الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: تغير المناخ يفاقم معاناة اللاجئين - سعودي فايف

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: تغير المناخ يفاقم معاناة اللاجئين - سعودي فايف

كانت ليلة لا تنسى بالنسبة لـ"بهادر خان" وعائلته حين غمرت المياه منزلهم في دقائق معدودة، فلم يكن أمامهم أي خيار سوى المغادرة على الفور، محمّلين بالقليل مما يمكنهم حمله.

وكان بهادر خان، وهو لاجئ أفغاني يبلغ من العمر 60 عاماً، يعيش وأسرته في مقاطعة "خيبر بختونخوا" الباكستانية، حين باغتتهم الفيضانات في عام 2022. ورغم تحمُّل بهادر وعائلته للأمطار الموسمية التي بدأت في يونيو من العام نفسه، إلا أنهم لم يكونوا مستعدين لارتفاع منسوب نهر كابول العنيف بعد أشهر قليلة.

وصدر تقرير، الثلاثاء، عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع 13 منظمة متخصصة ومؤسسات بحثية وجماعات يقودها لاجئون خلال فعاليات مؤتمر المناخ Cop 29 المنعقد في أذربيجان، بعنوان "لا مهرب: على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ والنزاع والنزوح القسري".

وبحسب التقرير، قال بهادر خان، إن هذه كانت المرة الثالثة في حياته التي يتنقّل فيها قسرياً، المرة الأولى كانت بسبب "الحرب الأهلية الأفغانية" في أوائل تسعينيات القرن الماضي، والثانية في عام 2010 عندما دمرت الفيضانات منزله، والآن، أصبح مشرداً مرة أخرى بسبب الفيضانات الكارثية.

وكافح بهادر خان بشكل يومي للعثور على الطعام والماء النظيف، وتزايد قلقه بشأن مستقبل أطفاله، كما كان غير متأكداً من كيفية إعالتهم عندما لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه.

ويُعد بهادر خان واحداً من بين ملايين الأشخاص الذين لديهم قصص مماثلة، والذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة في ظل الأحداث المناخية المتطرفة التي أصبحت أكثر تواتراً ودماراً.

فحتى لو ساد السلام، فإن زيادة خطر الجفاف الذي يتخلله عواصف مدمرة وفيضانات وحرارة قاتلة، يُعقّد جهود النازحين بسبب الصراع للعودة إلى مجتمعاتهم الأصلية.

220 مليون نازح بسبب كوارث المناخ

ويُفصّل التقرير، كيف تؤدي الكوارث وآثار تغير المناخ، إلى تفاقم التحديات القائمة التي يواجهها النازحون ومضيفوهم، خاصة في المناطق الهشة والمتأثرة بالصراع.

كما يحدد نهجاً، يمكن أن يساعد في تعزيز مرونة النازحين ومضيفيهم وإدماجهم، وسد الفجوات في الموارد المتاحة من خلال توجيه قرارات التمويل من خلال نهج قائم على الاحتياجات.

ووفق التقرير، تسببت الكوارث المرتبطة بالطقس خلال العقد الماضي في 220 مليون حالة نزوح داخلي، بمعدل 60 ألف حالة نزوح يومياً تقريباً.

وتشير التوقعات إلى أن معظم مخيمات اللاجئين والمستوطنات ستشهد ضِعف عدد أيام الحرارة الخطرة بحلول عام 2050.

ويسلط التقرير الضوء على أن تمويل المناخ لا يصل إلى اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم، أو البلدان الهشة والمتأثرة بالنزاعات، ما يجعل قدرتهم على التكيف مع آثار تغير المناخ، تتراجع بسرعة.

وفي الوقت الراهن، تحصل الدول شديدة الهشاشة على (نحو دولارين أميركيين فقط) للفرد سنوياً كتمويل للتكيف، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بـ161 دولاراً للشخص في الدول غير الهشة، وحتى عندما يصل الاستثمار إلى الدول الهشة، يتركز أكثر من 90% منه في العاصمة، بينما لا تستفيد بقية المناطق.

ورغم جهود بعض الحكومات في مواجهة تأثيرات تغير المناخ من خلال خطط التكيف والمساهمات الوطنية المحددة، فقد أدرجت 24 دولة من بين 60 خطة تكيُّف، و25 من بين 166 مساهمة وطنية محددة، بنوداً تتعلق بالنزوح في سياق التغير المناخي والكوارث.

ومع تزايد المخاطر المناخية في العقود المقبلة، من المتوقع أن يرتفع عدد الدول التي تواجه مخاطر مناخية شديدة. كما ستشهد مناطق المخيمات زيادة كبيرة في درجات الحرارة الخطرة.

ويزيد هذا الواقع من التحديات التي تواجه النازحين في إيجاد حلول دائمة، كما يزيد من خطر النزوح المتكرر.

مشكلة المناخ أزمة إنسانية

وبحلول نهاية عام 2023، جاء أكثر من 70% من اللاجئين وطالبي اللجوء من دول شديدة الضعف المناخي، مما يهدد فرصهم في العودة ويضع تحديات أمام الدول الأقل استعداداً لتحسين قدراتها على التكيف.

وينوّه التقرير إلى أن مشكلة المناخ في الأساس هي "أزمة إنسانية" تؤثر بشكل كبير على البشر، ولكن مدى تأثيرها يختلف وفق للهوية وللموقع الجغرافي.

ومع تزايد التحديات المناخية، يضطر الملايين من الناس حول العالم لترك منازلهم، ليس فقط بسبب الصراعات والعنف، ولكن أيضاً نتيجة للكوارث المرتبطة بالتغير المناخي.

ويُظهر التقرير أن عدد النازحين القسريين بلغ مستوى غير مسبوق، إذ تضاعف خلال العقد الماضي ليصل إلى أكثر من 120 مليون شخص.

واعتباراً من يونيو 2024، كان أكثر من 120 مليون شخص حول العالم، نازحين قسرياً بسبب الصراع والمناخ والعنف والاضطهاد والأحداث التي تُزعج النظام العام بشكل خطير، وهذا يعني أن واحداً من كل 67 شخصاً في جميع أنحاء العالم نازح، أي نحو ضعف العدد قبل عقد مضى.

وفي عام 2022 وحده، تم تهجير أكثر من 600 ألف شخص بسبب الصراع العنيف، بينما تم تهجير نحو 1.3 مليون شخص داخلياً بسبب الجفاف، وهو أعلى رقم منذ أكثر من عقد.

ويوضح التقرير أن ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص يعيشون في دول ذات تَعرُّض مرتفع للغاية للمخاطر المناخية، ويعيش نصف النازحين قسرياً في أماكن تتأثر بالتأثير المركب للمخاطر المناخية والصراعات، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وهايتي، ولبنان، وميانمار، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن.

وفي السنوات الأخيرة، كان الجفاف والفيضانات من أكثر الكوارث التي تم الإبلاغ عنها في جميع أنحاء كينيا والصومال وإثيوبيا.

في الصومال، كانت الكوارث الطبيعية، هي السبب الأكبر والمتكرر للنزوح الداخلي مقارنة بالصراعات المسلحة وانعدام الأمن.

وفي عام 2023، أدى تقارب الجفاف والصراع والفيضانات إلى نزوح داخلي إضافي لـ 912 ألف شخص في الصومال.

وفي أوائل مايو 2023، وبسبب الأمطار الغزيرة في إثيوبيا، فاض نهر شبيلي في بيليت وين، خامس أكبر مدينة في الصومال وتسبب ذلك في دمار نحو 90% من المدينة، بما في ذلك البنية التحتية الحيوية.

وعلى نحو مشابه، طلب 72% من لاجئي ميانمار الأمان في بنجلاديش، التي تتعرض لمخاطر طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات، والتي تم تصنيفها على أنها مخاطر شديدة.

ويتجلى تفاعل تغير المناخ والصراع والنزوح بشكل خاص، في جميع أنحاء منطقة الساحل وفي القرن الإفريقي، فقد أدى الصراع المستمر في السودان إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 2 مليون شخص استضافتهم البلدان المجاورة، مع وجود ما يقرب من 700 ألف شخص في تشاد، على الرغم من كونها واحدة من أكثر البلدان عُرضة لتغير المناخ في العالم.

ويشير التقرير إلى أن تشاد أبقت أبوابها مفتوحة للاجئين القادمين من السودان ودول أخرى، ففي شرق البلاد، حيث يوجد العديد من اللاجئين، تُدمّر الأمطار الغزيرة والفيضانات بشكل روتيني الملاجئ والبنية التحتية الأساسية وتُلوث المياه العذبة.

وإلى جانب المخاطر الأمنية التي يواجهها الناس من الجماعات المسلحة على طول الحدود السودانية التشادية والكم المحدود للدعم الإنساني، تُفاقم تأثيرات تغير المناخ الظروف المعيشية القاسية بالفعل.

وعلى الرغم من أن النزاعات تظل السبب الرئيسي للنزوح، فإن تغير المناخ يزيد من صعوبة الوضع.

وتُعاني الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم من تأثيرات تغير المناخ بشكل غير متناسب، حيث يعاني هؤلاء من نقص في الموارد الأساسية مثل المسكن الثابت، والأمن المالي، والدعم المؤسساتي، والوصول إلى الخدمات الأساسية.

ويذكر التقرير أنه لم يسبق قط أن ارتفع عدد النازحين قسرياً في العالم إلى هذا الحد، ويعزى ذلك جزئياً إلى سرعة وتوسُّع تغير المناخ، بالإضافة إلى الفيضانات والأعاصير، التي يمكن أن تتسبب في دمار وتشريد مجتمعات بأكملها في غضون ساعات، ويمكن أن تجبر التغيرات البيئية البطيئة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة الناس على التخلي عن أراضيهم ومنازلهم ومجتمعاتهم، وكذلك شبكات الدعم التقليدية وشبكات الأمان الاجتماعي.

مطالب أممية بزيادة تمويل المناخ

من جهتها، قالت الناشطة المناخية واللاجئة السابقة، جريس دورونج، المقيمة في جنوب السودان: "في منطقتنا، حيث يعيش العديد من النازحين منذ سنوات طويلة، نرى آثار تغير المناخ أمام أعيننا".

وأضافت: "آمل أن تساعد أصوات الأشخاص في هذا التقرير صانعي القرار على فهم أن النزوح القسري وتغير المناخ سيتفاقمان إذا لم يتم التصدي لهما. ولكن إذا استمعوا إلينا، يمكننا أن نكون جزءاً من الحل أيضاً".

وتزامنًا مع انعقاد مؤتمر COP 29 في أذربيجان، تطالب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بزيادة تمويل المناخ ليصل إلى الأكثر حاجة، كما تدعو الدول إلى حماية النازحين الذين يواجهون تهديدات إضافية بسبب الكوارث المناخية ومنحهم، إلى جانب المجتمعات المضيفة لهم، صوتاً في قرارات التمويل والسياسات.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي: "بالنسبة لأشد الناس ضعفاً، يُمثّل تغير المناخ واقعاً قاسياً يؤثر بشكل عميق على حياتهم".

وأضاف جراندي، أن "أزمة المناخ تؤدي إلى نزوح جماعي في مناطق تستضيف بالفعل أعداداً كبيرة من الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار بسبب النزاعات وانعدام الأمن، مما يزيد من محنتهم ويتركهم بلا ملاذ آمن".

ويختتم التقرير بالقول إن حالة الطوارئ المناخية تُمثّل ظلماً عميقاً، حيث إن الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار والمجتمعات التي تستضيفهم هم الأقل مسؤولية عن انبعاثات الكربون، ولكنهم يدفعون الثمن الأكبر "فالمليارات من الدولارات في تمويل المناخ لا تصل إليهم، والمساعدات الإنسانية لا يمكنها سد الفجوة المتزايدة. الحلول متاحة، ولكن نحتاج إلى تحرك عاجل. وبدون الموارد والدعم الكافيين، سيظل المتضررون محاصرين في معاناتهم"، بحسب جراندي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق