قبل أيام كانت طائرة مساعدات إنسانية مصرية فى طريقها إلى لبنان، وبعد أن وصلت إلى هناك وأفرغت حمولتها وسلمتها إلى الجهات المعنية أعادت على متنها ٢٩٤ مواطنًا مصريًا كانوا عالقين فى البلد الشقيق، رفقة وزير الخارجية والهجرة، بدر عبدالعاطى.
وانضم العائدون على متن الطائرة المصرية، يوم الأربعاء الماضى، إلى مئات المصريين الذين سبقوهم فى العودة إلى أرض الوطن، خلال الأسابيع الماضية، فى أعقاب التصعيد والتوغل الإسرائيلى فى جنوب لبنان.
ومع صعوبة الأوضاع على الأرض بسبب القصف الإسرائيلى، والاضطرابات فى الأوضاع السياسية والأمنية فى لبنان، عملت الدولة المصرية على حماية نحو ٤٠ ألف مصرى، يمثلون قوام الجالية المصرية هناك، مع إصدار تعليمات بفتح أبواب السفارة المصرية لاستقبال طلبات المصريين العالقين، وإعادتهم آمنين إلى أرض الوطن.
«الدستور» التقت عددًا من المصريين العائدين من لبنان إلى مصر، بصحبة وزير الخارجية، للحديث عن الصعوبات التى واجهتهم هناك، وكيفية تواصلهم مع السفارة المصرية فى بيروت، ثم عودتهم إلى القاهرة.
أحمد المصرى:فريق السفارة المصرية على قدر المسئولية.. والرحلة كانت مُيسرة
أحمد المصرى، شاب فى الثلاثينيات من عمره، قصد لبنان بحثًا عن لقمة العيش، وعمل فى النقاشة هناك منذ أكثر من ١٢ عامًا، قبل أن يستقر رفقة زوجته اللبنانية وأبنائه فيما بعد، إلى أن أتت الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتى هددت حياة أسرته وأمنها، فقرر العودة إلى حضن الوطن.
«الحمد لله، كانت رحلة عودتى مُيسّرة، وكل الأمور على ما يرام. كل شخص كان يتعامل معنا بأفضل طريقة ممكنة. لم يتأخر عنا أحد أبدًا»، هكذا بدأ «أحمد» حديثه لـ«الدستور»، مؤكدًا أنه كان مطمئنًا وعلى يقين من أن بلده لن يتأخر عن الاستجابة له ولغيره من المصريين، ويتدخل لإعادتهم إلى وطنهم. وأضاف «أحمد»: «وزير الخارجية، بدر عبدالعاطى، كان نموذجًا للتواضع والاحترام، ويتواصل مع الجميع فى الطائرة العائدة إلى أرض الوطن، ويمد يده ويسلم على كل شخص بكل بساطة، وهذا ما لفت انتباهى بشكل خاص». وواصل: «لم أكن أعرف وزير الخارجية من قبل، ولكن بعد لقائى به أدهشنى تواضعه وروحه الطيبة، وعندما لاحظ أننى كنت أتعامل بتحفظ سألنى بلطف: إنت زعلان ليه؟، وضحك فى وجهى، وهو ما جعلنى أشعر بالراحة والسعادة، وهذا هو النموذج الذى نفتخر به، فليس هناك تكبر ولا تعالٍ، بل فقط التواضع والمودة». وبالنسبة للوصول إلى مطار مصر، قال: «كانت التجربة سهلة ومُيسّرة، بفضل الله، حيث تم تسهيل جميع الإجراءات مع العمل بكل كفاءة، وأود أن أشيد بجهود السفارة المصرية التى قدمت كل الدعم والمساعدة».
وأضاف: «فريق السفارة كان على قدر المسئولية، ومتعاونًا جدًا ومحترمًا، وكان يستمع لجميع الاستفسارات ويقدم الإجابات بكل دقة ووضوح، والجميع هناك كان فى غاية اللطف ويرغب فى تقديم أفضل خدمة إلينا». وأشار إلى أن ابنه الصغير، الذى كان يرافقه، شهد معاملة خاصة من كل الموظفين فى السفارة، الذين تعاملوا مع الجميع بابتسامة واهتموا بأدق التفاصيل، مختتمًا بقوله: «كانت تجربة موفقة، ولا يسعنى إلا أن أشكر الجميع على حسن الاستقبال والمعاملة الطيبة».
رمزى السوالمى: جهود جبارة لتأمين سفرنا على نفقة الدولة فى ظل «قسوة الحرب»
«الوضع فى لبنان وصل إلى مرحلة أنه لم يعد هناك أى مكان آمن، وانتهت حياة الاستقرار تمامًا».. هكذا عبّر رمزى السوالمى، البالغ ٤٥ عامًا، منها ٢٠ عامًا كاملة فى لبنان، عن طبيعة الأوضاع فى البلد الشقيق.
وقال «رمزى» إنه كان يعمل بمحطة بنزين فى لبنان، ومستقرًا فى الجنوب، وتحديدًا فى منطقة «النبطية»، لكن الوضع هناك تدهور بشكل سريع مع تصاعد التوترات والحروب، حتى إنه لم يعد هناك أمان فى أى مكان.
وأضاف: «لذلك اضطررت للهروب من النبطية إلى منطقة البقاع الغربى، بعد تهديدات إسرائيلية متزايدة للسكان هناك. ومع مرور الوقت أصبح الوضع أكثر صعوبة، حتى أصبح الناس ينامون فى الشوارع بسبب انعدام الأمن».
وواصل: «أصبح من الصعب التنقل بحرية فى لبنان، حتى إنك لا تعلم متى قد تتعرض للاستهداف. وفى ظل هذه الظروف الصعبة، لجأت إلى السفارة المصرية، وكان التواصل معها عبر صفحة فيسبوك الخاصة بها، حيث تابعت إجراءات سفر بناتى الثلاث».
وأكمل: «قدمت لنا السفارة الدعم الكامل لتسهيل سفرنا، والعاملون بها قدموا خدمات تفوق التصور، مع تأمين التأشيرة لزوجتى اللبنانية على نفقة الدولة المصرية، وإعداد وسائل السفر لبناتى وتأمين تذاكر السفر لهن».
وتابع: «السفارة المصرية بذلت جهودًا جبارة لمساعدتنا فى هذا الوقت الصعب، وهو أمر لم أره من قبل، فكل الشكر والامتنان للسفارة على دعمها الكبير لنا فى هذه الأزمة، حتى تمكنا من مغادرة لبنان بسلام».
واختتم بقوله: «عودتنا جاءت بفضل جهود وزارة الخارجية المصرية التى عملت بكل تفانٍ لتسهيل الأمور أمامنا، ونسأل الله أن يوفقها دائمًا فى خدمة المواطنين، وأشكر الله أننى وعائلتى تمكنا من الخروج بأمان من لبنان فى ظل هذه الظروف الصعبة».
دعاء حسن: نجوت من أشد المناطق خطورة
كانت دعاء حسن موجودة فى مدينة «صور»، عندما اشتد إطلاق النيران، وبث الخوف والرعب فى قلبها، خوفًا على حياتها وحياة أطفالها الثلاثة، وبينهم طفلة رضيعة، لتقرر فورًا الانتقال من «صور» إلى «صيدا».
وقالت «دعاء»: «ولدى وصولنا تواصلنا مع السفارة فأخبرتنا بتنفيذ خطة إجلاء، وطلبت الأوراق اللازمة للسفر».
وأضافت البالغة من العمر ٣٣ عامًا: «احتاج الأمر لخطوات معقدة جدًا، لكن السفارة حلتها جميعًا، ومن ثم عدت إلى مصر، رفقة أطفالى الذين أنجبتهم من أب سورى»، مشيرة إلى أن زوجها ما زال عالقًا فى لبنان.
أمين «اتحاد المصريين فى لبنان»: توفير مراكز إيواء فى بيروت لمن يوجدون بـ«الضاحية الجنوبية»
أكد عماد النويهى، أمين عام «اتحاد المصريين فى لبنان»، أنه خلال الأيام الأولى من الحرب فى لبنان كانت هناك حالة من الخوف والهلع بين المصريين واللبنانيين، خاصة فى منطقة الضاحية الجنوبية، التى تُعد معقلًا لـ«حزب الله» ومراكز القيادة الخاصة به.
وأضاف «النويهى»: «تواصلنا مع العائلات، وتمكنا من تأمين مساكن لها، من خلال توفير أماكن إيواء فى العاصمة»، مضيفًا: «بالتعاون مع السفارة وأعضاء الجالية المصرية، تم تنظيم عملية الإجلاء بشكل متكامل، على مدار الساعة، وكانت التليفونات مفتوحة بشكل دائم، والمنازل جاهزة لاستقبال أى شخص فى حاجة للمساعدة»، وقال «النويهى» إن الدولة المصرية لم تتأخر فى تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية والسياسية للبنان فى هذا الظرف الصعب، وفى إطار تلك الجهود كان وزير الخارجية المصرى موجودًا على متن طائرة تحمل مساعدات إنسانية، ثم أعاد ٣٠٠ مواطن مصرى من العالقين فى لبنان.
0 تعليق