أكد المشاركون في قمة المناخ كوب 29، التي انطلقت أولى فعالياتها الإثنين 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في العاصمة الأذربيجانية (باكو)، أهمية تحقيق هدف "تيرا ميد" لتسريع عملية تحول الطاقة في دول البحر المتوسط.
واجتمع ممثلو الحكومات رفيعو المستوى من أذربيجان ومصر وإيطاليا وإسبانيا -في حدث نظّمه تحالف من المنظمات التي تندرج تحت مبادرة تيرا ميد- للتشاور حول كيفية الوصول إلى توليد 1 تيراواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وقد جمع الحدث رفيع المستوى الشركاء المؤسسين الرؤساء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وتحالف الطاقة العالمي، والاتحاد من أجل المتوسط، وجامعة الدول العربية، إلى جانب وزراء الحكومة والجهات الفاعلة غير الحكومية، لتعزيز الدعم الحكومي وعرض مسارات ملموسة نحو تحقيق هذا الهدف التحويلي، وفق بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وظهرت مبادرة تيرا ميد (TeraMed) بالتعاون بين عدد من المنظمات من ضفتي البحر الأبيض المتوسط استجابة للاتفاق التاريخي الذي توصّل إليه مؤتمر المناخ كوب 28، بتوليد 11 تيراواط من الطاقة المتجددة العالمية بحلول عام 2030.
مبادرة تيرا ميد
وضعت مبادرة تيرا ميد هدفًا يتمثل في توليد 1 تيراواط من سعة الطاقة المتجددة في البحر الأبيض المتوسط بحلول عام 2030، في إطار الجهود المبذولة لتعزيز أمن الطاقة والمرونة الاقتصادية والتنمية المستدامة عبر ضفَّتي البحر الأبيض المتوسط.
وتستهدف المبادرة -لتحقيق هدفها- جذب استثمارات تُقدَّر بنحو 700 مليار دولار، وخلق 3 ملايين وظيفة جديدة في صناعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدها.
وتُجسّد تيرا ميد كيف يمكن للطاقة المتجددة سد الفجوة بين الشمال والجنوب مع معالجة تحديات المناخ الملحة.
وقال نائب وزير الطاقة في أذربيجان أورخان زينالوف: "إن هدف توليد 1 تيراواط من الكهرباء في دول البحر المتوسط يحفّز الطموحات والتطلعات، وبصفتنا رؤساء للقمة الحالية، فنحن نعبّر عن إيماننا بأهمية الربط الإقليمي".
وأضاف: "إن الإرادة السياسية موجودة، والاستثمارات في شبكات النقل عبر الحدود أمر بالغ الأهمية، ورئاسة مؤتمر المناخ كوب 29 ترى إمكانات جيدة لتوسيع نطاق هذه العملية على المستوى العالمي".
مضاعفة أهداف الطاقة المتجددة
أكدت عضوة برلمان جمهورية أذربيجان، بطلة الأمم المتحدة رفيعة المستوى لتغير المناخ، نيجار أرباداراي، أن تحقيق مبادرة تيرا ميد من شأنه أن يوحّد شمال أفريقيا وأوروبا، ويدفع الصناعة الخضراء والنمو الاقتصادي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وأضافت أن مؤتمر المناخ كوب 28 عام 2023 قد وضع خريطة طريق، وأن المبادرة تتماشى مع الهدف المحدد في دبي، المتمثل بمضاعفة أهداف الطاقة المتجددة 3 مرات.
ومن جانبه، قال الرئيس المشارك للشبكة المتوسطية للطاقات النظيفة الدكتور جواد الخراز: "نجتمع اليوم في لحظة حاسمة بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط، فلقد كانت الفيضانات المميتة الأخيرة في شرق إسبانيا وقبل سنة في ليبيا بمثابة تذكير صارخ بأن أزمة المناخ تؤثّر بجميع شواطئ بحرنا".
وأضاف أن قطاع الطاقة يأتي في قلب هذا التحدي، وهناك فرصة فريدة تخلقها هذه الأزمة، تكمن في احتضان عصر جديد من الطاقة النظيفة والمستدامة.
وأوضح أن هناك 130 دولة قد وافقت -خلال مؤتمر المناخ السابق كوب 28- على مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ووضعت هدفًا عالميًا لتوليد 11 تيراواط.
وبعد ذلك، اجتمعت المنظمات الإقليمية ورواد القطاع الصناعي ومراكز الفكر والمجتمع المدني من جانبي البحر الأبيض المتوسط، لترجمة هذا الطموح إلى جهد إقليمي ملموس تَمثَّل في مبادرة تيرا ميد.
تحديث الإستراتيجية المصرية
قال وكيل أول وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية الدكتور أحمد مهينة، إن مصر تخطط لتحديث طموحها في الطاقات النظيفة خلال الأسابيع القليلة القادمة، وتسعى إلى مضاعفة الجهد في جلب الاستثمارات وإشراك القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بما يجعلها تؤدي دورًا محوريًا في المنطقة المتوسطية.
ومن جانبه، ثمّن المدير العام للشؤون الأوروبية والدولية والتمويل المستدام، رئيس الوفد الإيطالي في مؤتمر المناخ كوب 29 بوزارة البيئة وأمن الطاقة الإيطالية، أليساندرو جويري، مبادرة تيرا ميد.
وأكد أن المبادرة تتماشى تمامًا مع خطة ماتي الإيطالية تجاه أفريقيا، مشددًا على أهمية العمل في السياسة الخارجية القائمة على التعاون القوي بين ضفَّتي البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أن أحد الاختبارات الأولى لمثل هذا التعاون قد يكون بناء سلسلة توريد توليد طاقة الرياح البحرية، وتكرار ما فعلته دول شمال أوروبا مؤخرًا في بحر الشمال.
وقال المدير العام للتخطيط والتنسيق في أمانة الدولة للطاقة بوزارة الطاقة الإسبانية، فيكتور ماركوس موريل: "إن التعاون هو المفتاح، لأننا لسنا وحدنا في العالم، إذ يحتاج الجميع إلى جيرانهم للتقدم، ولهذا السبب فإن الاتصالات والشبكات والتخزين أمر بالغ الأهمية".
ودعا موريل الحكومات إلى ضرورة مساعدة مواطنيها على الاستفادة من الطاقات المتجددة.
تطوير الشبكات والتخزين
أوضحت مديرة مؤسسة الأبحاث الإيطالية لتغير المناخ، جوليا جيوردانو، أن تيرا ميد تمثّل مبادرة من القاعدة إلى القمة، مشيرةً إلى أنها ولدت في البحر الأبيض المتوسط، وصممتها منظمات متوسطية لتلبية احتياجات المنطقة، بدعم من حكومات البحر الأبيض المتوسط وجميع الجهات الفاعلة التي تؤمن بالرؤية المشتركة.
وأكدت جيوردانو أن توليد 1 تيرا واط من الطاقة المتجددة في دول البحر المتوسط بحلول عام 2030 يمثّل هدفًا طموحًا، ولكنه ممكن.
واستطردت قائلة: "إن منطقتنا مباركة بالشمس والرياح، التي لا يمكنها فقط توفير الطاقة الكهربائية لدينا، بل أيضًا خدمة اقتصادنا ومجتمعنا".
ومن جانبه، أكد نائب الأمين العام الأول في أمانة الاتحاد من أجل المتوسط، جرامينوس ماستروجيني، أن جميع بلدان البحر المتوسط تتمتع إمّا بالشمس أو الرياح، ويمكنها جميعًا إنتاج الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن هذه الموارد يمكن ترجمتها إلى تحقيق استقرار وأمن الطاقة وظائفَ جديدة وتنمية اقتصادية ونموًا.
بينما سلّط الرئيس التنفيذي لتحالف الطاقة المتجددة العالمي، بروس دوغلاس، الضوء على التحديات التي تواجهها دول المنطقة في دفع عجلة تحول الطاقة، مثل ضرورة تحفيز تدفّق الموارد المالية في السوق الإقليمية، وتبسيط عمليات الحصول على التصاريح، وبناء سلاسل إمداد قوية ومرنة، وتطوير الشبكات والتخزين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق