عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم واقع عسكري إسرائيلي جديد يفرض "غزة مُقسّمة" - سعودي فايف
على امتداد 400 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة، تداولت مصادر إسرائيلية رسمية وغير رسمية معلومات وخرائط توضح أماكن التواجد العسكري الإسرائيلي ومحاوره والتي تتسع رقعتها على امتداد القطاع، حتى بات تعدادها ثلاثة محاور عسكرية في شمال ووسط وجنوب غزة، وخمس معابر إسرائيلية تتراوح استخداماتها لأغراض إنسانية وعسكرية.
ويعكس ما سبق، تغيّراً جغرافياً أحدثته قوة السلاح الإسرائيلي والتهجير القسري للسكان الفلسطينيين، ويؤكد إعادة احتلال جزئي للقطاع وفرض واقع عسكري جديد يبتلع فيه نحو ثلث مساحته.
وبدأت عملية إعادة الاحتلال واقتضام مساحات من الحدود الشرقية والشمالية للقطاع في نوفمبر من العام الماضي، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي إنشاء "منطقة أمنية عازلة" لدواعي أمنية لمنع التهديدات المستقبلية، ووفق التقديرات يتراوح امتداد هذه المنطقة لعمق كيلومتر واحد داخل القطاع، وفي حينه عارضت الولايات المتحدة صراحة إنشاء منطقة عازلة في غزة، قائلة إنه "لا ينبغي أن يكون هناك تغيير دائم في الأراضي الفلسطينية".
التغيير الذي رفضته واشنطن، بات أمراً واقعاً، حيث أظهرت خريطة غير رسمية تستند إلى تحديثات عسكرية إسرائيلية تم تداولها مؤخراً عبر منصات "بن صهيون مكلس العبرية"، محوراً عسكرياً جديداً شمالي القطاع ملاصقاً لمناطق العمليات العسكرية الحالية في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا وسُمّي بـ"محور مفلاسيم"، إضافة إلى محورَي "نتساريم" و"فيلادلفيا"، وخمسة معابر إسرائيلية مع القطاع هي: "معبرَي إيرز الشرقي والغربي، والمعبر 96، ومعبر كيسوفيم، ومعبر كرم أبو سالم".
المحور الجديد، والذي بدأ الجيش الإسرائيلي أعمال إنشائه مع بدء العملية العسكرية في شمال القطاع منذ الخامس من أكتوبر الماضي، سُمّي بمحور مفلاسيم نسبة إلى مستوطنة مفلاسيم المحاذية له شرقاً في غلاف غزة.
وجاء إنشاؤه بعد الترويج لـ"خطة الجنرالات" الهادفة إلى إفراغ شمال القطاع من سكانه والسيطرة العسكرية عليه، وبينما تم نفي تطبيق خطة الجنرالات مرات عدّة سابقاً، إلا أن إسرائيل اعترفت مؤخراً بتنفيذ بعض أجزاء هذه الخطة، بينما يؤكد الواقع العسكري شمال القطاع تنفيذها، حيث كشفت هيئة البث الإسرائيلية، الخميس الماضي، أن الجيش الإسرائيلي يعمل على فصْل شمال القطاع عن مدينة غزة، ولا يعتزم السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في الشمال.
ومع بداية العملية العسكرية في منطقة الشمال، بلغ تعداد من تبقّى من السكان فيها نحو 100 ألف مواطن، ومع مرور أكثر من شهر على الحرب، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن من تبقّى من السكان "بين ألف و3 آلاف في بيت لاهيا، ونحو ألف في جباليا"، وكان تعداد السكان قبل السابع من أكتوبر في محافظات شمال القطاع نحو 400 ألف فلسطيني.
محورا مفلاسيم ونتساريم
عملية توسيع محور مفلاسيم، ترتبط بعمليات هدم ونسفٍ واسعة يقوم بها الجيش الإسرائيلي في منطقة العملية العسكرية في جباليا وبيت لاهيا، وفي عمليات النسف أيضاً التي طالت شمال مدينة غزة الملاصقة لمحور مفلاسيم وأوامر التهجير القسري لسكان أحياء "النصر، وعباد الرحمن، ومدينة العودة والكرامة"، للقيام بعمليات عسكرية واسعة وضم المزيد من الأراضي لهذا المحور.
ومع ترسيخ وجود محور مفلاسيم العسكري، فإن إمكانية فصل شمال القطاع عن مدينة غزة باتت واقعاً، ويضم شمال القطاع معبرين إسرائيليين هما إيرز الشرقي الذي توقَّف العمل به منذ السابع من أكتوبر 2023، بعد أن شهد هجوماً للمقاتلين الفلسطينين، وجرى استحداث معبر إيرز الغربي في مايو الماضي بالقرب من موقع زيكيم العسكري في شمال غربي القطاع خلال الحرب، حيث يُستخدم لإدخال المساعدات الإنسانية المحدودة موجهاً إياها نحو مدينة غزة.
أما محور نتساريم العسكري الأول في القطاع، والذي أضحى قاعدة عسكرية بعد عمليات التوسيع والتجهيز العسكري، يفصل شمال وادي غزة عن جنوبه، حيث يفصل مدينة غزة عن وسط القطاع، وتوسعت مساحته بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، إذ تبلغ مساحته 56 كيلومتراً مربعاً من أصل مساحة القطاع التي تبلغ 365 كيلومتراً مربعاً.
ووفقاً لشهود عيان مرّوا مؤخراً بالمحور عبر رحلة نزوحهم من الشمال إلى الجنوب، فإن المحور مزود بحاجز عسكري وأجهزة وبوابات تفتيش ومعتقلات وغرف تحقيق، وبرج اتصالات خلوي وأعمدة إنارة، فيما أظهرت مقاطع مصورة للجيش الإسرائيلي وجود مجمعات ومرافق سكنية للجنود الذين يخدمون داخله.
وتوسعة محور نتساريم جاءت على أنقاض عدد هائل من المنازل المدمرة التي أزيلت ومسحت بشكل نهائي في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة وتل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، وفي مناطق شمال غربي النصيرات وشمال شرقي البريج وسط القطاع، من خلال عمليات توغل سريعة وعمليات عسكرية برية ممتدة في نطاق هذا المحور، ما خلَّف مئات من الضحايا والمصابين من سكان هذه المناطق المُتوغل بها.
ويحتوي محور نتساريم على المعبر 96، الذي جرى افتتاحه في مارس الماضي تحت إطار الأغراض الإنسانية، حيث قال الجيش الإسرائيلي آنذاك، إن المعبر يسمح بدخول إمدادات غير محدودة إلى القطاع، وذلك بعد أن ذكر تقرير تدعمه الأمم المتحدة أن خطر المجاعة أصبح وشيكاً في الشمال وأنها قد تنتشر في القطاع، لكن ومنذ إنشائه استُخدم لمرات معدودة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فيما يُستخدم أيضاً لأغراضٍ عسكرية تتعلق بوصول الإمدادات لقوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في المحور.
محور فيلادلفيا ومعبر كيسوفيم
وعلى الحدود المصرية مع قطاع غزة، سيطر الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا الذي يمتد جنوبي مدينة رفح لـ14 كيلومتراً مربعاً، ووفقاً لمصادر محلية جرت عمليات توسعة وتأمين محور فيلادلفيا بالنهج ذاته، عبر عمليات نسفٍ وتدمير للأحياء السكنية الملاصقة له.
وتُظهر الخريطة المتداولة امتداداً عسكرياً من المحور نحو عمق القطاع جنوباً من موقع كرم أبو سالم العسكري إلى موقع صوفا العسكري، يُقدّر بنحو 8 كيلومترات مربعة، وهو الحد الأقصى الذي بلغه في هذه النقطة، بينما تقل هذه المساحة وفقاً للتقديرات المحلية إلى أقل من كيلومتر واحد عند الاتجاه من أقصى نقطة في جنوب غربي فيلادلفيا على ساحل البحر إلى منطقة القرية السويدية المحاذية للمحور تماماً جنوبي رفح، التى جرى فيها مؤخراً تثبيت عامود إنارة ومراقبة ضخم لتأمين التواجد العسكري الإسرائيلي فيها.
ووفقاً لتوثيقات مصورة نشرتها مصادر عسكرية إسرائيلية، فقد رُصفت طريق رئيسية على امتداد المحور وثُبتت بها أعمدة إنارة ومراقبة، بينما شهدت المناطق السكنية المحاذية لها تماماً نسفاً وتدميراً مثل أحياء بلدة الشوكة والسلام شرقاً، وحي الشابورة ويبنا والشعوث وسط المدينة، والقرية السويدية غرباً، ويحتوي المحور على معبر إسرائيلي واحد وهو كرم أبو سالم ويتم العمل فيه حالياً، والمعبر الثاني هو معبر رفح، لكنه معبر مصري-فلسطيني تم احتلاله وإغلاقه كاملاً من الناحية الفلسطينية مع بدء العملية العسكرية في مدينة رفح في مايو الماضي.
ومؤخراً، أعلن الجيش الإسرائيلي افتتاح معبر "كيسوفيم"، بعد إعادة تأهيله فنياً ولوجستياً، إذ يقع ما بين محافظتي دير البلح وسط القطاع وخان يونس، والمُعلن هو لأهداف إنسانية تتعلق بإدخال المزيد من المساعدات رضوخاً للضغوط الأميركية والدولية، لكن اللافت للنظر أن هذا المعبر تجرى إعادة افتتاحه في موقع عسكري سبق أن أُغلق بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه في عام 2005 مع الانسحاب من قطاع غزة.
وهو مكان استراتيجي حيث يُعد آخر المناطق الضيقة من حيث امتدادها من الشرق إلى الغرب، قبل أن يبدأ القطاع في التوسع في خان يونس ورفح بمساحة مضاعفة قد تصعّب مهمة تأمين أي محور عسكري بهذا الامتداد بين مناطق مأهولة بالسكان ويمكن أن تشكل قواعد اشتباك وهجوم عليها من الفصائل الفلسطينية، ليصبح السؤال حالياً، هل يكون معبر "كيسوفيم" انطلاقة لمحور عسكري رابع في القطاع يفصل وسط القطاع عن جنوبه، إذا ارتأت إسرائيل ضرورة عسكرية لذلك؟
0 تعليق