تجميد عضوية إسرائيل!

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هذا ما رأيناه أقل رد فعل منطقى، حين قام المندوب الإسرائيلى لدى الأمم المتحدة، فى مايو الماضى، بـ«فرم» الميثاق الأممى، عبر آلة لتقطيع الورق، بعد أن سبّ غالبية الدول الأعضاء، والمنظمة كلها، ووصفها بالـ«هيئة الوقحة». وعليه، لم يفاجئنا قرار القمة العربية الإسلامية، الطارئة، الإثنين الماضى، بـ«حشد الدعم الدولى لتجميد مشاركة إسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها»، الذى تصادف أن يتزامن مع حلول الذكرى الخمسين لقرار التجميد الأوحد، والوحيد، فى تاريخ المنظمة.

ظلت الجمعية العمومية للأمم المتحدة، منذ ١٩٤٨، تصدر، سنويًا، قرارًا يدين سياسة الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا، إلى أن طالبت الدول الأعضاء، سنة ١٩٦٢ بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، وأنشأت لجنة خاصة دائمة معنية بموضوع الفصل العنصرى بوصفه «جريمة ضد الإنسانية». غير أن الجمعية العامة احتاجت إلى ١٢ سنة، حتى تصدر فى ١٢ نوفمبر ١٩٧٤، قرار تعليق أو تجميد العضوية.

لم تكن الجمعية العامة للمنظمة تضم غير ٥٧ دولة، حين وافقت ٣٣ منها فقط، على ذلك القرار، الذى جرى، بموجبه، الاعتراف الأممى بدولة إسرائيل، بزعم أنها «دولة محبة للسلام وقادرة على تحمل الالتزامات الواردة فى الميثاق وراغبة فى ذلك، وتتعهد بأن تحترمها منذ اليوم الذى تصبح فيه عضوًا فى الأمم المتحدة»، لكن ما حدث، فعلًا، هو أنها لم تتوقف، قبل وبعد ذلك اليوم، عن انتهاك أحكام القانون الدولى، والشرعية الدولية، و... و... وجاءت واقعة «فرم» الميثاق الأممى لتعلن عن انتقال دولة الاحتلال من مرحلة تجاهل القرارات الأممية، إلى مرحلة الإعلان، بصراحة أو بوقاحة، عن عدم احترامها للمنظمة.

وقتها، رأينا أن قيام المندوب الإسرائيلى بفرم ميثاق الأمم المتحدة، يستوجب طرد ذلك الكيان، الذى يمثله، من المنظمة الدولية، أو على الأقل، تجميد عضويته فيها، وتعليق اعترافها به. ومع ذلك، لم نتفاءل، ولم نعلق أى أمل، على إعلان وزراء الخارجية العرب، فى سبتمبر الماضى، عن اعتزامهم اتخاذ خطوات رسمية، من بينها تكليف السفراء العرب فى نيويورك بتقديم طلب التجميد إلى رئيس الجمعية العامة.

لم نتفاءل، ولم نعلق أى أمل، لأن المادة الخامسة من ميثاق الأمم المتحدة، التى قام المندوب الإسرائيلى بفرمها، لا تجيز للجمعية العامة أن توقف أى عضو، إلا «بناءً على توصية ‏مجلس الأمن»، الذى يضمّ، كما لعلك تعرف، ١٥ عضوًا من بينهم خمسة دائمون، يتمتعون بالـ«فيتو»، أو حق الاعتراض، الذى يمنع المجلس من القيام بدوره، أو الاضطلاع بواجباته، وجعل الداعين إلى مجتمع دولى قائم على القواعد، ونحن من بينهم، لا يجدون سوى الآذان الصماء، عندما يطالبون بتطبيق تلك القواعد!

على الورق، أو وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، فإن «مجلس الأمن» هو الجهة المنوط بها تحقيق التوازن والحفاظ على استقرار العالم. لكن الواقع يقول، عمليًا، إن ذلك المجلس هو الأكثر تجسيدًا لعدم التوازن فى العلاقات الدولية، بمنحه الدول الخمس دائمة العضوية، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا والصين، حق نسف أى قرار، لا يتوافق مع مصالحها أو مصالح أى دولة حليفة، أو تابعة، ويرجّح كفة أى دولة من الخمس، حتى لو كان العالم كله فى الكفة الأخرى. ما يعنى أن الـ«فيتو» الأمريكى، الجاهز دائمًا، وربما البريطانى والفرنسى، أيضًا، سيحول دون صدور التوصية اللازمة لتجميد عضوية إسرائيل.

.. أخيرًا، ومن ركنها البعيد جدًا، والهادئ جدًا، الذى اعتادت الجلوس فيه، والقريب، نسبيًا، من ركن العراق وإيران، أيّدت الجمهورية التونسية الشقيقة ما جاء بقرار قمة المتابعة العربية الإسلامية، غير العادية، التى استضافتها العاصمة السعودية الرياض، الإثنين الماضى، أو بيانها الختامى، باستثناء ما ورد فيه من إشارات إلى «حدود ٤ يونيو ١٩٦٧» و«حل الدولتين»، و«القدس الشرقية»، وذلك فى إطار «موقف تونس الثابت» الداعم لنضالات الشعب الفلسطينى الشقيق من أجل استرداد حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف، وفى مقدمتها إقامة دولته المستقلة على «كامل أرض فلسطين» وعاصمتها القدس الشريف!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق