إفيه يكتبه روبير الفارس: "القوم القوم"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ملفات خاصة

الإثنين 11/نوفمبر/2024 - 07:02 م

البوابة نيوز
google news

هذه المرة لن نسقط أفكارًا من واقعنا البائس على إحدى شخصيات فيلم "عنتر بن شداد" الذي تناولناه وناقشناه في المقالات السابقة، اليوم نلتقط الجماهير الغفيرة العريضة، المجاميع الكثيرة الذين يُعرفون بالكومبارس، ولكن ما هي أهمية الكومبارس الذين لا نعرف حتى أسمائهم؟ هؤلاء الكومبارس هم "القوم"، أبطال حياتنا رغمًا عنا؛ هم الذين نعمل  حسابهم، وقد لا نأخذ أنفسنا إلا برضاهم وبركتهم، ونتحصن بأجمعهم ونتباهى بكثرتهم "القوم" في الفيلم وفي الحياة أعداء لأهم وأعظم وأجمل ما في الحياة.

أولًا، هم أعداء الحب يظهر ذلك في المشاهد الأولى من الفيلم حيث تغني عبلة "الفنانة كوكا" لعنتر "الفنان فريد شوقي" كلمات خطيرة تقول فيها: "سر جعلته بيني وبينك، قدام أهلي وناسي أهينك، أما يا روحي وضياء عيوني، قلبي وعقلي ملك إيديك" ولعلها أول أغنية تعبر عن مبدأ التقية  وإظهار عكس الباطن هكذا يقبل القوم الإهانة العلنية لكنهم لا يقبلون الحب وانظر حولك جيدًا تجد أن السب والشتائم مقبولة في المواصلات والشوارع وعلى صفحات السوشيال ميديا وهناك قوم عملهم هو حماية الكراهية والبغض في الله للمختلف دينيًا ومذهبيًا. هذه الكراهية المقدسة مصونة ومكرمة ومحروسة لكن الحب مرفوض ومذموم، وتهمة قد تبدأ بالتنازل  واللاطائفية وقد تنتهي بالفعل الفاضح.

العدو الثاني "للقوم" في فيلم "عنتر" هو الحقيقة يخاف "شداد"، الذي يعرف جيدًا أن "عنتر" ابنه، أن يعلن هذه الحقيقة حتى لا يحتقره قومه وتهتز مكانته القوم ضد الحقيقة؛ يكرهون الحقيقة كراهيتهم للحب وهكذا تجد عبارات مثل "أن قول الحق لم يجعل لي أصدقاء" و"سوق الأكاذيب هو المتجر الأكثر ربحًا" تعبر بصدق عن ما نحياه فالقوم يحمون بالأكاذيب أفكارهم وأصنامهم وزعماءهم وشيوخهم وبطاركتهم وتاريخهم المزيف وعندما تعرض عليهم قليلًا من نور الحقائق، يقوم "القوم" عليك ويأكلونك "حيًا" صارخين: "كيف تهين آلهتنا؟" تقدم وقائع ينكرونها، وثائق يكذبونها، معارف يجحدونها وفي سبيل الحصول على رضا القوم تعمل على تجهيلهم وتسمي جهلهم "بساطة" ومع الأيام تغذي هذا الجهل بإخفاء الحقائق حتى يتوحش جهلهم ويصبح قائدك، فتُعجز عن مواجهتهم خوفًا من أنيابهم إنها أمر وأقسى وأفسد لعبة يلهو بها ومعها القوم وإذا أردت أن تجرب، اطرح على الناصريين والشعراويين والشنوديين سؤالًا حول سلبيات رموزهم.

ولتكتمل الثلاثية المرعبة للقوم، فإن عدوهم الثالث هو "الحرية" ففي الفيلم، ما الذي يضير القوم أن يصبح عنتر حرًا؟ الكل يريد الحرية على مقاسه الخاص، والقوم هم الذين يضعون مقاييس حرية فكرك وتعبيرك، بل وحتى صفحتك وبوستاتك وتدويناتك؛ يريدون أن تعبر فيها عن عقولهم وأفكارهم هم، يريدون حريتهم لا حريتك. يريدونك خانعًا خاضعًا لهم، رافضًا للحب مثلهم، كارهًا للحقائق فالقوم لم يكتفوا بالأديان، بل وضعوا فوقها أكوامًا من "العرف والتقاليد" التي صارت أديانًا فوق الأديان، ومواريث من القيود التي تكبل حياتنا، القوم في الفيلم حاضرون، كثيرون، قد لا تراهم، فهم لا يسرقون الكاميرا لكنهم يحركون كل الأحداث، ولا يفوز عنتر بحب عبلة إلا بالانتصار عليهم ومواجهتهم بقوة الحقيقة وانتزاع الحرية.

إفيه قبل الوداع:

أيتها الجماهير العريضة، أيتها الجماهير العريضة

على جنب يا أسطى

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق