تحتفل مصرنا الحبيبة بيوم البترول المصري وهو يوم يؤرخ ملحمة الماضي وإنجاز الحاضر. وهو اليوم الذي استردت فيه مصر حقولها البترولية المسلوبة في سيناء وخليج السويس عقب نصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73 في 17 نوفمبر 1975.
وتمت إعادة السيادة المصرية على حقول بترول سيناء، بموجب اتفاق فك الاشتباك الثاني مع إسرائيل، في 17 نوفمبر 1975، وأصبح هذا التاريخ يمثل يوماً تاريخياً للبترول المصري، و استعادت مصر سيادتها على حقل "شعاب علي" بجنوب خليج السويس في 25 نوفمبر 1979، ضمن المرحلة الرابعة من مراحل الانسحاب بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل. تم استلام الحقل عن طريق شركة أومكو الأمريكية صاحبة حق الامتياز بالمنطقة، ومن هنا جاءت المهمة الصعبة لوزير البترول ورئيس شركة جابكو في ذلك الوقت، برئاسة اللجنة المكّلفة باستلام الحقل من الجانب الإسرائيلي في لحظات قيل عنها أنها من أصعب المهام واللحظات في الحياة المهنية. ان صناعة البترول في مصر لها جذورها التاريخية منذ عهد المصريين القدماء، حيث توجد على جدران المعابد رسومات توضح أنهم استخدموا الزيت الخام كوقود للإضاءة في المصباح الزيتي. ومع ذلك لم تتم أول عملية مسح جيولوجي في مصر إلا في القرن التاسع عشر على يد ضابط بحري فرنسي في عام 1835 .
وتعتبر مصر من أوائل دول العالم التي أحرزت السبق في مختلف مراحل الصناعة البترولية حيث بدأت الحكومة في 8 يناير 1886 بحفر أول بئر في منطقة جمسة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وشهد عام 1904 بداية نشاط عمل الشركات الاجنبية في مصر، حيث منحت الحكومة المصرية، امتيازاً لشركة Cairo Syndicate للبحث عن البترول في سيناء، وقنا، وجاءت بعدها شركات أخرى للبحث عن البترول في مناطق أخرى ولكن دون نتيجة. وفى أبريل 1909 تمكنت شركة ترست من إنتاج البترول من حقل جمسة، وبدأ الإنتاج التجاري من الحقل في عام 1910، وتوالت بعد ذلك الاكتشافات البترولية فى مصر.، وفي عام 1961 تم اكتشاف أول حقل بترول بحري في مصر والشرق الأوسط "بلاعيم بحري"، وفي عام 1965 تم اكتشاف أكبر حقل بترول "المرجان" الذي بدأ الإنتاج في عام 1967.
الغاز الطبيعي
وبالنسبة الي الغاز الطبيعي في مصر بدأ مشوار البحث عنه عام 1963 ، وتحقق أول كشف للغازات الطبيعية في عام 1967 في منطقة الدلتا وهو حقل "أبو ماضي"، وفي عام 1969 تحقق أول كشف للغازات الطبيعية في مياه البحر المتوسط وهو حقل أبو قير، كما تحقق في نفس العام أول كشف للغازات الطبيعية في منطقة الصحراء الغربية وهو حقل أبو الغراديق ثم تتابعت عمليات البحث والاستكشاف في المناطق المختلفة باستخدام أحدث الطرق التكنولوجية. إضافة إلى ذلك كانت مصر أيضاً أول دولة على المستوى العربي تقام فيها صناعة التكرير، ففي عام 1911 تم إنشاء أول معمل تكرير للبترول في مصر، التابع لشركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية (النصر للبترول حالياً) بمدينة السويس، وبدأ تشغيله عام 1913، وفي عام 1922 بدأ إنشاء معمل تكرير البترول الحكومي في السويس وتم تشغيله في عام 1923، وتحقيقاً لسياسة الانتشار الجغرافي لمعامل التكرير وعدم تركزها في منطقة السويس تم تشغيل معمل القاهرة لتكرير البترول في عام 1969 ومعمل العامرية لتكرير البترول في عام 1972 ثم معمل طنطا في عام 1973 .
وتمثل منطقة الصحراء الغربية الجانب الأكبر من إنتاج الزيت الخام بمصر بنسبة 56% تليها منطقة خليج السويس بنسبة 23% تليها منطقة الصحراء الشرقية بنسبة 12% ثم منطقة سيناء بنسبة 9%، وذلك من خلال (43) شركة ومن أهمهم (شركة خالدة، شركة بتروبل، شركة جابكو، الشركة العامة، شركة عجيبة وشركة بدر الدين)، ومن أهم الشركات الأجنبية العاملة بأنشطة الإنتاج في مصر (أباتشي الأمريكية، إيني الإيطالية، دراجون أويل الإماراتية وشل الهولندية).
أهمية قطاع البترول في الاقتصاد المصري
حيث أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تقريرًا حول مستهدفات واستثمارات قطاع البترول والثروة الـمعدنية بخطة العام المالي 2023/2024. القطاع حيث يعد الـمصدر الرئيسي لتوليد الطاقة والذي يُلبي احتياجات كل القطاعات الإنتاجية السلعيّة والخدميّة، وأسواق الاستهلاك النهائي من الـمُنتجات البترولية والغازات، بالإضافة إلى دوره في تنمية موارد الدولة من النقد الأجنبي من خلال نشاطه التصديري.
وأوضحت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن رؤية مصر 2030 حددت 7 قطاعات واعدة لتكن قاطرات للنمو الاقتصادي، ومنها قطاع البترول نظرًا لأهمية مُخرجاته في تأمين أحد الـمُتطلبات الأساسية لاستدامة نمو القطاعات الاقتصادية الأخرى، ولزيادة تنافسيتها، ولـمواجهة الاحتياجات السكانية الـمُتزايدة من الوقود والـمُنتجات البترولية على اختلاف أنواعها.
وحول الاستثمارات الـمُستهدفة لعام 23/2024 أوضح التقرير أن الخطة تتضمن استثمارات قدرُها 99,6 مليار جنيه لتنمية الاستخراجات خلال عام 23/2024، منها 22,4 مليار جنيه لنشاط استخراج الزيت الخام، 65,4 مليار جنيه لاستخراج الغاز مُقابل 11,8 مليار جنيه للاستخراجات الأخرى، ويخُص القطاع الخاص نحو 84% من الاستثمارات الكليّة للقطاع مُقابل 16% استثمارات عامة.
فيما يتعلق بالناتج الـمحلي للقطاع، فأوضح التقرير أن الخطة تهدف بلوغ الناتج الـمحلي لقطاع الاستخراجات بالأسعار الجارية نحو 960 مليار جنيه عام 23/2024 مُقارنة بالـمُتوقع عام 22/2023 وقدرُه 826 مليار جنيه، بمُعدّل نمو 16,2%، وليُسجّل نحو 1,14 تريليون جنيه بنهاية الخطة، بمتوسط مُعدّل نمو يُناهز 20% خلال الفترة، كما يُقدّر ناتج القطاع بنحو 573 و598 مليار جنيه في عامي 23/2024 و25/2026 على التوالي بالأسعار الثابتة وفقًا للتقرير، بمُعدّل نمو سنوي 1,2% للعام الأول، وبمتوسط سنوي 1,25% في الفترة الـمُمتدة حتى عام 25/2026.
وشهد قطاع البترول طفرة تنموية كبيرة في عهد الرئيس السيسي بعد عودة قطاع البترول لطرح المزايدات تم توقيع 119 اتفاقية بترولية جديدة مع شركات عالمية استثماراتها 22.3 مليار دولار كحد أدنى وبمنح توقيع بلغت 1.34 مليار دولار، كما نفذ 53 مشروعاً لتنمية الحقول المكتشفة باستثمار حوالى 33.7 مليار دولار ، وهناك عدد من المشروعات الجديدة التى يتم تنفيذها لتنمية حقول الغاز الطبيعى والزيت الخام باستثمار حوالى 1.9 مليار دولار ، وفى مجال التكرير تم تشغيل ثمانية مشروعات جديدة لزيادة كميات السولار والبوتاجاز والبنزين وتقليل الاستيراد ، من أهمها المشروعات التى افتتحها الرئيس وهى البنزين عالى الأوكتان بشركة أنربك بالإسكندرية ومصفاة المصرية للتكرير في منطقة مستطرد بالقاهرة الكبرى ومجمع إنتاج البنزين الجديد بأسيوط ، وفى مجال صناعة البتروكيماويات صناعة القيمة المضافة وباستثمارات بلغت 4 مليار دولار افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال عام 2016 مشروعا توسعات موبكو بدمياط وإيثيدكو بالإسكندرية ، ويجرى حالياً تنفيذ مشروعات جديدة من أهمها الألواح الخشبية بقيمته الاقتصادية والبيئية ومشتقات الميثانول والايثيلين الحيوى بالإضافة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء فى عدد من المشروعات البتروكيماوية الهامة بمدينة العلمين الجديدة والمنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس كمشروعات الصودا آش والسيليكون ، وجذب شركات جديدة فى مجال البحث والاستكشاف كشيفرون واكسون موبيل وجذب شركات عالمية للاستثمار فى مجال التعدين بمصر ، كشركات سنتامين الاسترالية - والشركات الكندية geolgy Barrick GOLD – وLotus Gold Corporation – B2Gold – Red Sea Resources – وشركتين إنجليزيتين –AKH gold و SRK).
وضع قطاع البترول والغاز تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي أقدامه على طريق الحياد الكربونى متبنياً استراتيجية لإزالة الكربون وخفض الانبعاثات من كافة عملياته و استخدام التقنيات المتطورة في سبيل تحقيق ذلك، ليتبوء مقعده لأول مرة في تاريخ قمم المناخ خلال قمة COP27 بمصر كشريك في الجهود الدولية لحل قضية التغير المناخي . هذه النتائج على مدار السنوات العشر الماضية هي نتاج عمل مستمر بعد تحديات صعبة مرت بهذه الصناعة منذ أكثر من عقد كالانقطاع عن طرح المزايدات وتوقيع الاتفاقيات البترولية والتباطؤ في الاستثمارات ، ولازال قطاع البترول لديه الكثير ليقدمه فى ظل توافر الاحتمالات البترولية والغازية والتعدينية وانفتاحه على التقنيات الحديثة والتحول الرقمي فيما يخص هذا المجال استكشافاً وتنمية وإنتاجاً واستدامة أعمال.
شكر
وواجب علينا هنا ان نعرب عن فخرنا واعتزازنا بالعاملين في قطاع البترول وما قدّموه من جهد كبير وأداء متميز، ما جعلهم نموذجا يحتذى به في تحويل التحديات إلى نجاحات وتنفيذ خطط الدولة القومية على أكمل وجه، تحت رعاية وتوجيه السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وفي مقدمتها تحويل مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والبترول مستفيدين مما وفّرته الدولة من مناخ للاستقرار وإصلاحات شاملة وبرامج تحديث وتطوير شامل نفذتها الوزارة في الأنشطة البترولية كافة ، وفي الوقت نفسه يجب ان نسترجع ذاكرة أبطال البترول القدامى الذين رفعوا راية القطاع، علي مدار اكثر من 100 عام في خدمة الاقتصاد المصري .
0 تعليق