النائب علاء عابد يكتب: عودة ترامب والشرق الأوسط

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حقق المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، فوزاً كبيراً على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية بعد تجاوزه حاجز الـ270 صوتاً المطلوبة من أصوات المجمّع الانتخابي بفارق كبير، بعد أن حسم أغلب الولايات المتأرجحة.

وتعني عودة دونالد ترامب للرئاسة عودة السياسات التي طبّقها خلال ولايته الأولى، وهى مواصلة تنفيذ سياسات «أمريكا أولاً»، التي تشمل فرض قيود على الهجرة، وإعادة التفاوض حول الاتفاقيات التجارية، وتأكيد دعم الصناعات الأمريكية. أما على الساحة الدولية فهي تعني تغييرات كبيرة في العلاقات مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة التقليديين، حيث عُرف ترامب بنهجه القاسى في التفاوض، سواء مع الاتحاد الأوروبى، أو حلف الناتو، أو الصين.

من غير المرجح أن يكون لفوز ترامب تأثير ذو مغزى في مستقبل قطاع غزة، أو مآلات الحرب المتواصلة منذ أكتوبر 2023، وربما يعني ذلك مزيداً من تراجع هذه القضية على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية، بحيث إنه إذا لم تقع حوادث كبرى تمثل تهديداً حقيقياً للولايات المتحدة أو المصالح الأمريكية والإسرائيلية، فلن يكون هناك اهتمام أو حوار حقيقي حول صفقة لإنهاء الحرب وتحرير الرهائن. في الوقت نفسه، سيستمر تدفق الدعم بأشكاله المتعددة إلى إسرائيل، من أجل ضمان تحقيق «النصر»، كما أشار ترامب أكثر من مرة، وهو ما يعني الدعم القوي للاحتلال الإسرائيلي، تطبيقاً لما وصف به ترامب نفسه بأنه «أفضل صديق» لإسرائيل.

ومن المتوقع ألا تشهد سياسة ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط تحولاً جذرياً، لكنه سيكون براجماتياً وأقل ميلاً للمواجهات الخارجية وأكثر انكفاءً للداخل الأمريكي.

السياسات التي سيتبعها ترامب حيال أفريقيا لن تختلف عن سياسته في ولايته الأولى (2017- 2021)، التي تتمحور حول الانعزالية والنزعة القومية، وإن كانت هناك احتمالية حدوث تغيير فى توجهاته نحو مزيد من التقارب مع الدول الأفريقية، استناداً إلى ما تضمنه مشروع ترامب 2025 الذى يدرك فريقه الأهمية الاستراتيجية لأفريقيا على المدى الطويل، في ضوء مبادئ استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، التي ترى في الصين وروسيا التهديد الرئيسى في القارة.

وكان موقف إدارة ترامب الأولى تجاه أزمة «سد النهضة» متوافقاً تماماً مع الرؤية المصرية، وهو ما عبرت عنه «الرعاية» الأمريكية للاتفاق الذي لم يكتمل بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا فى يناير 2020، بعدما انسحبت أديس أبابا؛ بحجة واهية بأن الجانب الأمريكى ينحاز بشكل واضح للموقف المصري.

وفي ضوء الوضع الأمني المضطرب الذي يشهده إقليم البحر الأحمر، ومنطقة القرن الأفريقي، ومع تكثيف جماعة الحوثي المدعومة من إيران، لهجماتها وعملياتها في البحر الأحمر ضد السفن التجارية المارة عبر مضيق باب المندب، يرى ترامب أن تأمين السفن الصينية إلى أوروبا ليس من اختصاص واشنطن، وبالتالي يمكن إسناد الحماية لأطراف إقليمية، للاضطلاع بمسئولية أمن البحر الأحمر.

وشهدت الفترة الرئاسية السابقة لترامب رفع العقوبات على السودان، وشطب اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب بعد أكثر من عقدين من الزمان، كما حمل الخرطوم على بدء خطوات للتطبيع مع إسرائيل، ووقع معها اتفاق أبراهام، ومع مجىء ترامب يمكن أن يشكل ذلك فرصة لتحسين علاقات واشنطن مع السودان مثلما حدث فى آخر ولايته السابقة.

وفي سوريا، قد تفتح عودة ترامب باب الحوار بشأن ملف وحدات حماية الشعب الكردية، والذى يُعد من أكثر الملفات الشائكة بين تركيا وأمريكا، وسيكون ترامب أكثر استعداداً لتقديم تنازلات تتعلق بدعم الأكراد فى شمال سوريا، خاصة إذا استطاعت تركيا تقديم بدائل تسهم فى حفظ استقرار المنطقة دون الإضرار بمصالحها الأمنية.

الشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة، تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتهدئة الأوضاع وضمان عدم توسع الصراعات. ولا بد من وجود رؤى شاملة للتعامل مع الملفات الساخنة، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية.

وبسبب التوترات والصراعات والحروب التى تعانى منها عدد من دول المنطقة، من بينها سوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان، والتى أدت إلى ازدياد أعداد اللاجئين فى مصر خلال السنوات الأخيرة، لذا يناقش مجلس النواب قانون لجوء الأجانب، وهو يهدف إلى وضع تنظيم قانونى لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة فى إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية التى انضمت مصر إليها، وذلك لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، من خلال إنشاء اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين، لتكون هى الجهة المختصة بجميع شئون اللاجئين،

وترعى مصر عدداً كبيراً من اللاجئين من مختلف الجنسيات والوافدين المقيمين من الأجانب، فى ظل ظروف اقتصادية صعبة واضطرابات إقليمية فى توسع، إذ تصل أعدادهم طبقاً لبعض التقديرات الدولية إلى أكثر من 9 ملايين يمثلون نحو 133 دولة، ويشكلون 8.7% من حجم سكان مصر.

* رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق