 أصدر رئيس مجلس السيادة منفردا قرار يتعلق ببعض من بنود الوثيقة وهي المواد التي تتعلق بتكوين مجلس السيادة وصلاحياته، ومجلس الوزراء وتشكيله وصلاحياته، وتشكيل المجلس التشريعي وكيفية المشاركة به وكذلك مرجعية الوثيقة بصفتها الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين المدنيين والعسكريين، وبتعليقها تصبح الوثيقة الدستورية ليس لديها أي مرجعية.

وتابع: "من الناحية القانونية تعتبر الوثيقة الدستورية بهذا التعليق هي وثيقة لاغية، ولا توجد وثيقة دستورية في السودان"، معتبرا أن "جميع الإجراءات من الناحية القانونية والدستورية التي أعقبت هذا التعليق للمواد تُعد لاغية وغير دستورية".

أما عضو اللجنة القانونية للحرية والتغيير والذي شارك في اعداد وصياغة الوثيقة الدستورية، ساطع الحاج، قال إنه منذ 25 أكتوبر 2021 فقدت الوثيقة صلاحيتها في تنظيم وحكم الفترة الانتقالية، قائلاً: "السودان يسير الآن بلا دستور"، على حد تعبيره.

بينما يرى الخبير القانوني الدكتور نبيل أديب، أن الوثيقة الدستورية لا تزال سارية، رغم قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بتجميد بعض مواد الوثيقة في 25 أكتوبر 2021، علماً بأنه لم يُلغَ كل شيء في الوثيقة، بل تم تجميد بعض المواد بها فقط.

وأضاف أديب لـ "الشروق" فيما يتعلق بالوضع الراهن قانونياً، فإن السلطة القائمة في السودان لم تُقرر إلغاء الوثيقة الدستورية، ومن ثم هي ما زالت سارية في مجملها، ولكن مع تجميد بعض المواد التي تخص الطرف المدني "الحرية والتغيير".

من جهته، يرى مساعد القائد العام للجيش السوداني عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا، أن الدستور إما باستفتاء الشعب، أو بإجازة البرلمان المنتخب من الشعب، والوثيقة كانت اتفاقا بين طرفين من العسكريين والمدنيين، والطرف المدنى تمرد على الدولة ودعم وساند وقاتل مع غزاة أجانب، فأى وثيقة وأى دستور؟! وذلك حسب ما صرح سابقاً لـ "الشروق" خلال حوار تم إجراءه في أكتوبر الماضي.

* جدل بشأن المشاركة السياسية لممثلي الحركات المسلحة بعد تجاوز مدة الـ 39 شهرا

في الثالث من أكتوبر 2020، تم توقيع الاتفاق النهائي، وتعديل الوثيقة الدستورية وتمديد الفترة الانتقالية لتبدأ من تاريخ التوقيع النهائي على اتفاق السلام وتستمر لمدة 39 شهرا، وهي مدة المشاركة السياسية لممثلي الحركات الموقعة على الاتفاق في عدد من المناصب الرسمية، وبحلول الشهر الحالي تكون المدة قد تجاوزت الـ 48 شهرا، فهل لا تزال تلك المشاركة قانونية؟

الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة، أحد أبرز الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، قال بالتأكيد اتفاق السلام كان محددا بفترة انتقالية قدرها 39 شهرا، ولكن التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدها السودان لاسيما مع الحرب ضد مليشيا الدعم السريع، أدت إلى تأخير تنفيذ الكثير من بنود الاتفاق.

وأضاف إبراهيم لـ"الشروق" نحن لا نزال ملتزمين بالاتفاق ونعتبره أساسا مهما لبناء السلام، لكننا ندرك أن هناك حاجة لإعادة تقييم الجدول الزمني وتنفيذ بنود الاتفاق بناءً على الظروف الراهنة، مؤكداً أن الهدف الرئيسي هو استقرار البلاد وإنهاء الصراع، وبعد ذلك يمكننا العودة لتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

فيما قال الدكتور الهادي إدريس رئيس حركة جيش تحرير السودان - المجلس الانتقالي، عضو مجلس السيادة السابق الذي قام الفريق البرهان باعفاءه من منصبه في نوفمبر من العام الماضي، إن الجانب السياسي من الاتفاق انتهي أجله، مالم تجتمع جميع الأطراف الموقعة بحضور لجنة الوساطة الجنوبية لتمدد أجل الاتفاق بشأن هذا الجانب السياسي، وبالطبع هذا لم يحدث حتى الأن، ومن ثم الاتفاق لاسيما البرتوكول السياسي به انتهى، ولا يوجد شئ اسمه "اتفاق سلام جوبا" من ناحية سياسية.

وأضاف إدريس لـ"الشروق" لكن القضايا الآخري المتعلقة بحقوق الشعوب خاصة الموضوعات المتعلقة بالثروة وغيرها من القضايا الانسانية التي تعالج قضايا التهميش واختلالات التنمية في الاتفاق، لا تزال سارية المفعول.

وأوضح إدريس أنه من الناحية العملية لا أرى في اتفاق الآن، هذا بالإضافة إلى أن جزء من أطراف اتفاق جوبا أصبحوا جزء من الحرب.

بينما قال القيادي بمسار الشرق باتفاق سلام جوبا أسامة سعيد، أن الآجل القانوني والدستوري للفترة الانتقالية انتهى، فبالتالي المشاركة السياسية لأطراف السلام في الفترة الانتقالية انتهت وليس لديها أي مشروعية.

يعود الخبير القانوني الدكتور نبيل أديب ليقول إن الاتفاق ليست مدته 39 شهرا، ولكن تم تعديل مدة الفترة الانتقالية حتى تكون 39 شهرا، والأمر متعلق بالفترة الانتقالية وليس بالاتفاق، مشيراً إلى ان اتفاق سلام جوبا حدد قضايا يجب تنفيذها بعضها تم بالفعل والبعض الآخر لا زال قيد التنفيذ، ولكن الفترة الانتقالية حسب الوثيقة وحسب تعديلها عام 2020 أصبحت 39 شهر، وبالتحديد أجهزة السلطة المكونة بواسطة الوثيقة والمعدل زمن سريانها بواسطة اتفاقية سلام جوبا، وحتى هذه اللحظة لم تنتهي الفترة الانتقالية لأنها لا تنتهي بالزمن فقط، بل باحلال الانتخابات العامة وإحلال الدستور الدائم محل الوثيقة الدستورية.

أما عضو اللجنة القانونية للحرية والتغيير الذي شارك في اعداد وصياغة الوثيقة الدستورية، ساطع الحاج، يقول إ اتفاق سلام جوبا سقط مع سقوط الوثيقة الدستورية، ولم يعد له أي تأثير، فضلاً عن أن المدة المتفق عليها في الاتفاق قد انقضت، مضيفاً أنه منذ يوم 25 أكتوبر 2021، لا يمكن استثناء بنود ونترك بنود آخرى، فهذا يُعد تلاعب لفظي.

وأضاف الحاج لـ "الشروق" أن هذا الاتفاق مستمد قوته من وجوده داخل الدستور في فصل كامل، وإذا كان الدستور تم الغاؤه فأصبح وجوده ملغى بالتبعيه.

أما مساعد القائد العام للجيش السوداني عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا، قال أن مشاركة أطراف السلام قانونية وصحيحة، ومدة الـ 39 شهرًا لدمج قواتهم، وبعد ذلك انتخابات لكن المشاركة تظل مستمرة حتى الانتخابات - وذلك حسب ما صرح سابقاً لـ "الشروق" في حوار خاص تم إجراءه في أكتوبر الماضي.

* السقف الزمني للفترة الانتقالية

قال الخبير القانوني الدكتور نبيل أديب، أن الفترة الانتقالية ليست مفتوحة المدة بالطبع، وفي رأيي يجب أن يتم تعديل الدستور، وفي حال انتهاء التمرد على الدولة وانتهاء الحرب، فأن أول واجبات المجتمع السياسي السوداني هو أن يقوم بتعديل الوثيقة فيما يتعلق بالمواد التي تتحدث عن قوى الحرية والتغيير والسلطات الحاكمة غير الموجودة الأن مثل السلطة التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء والمجلس التشريعي، مشدداً أن أولى الواجبات الملقاة على عاتق القوى السياسية هو التوصل لتعديل الوثيقة الدستورية لإستكمال هياكل الحكم في السودان.

وأكد أديب لـ "الشروق" أن الفترة الانتقالية سارية لحين إجراء الانتخابات العامة واصدار الدستور الدائم.

* صلاحيات البرهان في عزل أعضاء مجلس السيادة من الموقعين على اتفاق السلام

قال الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، إنه في ظل الأوضاع الراهنة والحرب التي تخوضها الدولة ضد مليشيا الدعم السريع، نرى أن الأوضاع الاستثنائية تتطلب قرارات استثنائية، وإن اتخاذ قرارات مثل إعفاء أعضاء مجلس السيادة الذين انحازوا بوضوح إلى صف المليشيا ليس مسألة اختيار، بل ضرورة لحماية الدولة ووحدتها، مضيفاً لقد رأينا بالفعل كيف انخرط بعض أعضاء السيادة في دعم هذه المليشيا المتمردة، مما يهدد بتقويض استقرار السودان ويشكل خروجاً صريحاً عن الالتزامات التي وقعوها ضمن اتفاق السلام.

فيما يرى الدكتور الهادي إدريس رئيس حركة جيش تحرير السودان - المجلس الانتقالي، عضو مجلس السيادة السابق الذي قام الفريق البرهان باعفاءه في نوفمبر العام الماضي، أن تلك الاتهامات غير صحيحة، قائلاً: "ما لم أصرح بنفسي وأقول أنا جزء من الحرب لايمكن فرض ذلك على شخصي"، مضيفاً: "وعندما أقول أن هناك من يشارك بالحرب من أطراف اتفاق السلام لأنهم أعلنوا بأنفسهم المشاركة بها" ولازلت ملتزم بموقف الحياد.

فيما قال الخبير القانوني الدكتور نبيل أديب، أن عضوي مجلس السيادة اللذين تمت اقالتهم منذ عام تمردوا على الدولة، ومن حيث الواقع ليس لديهم وجود في مجلس السيادة، والقرار الذي أصدره الفريق البرهان هو إقرار لواقع موجود لأشخاص تمردت وحملت السلاح.

وحاولت "الشروق" استطلاع أراء لجنة الوساطة الجنوبية، ورئيس حركة جيش تحرير السودان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بصفته موقعاً على اتفاق السلام، ولكن تعذر الوصول إليهما.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق