في رحاب مسيرة المغرب الخضراء..

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

غير خاف عن باحثين مؤرخين مغاربة وأجانب أيضا مهتمين بالموضوع، أن أطماع الدول الأوروبية في المغرب لم تكن أبدا عملا بسيطا ولا مشروعا دون بعيد خلفية استعمارية تجاه منطقة الشمال الإفريقي عموما منذ أواسط القرن التاسع عشر، مع أهمية الإشارة هنا إلى أن هدف هذه الدول لم يكن هو احتلال المغرب في حد ذاته فحسب بل العمل على عزله وقطع أوصاله بجهاته جنوبا وشرقا، وفصله عن باقي بلاد المغاربة وعن امتداده المجالي في الصحراء حيث العمق الإفريقي، فضلا عن تطويقه باحتلال تخومه ومناطقه التابعة مثلما حصل مع واحات توات وتدكًلت وغرارة وغيرها. وعندما نتحدث عن أطماع الأوروبيين الاستعمارية في المغرب، نستحضر مخطط كل من فرنسا وإسبانيا اللتين اقتسمتا المغرب، فكانتا بدور في العبث بترابه وتقسيمه وتصغير حجمه قبل الإجهاز عليه بعد معاهدة فاس 1912. من هنا ما كان من اقتطاع ترابي لتحقيق إضعاف البلاد من جهة، والحد من سلطة المسلمين ومن سلطة الإسلام وحضارته ومن ثمة من الدولة المغربية من جهة أخرى، وبالتالي نقل واقع المنطقة من هوية ترابية تاريخية إلى هوية أخرى، على أن تظل تبعات وأثر كل تغيير وتحول إلى ما بعد، حتى لو تم إنهاء احتلال المنطقة وحصول بلدانها على الاستقلال.

ولعل بقدر ما تم من نقل لخط الحدود المغربية الشرقية بعد احتلال فرنسا للجزائر من واد تافنا إلى واد كيس (عجرود)، بقدر ما كانت الأقاليم الصحراوية المغربية بمساحة شاسعة من جهة الجنوب (الساقية الحمراء ووادي الذهب..). ورغم اعتراف مؤتمر مدريد 1880 باستقلال المغرب ووحدة ترابه، فإن ذلك لم يمنع من تهافت المستعمر على أقاليمه الصحراوية وفصلها تباعاً بدعوى أنها أرض خلاء. وغير خاف أن إيطاليا كانت من أوائل الدول الأوروبية التي توجهت باهتمامها خلال هذه الفترة لإيجاد منطقة نفوذ لها هناك، وبعدها كانت إنجلترا من خلال ما كان لها من نوايا في رأس بوجدور وبلاد نون لتحقيق مدخل لها صوب إفريقيا، فضلا عن أطماع إسبانيا في المنطقة بحكم ما ادعت من أحقية وأولوية لها في هذه الجهات مستغلة ما ورد بينها وبين المغرب في معاهدة 1860. كل هذا وذاك قبل بدء أطماعها عمليا منذ 1882، علما أن المخزن المغربي أمام كل المؤامرات والدسائس الاستعمارية حول الصحراء المغربية، لم يبق مكتوف الأيدي تجاه ما يجري حول ترابه وسيادته رغم ما كان عليه من وضع سياسي صعب وكذا مالي.

في علاقة بقضية الصحراء وتطوراتها وما كان عليه المغرب من دفاع عن ترابه وبمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لملحمة المسيرة الخضراء، ارتأينا بعض الضوء حول إسهامات بحثية علمية ومن ثمة مؤلفات على درجة من القيمة المضافة منهجا وتوثيقا. لعل منها ما أسهم به الدكتور سمير بوزويتة، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، التي صدرت ضمن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعنوان “بيعات أهل الصحراء المغربية للسلاطين والملوك العلويين”. كتاب بقدر ما يقوم على راهنية موضوع وحاجة لتعميق مقاربة –على الرغم من ما حظيت به المنطقة من عناية باحثين مؤرخين وما تراكم حولها من أبحاث، بقدر ما يطرح عمق علاقتها بالوطن الأم تلك العلاقة التي تغذت على امتداد فترات وتشعبت بما هو ثقافي وتراثي واقتصادي واجتماعي، مما جعلها مجالا غنيا للبحث والدراسة فضلا عن أهميتها كذاكرة رمزية وواحدة من مكوناتِ ذاتٍ أنطولوجيةٍ مغربية، تقتضي تنقيبا أكثر في كنه أسرارها وخباياها لفهم ما هناك من ارتباط وطيد يجمع المغاربة بها. ناهيك عن فضل منطقة الصحراء في قيام الدولة المغربية وامتدادها غرب إفريقيا وجنوبها وكذا بشمال البحر المتوسط، وفي نشر وتوسيع مجال ما طبع حضارتها في بعدها العربي الأمازيغي الإسلامي، ناهيك عن أهمية ما هناك من رد علمي على ما هناك من طروحات تحاول نسف ما يوجد من روابط جغرافية وتاريخية بين المغرب وصحرائه.

كتاب “بيعات أهل الصحراء المغربية للسلاطين والملوك العلويين”، جاء صيانة لذاكرة المغرب الوطنية وترسيخها، محتويا على وعاء واسع من نصوص ورسائل جوابية لبيعات أهل الصحراء لسلاطين الدولة العلوية، كشاهد إثبات على عمق ترابط تتوحد به المنطقة مع باقي جهات الوطن. وإذا كانت بيعات الأمراء التي عرفها التاريخ منذ صدر الإسلام الأول، لا تتعدى أن تكون مبايعة شفاهية تحتمل أن تصبح بعد حين لغوا ملفوظا -يقول المؤلف-، فإن بيعات المغرب الأقصى لملوكه بلغت أسمى الغايات وأوفى المقاصد، بحيث لا يمكن أن يتطرق إليها وهن أو ينكث لها موثق لقيامها على أساس متين وصرح مكين. مضيفا أن المغرب تفرد بالأمر وحده قبل أن يتفطن إليه سواه ذلك أن الملك بمجرد ما يستأثر الله بحياته ويأذن بوفاته، يبادر أهل الحل والعقد إلى الاجتماع والإشهاد بمبايعة الملك المطاع الذي يقع عليه الاختيار والإجماع، وهو ما يجري في كل القبائل والمدائن والبوادي والحواضر بحيث لا تتخلف في البلاد عن عقد البيعة أية فئة. وورد أنه قد يؤثر على طريقة عقد البيعة أحيانا بالإشهاد العدلي، فيكتفي بتحرير بيعة في أسلوب مشجع مذيلة بتوقيعات مختلف الفئات المبايعة لملكها الجديد، من أجل القيام بأعباء الرعية والحرص على صيانة الشريعة الإسلامية والإخلاص لله سرا وعلانية. عقود بيعات مغربية لملوك لا تزال على أصولها قائمة دون تبدل عما كان عليه الأمر في سالف الزمن، حافظة لتاريخ موصول وإجماع على تعلق الشعب بملوكه. علما أن هذه البيعات جرت العادة فيها أن توضع في ضريح مولاي ادريس بفاس معلقة في قبته تبركا بها، ما استمر الحال عليه حتى عهد السلطان عبد الحفيظ الذي أراد الاطلاع على ما هناك من بيعات قديمة، ولما أعادها إلى مكانها أحاطها بزخرفة وتنميق بذهب محلول خالص الإبريز.

وقد ظلت البيعة رمزا لوحدة المغرب وجمعا لكلمته وتحقيقا لأمنه بجميع ربوعه الترابية، وكانت البيعات تأتي مقرونة بالإقليم أو الحاضرة أو القبيلة أو الجهة التي ينتمي إليها المبايعون. هكذا جرت تقاليدها من خلال نصوص منها من يشمل البلاد ككل، ومنها من يهم حواضر مثل بيعة فاس أو بيعة مراكش… ومنها من يهم زوايا وأشراف وغيرهم. علما أن من البيعة ما يتم عبر الأقاليم بأسمائها وتوقيع رؤسائها وشيوخها قبل رفعها لسلطان البلاد، مثل بيعة قبائل سوس وبيعة أهل الغرب وبيعة إقليم “تجكانت” الاسم القديم لتندوف، ومن البيعات بيعة قبائل أهل الساحل والقبلة وأولاد دليم وبربوش والمغافرة وأولاد مطاع وجرار للمولى إسماعيل 1679، بواسطة حَرْكته لناحية سوس وصحرائها حيث تزوج خناتة بنت بكار المغافرية، وتندرج في السياق ذاته بيعة أهل توات للسلطان عبد الملك بن مولاي إسماعيل سنة 1728 وبيعة الشيخ المختار الكنتي للسلطان عبد الرحمن بن هشام، وبيعة ابنه الشيخ أحمد البكاي للسلطان نفسه وبيعة إمام تندوف الشيخ محمد بن المختار بن لعمش الجكني التي يعلن فيها عن بيعة هذا الإقليم للسلطان محمد بن عبد الرحمن.

وفي مؤلَّف آخر لنفس الباحث بعنوان “الحكامة والسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية زمن السلاطين العلويين”، ارتأى سمير بوزويتة له بعدا استراتيجيا في علاقته بوحدة البلاد الترابية ومثنا كرونولوجيا معتمدا مقاربة بمستويات تاريخية ثلاثة، أولا تحليل تركيبي ينبني على الوثيقة والتوثيق والأرشيف، ثانيا سعي لجعل مجال الصحراء المغربية عقدا وسطا في امتداده التاريخي مع باقي مجالات البلاد الأخرى، ثالثا الكشف عن مسارات الدولة المغربية وامتدادها من أجل بناء وترسيخ صرح دولة حديثة. أشار إلى أن المهتم بقضية الصحراء المغربية كقضية سياسية لن يتسنى له فهمها فهما حقيقيا دون تفطن لأهمية هذه الأبعاد، ومعها ما هناك من عمق ترابط فكري ووجداني واستراتيجي تتوحد من خلاله هذه الربوع مع باقي جهات الوطن. مضيفا أن ارتباط الصحراء بالدولة المغربية هو بأزل يجعله حقيقة جدلية لا مراء فيها، وبالتالي مكونا أساسيا لا يمكن إغفاله بأي حال من الأحوال في تاريخ الأمة المغربية، التي تكشف وثائقها التاريخية عن حضور دائم للصحراء في منظومة حكم البلاد كدولة بحدود ونُظم وهوية وتقاليد منذ زمن الشرفاء الأدارسة. ولعل من تميز الدولة المغربية -يقول المؤلِّف- حفاظها على نظام إسلامي سياسي عبر تاريخها، فكان عقد البيعة ركنها الأساس وأساس دستورها بل نصا دستوريا ذلك أنه أساس شرعية الملك، وهو ما يجعل ارتباط البيعة بالدستور ارتباطا عضويا بحيث يحتفظ الملك المبايع من خلال الدستور بسلطات تضمن له الوفاء بجوهر التزاماته من خلال البيعة، ومن هنا تبرز أهمية إمارة المؤمنين مشيرا إلى أن البيعة ظلت رمزا لوحدة البلاد جامعة لكلمتها محققة لأمنها في جميع ربوعها. ويذكر صاحب المؤلَّف أنه سلك في عمله ومؤلَّفه منطقا كرونولوجيا مستحضرا سلسلة تعيينات لولاة وعمال وقواد وباشوات وقضاة وعدول، ساهموا في تدبير شأن الصحراء طيلة تقلد السلاطين العلويين حكم البلاد. ما يبرز ويعبر عن ديمقراطية تشاركية اعتمدها ومارسها هؤلاء بالأقاليم الصحراوية، وعيا منهم بأهمية ونجاعة هذه الآلية لإشراك أهلها في صنع سياساتها وتقوية دور المعينين في اتخاذ قرارات تخص تدبير شأن البلاد العام، فضلا عما تحمله طبيعة هذه التعيينات في دلالتها من شكل جديد لتقاسم سلطة مرتكزة على تقوية مفهوم تشاركية متمحور حول تدبير جيد للشأن.

وكان السلاطين العلويون منذ تقلدهم حكم البلاد بتفطن وسبق في تبني سياسية تشاركية في الأقاليم الصحراوية -يضيف المؤلف-، لِما لها من دور في التفاعل والتجاوب مع ما شهدته من معطيات ومتغيرات. مشيرا إلى أن تجربة الحكم الذاتي التي نهجها مولاي سليمان كانت نتيجة فهم عميق لتدبير سياسي فاعل لحل مشاكل القرب، وضمان انخراط أهالي الصحراء مع تطوير تدبير محلي ووطني عبر تكامل بين مركز وجهات. وكان السلاطين العلويون عبر أشكال تعييناتهم بالصحراء يسعون لترسيخ ثقافة توافق وتنمية إرادة سياسة لدى الصحراويين، آخذين بالاعتبار ما هو خصوصية محلية من أجل الارتقاء بها لِما هو وطني. ناهيك عما انبنت عليه فلسفة هذه التعيينات من مبدأ خلق حيوية في مشهد هذه الأقاليم السياسي، وجعل الصحراويين بدور في تدبير شأن البلاد المحلي باعتبارهم أكثر ارتباطا ببيئتهم ومعرفة بقضاياهم وأجدر بإيجاد ما هو مناسب من حلول. وقد سهر السلاطين العلويون في علاقتهم بالصحراء على الذب عن الكيان ومقومات الدولة وصيانة استقلال البلاد ووحدتها، من أن يدب إليها الانقسام والوهن مع استئصال ما يظهر بأطرافها من رؤوس فتنة. فظلت البلاد محافظة على استقلالها عبر الزمن إلى أن سقطت في يد الاستعمار، ليتضح ما كان عليه هذا الأخير من احتلال وتفتيت تدريجي لتراب البلاد وما كان عليه المغرب من واجب في استرجاع ما اغتُصب من مناطقه.

ولعل ما حصل من وضع جديد -يقول المؤلِّف- يعود لكون المغرب كان ضحية احتلال الجزائر من قِبل فرنسا واحتلال جبل طارق من قبِل بريطانيا، فكانت الصحراء من بلاد المغرب أول ما استهدفه الغزو الاستعماري وتفنن في ابتكار صيغ تفتيته وتقسيمه، ومن ثمة ابتداع قضية سميت بـ”قضية الصحراء” مخترعا بجانبها كيانا وهميا عبر عنه بـ “الشعب الصحراوي” منشئا له أداة تنفيذ سماها “البوليساريو”. بل لم يفكر المستعمِر في إنشاء هذا الأخير إلا حين عجز عن مقاومة ملحمة المسيرة الخضراء، ولم تبق له سوى أيام معدودة لمغادرة الصحراء المغربية ظنا منه أنه بإمكانه وقف إرادة الشعب المغربي في استرجاع مناطقه. لذلك كان على المغرب لإتمام وحدته الترابية أن يلجأ إلى هيئة الأمم المتحدة ثم إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي للمطالبة باسترجاع الساقية الحمراء ووادي الذهب، فكان حكم محكمة العدل المذكورة في يوم 16 أكتوبر 1975 في صالح المغرب. وأمام رفض إسبانيا للقرار أقدم الملك الراحل الحسن الثاني على تنظيم مسيرة سلمية خضراء في 6 نونبر 1975 أرغمت إسبانيا على القبول بالتفاوض، فكانت اتفاقية مدريد في 14 نونبر والتي وافقت عليها الجماعة الصحراوية بالعيون في 26 فبراير 1976 ليتم استرجاع الساقية الحمراء ووادي الذهب. تلك هي قصة “قضية الصحراء” -يقول المؤلٍّف- التي اختلقتها إسبانيا ووجدت الجزائر فيها فرصة صرف الرأي العام عن قضايا حقيقية، كقضية تندوف وتوات وغرارة وتيدكًلت والحدود المغربية الشرقية… إلخ. وكان المغرب قد انتهج سياسة رشيدة منذ استقلاله 1956، لعلها السياسة التي عمق جذورها الملك الحسن الثاني ووضح معالمها في خطابه ببلغراد 8 شتنبر 1961، إثر انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز وفي غير ذلك من المجامع الدولية. سياسة انتهت بتبني الملك محمد السادس منح حكم ذاتي لأقاليم الصحراء المغربية كحل نهائي لقضية مفتعلة، وباعتبارها مبادرة سبق لأجداده من السلاطين العلويين ممارستها بهذه الربوع من البلاد (تجربة مولاي سليمان).

ولن يستقيم استيعاب مبادرة المغرب بشأن تخويل الصحراء المغربية حكما ذاتيا والإحاطة بها من كل جوانبها -يضيف المؤلف-، إلا برصد سياقاتها الدولية والوطنية وتبيان محدداتها وتفاعلاتها. مؤكدا على أولوية ملف الصحراء المغربية وأهمية تكاثف جهود كل القوى الوطنية السياسية والأكاديمية لمزيد من التعبئة والتأطير، من أجل رد علمي على طروحات سافرة تكابد يائسة لنسف ما هناك من روابط جغرافية وتاريخية بين المغرب وصحرائه، ومن أجل وترسيخ قناعة “الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه”. وفي عمل علمي آخر حول الموضوع بعنوان “مغرب الصحراء سرديات الذاكرة ورهانات الحاضر” وهو بتقديم للدكتور عبد الرحمن طنكول عن منشورات “مختبر التراث دراسة صيانة وإنقاد” بفاس، أورد الدكتور سمير بوزويتة أنه إذا كان هناك موضوع لا يقبل أي تناول إيديولوجي فج فهو موضوع الصحراء المغربية، مشيرا إلى سبق عبد الله العروي في نهج طريق سليم لمَّا تعامل معه خارج مقتضيات اللحظة. وأن من منظور نهجه في توظيف رسائل ورحلات ومخطوطات واتفاقيات وإحصائيات، نكون أمام جوانب هامة في تاريخ مغرب شكلت ضمنه الصحراء عقد الوسط. بحيث تمت مقاربة قضية الصحراء من زوايا عدة عبر مراحل مؤسساتية أولى من تاريخها، لِما هناك من خصوصيات سوسيو-اقتصادية وسياسية وحضارية ولِما عاشته من انفتاح على إفريقيا وصراعات أطماع مستعمِر، وانطلاقا من رؤية بعض الدول لِما هو مفتعل حولها وما تعرفه قضيتها من تحولات في محافل دولية.

وكان المغرب المستقل ختاما، قد جعل من مبادئ سياسته الخارجية الأساسية أولا رفضه لكل أشكال الاستعمار وثانيا استكمال وحدته الترابية، وهو ما تم التشبث به وما تجلى في خطاب تاريخي بصدى دولي للسلطان محمد بن يوسف في بلاد محاميد الغزلان خلال شهر فبراير من سنة ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين عندما قال: “إن مما يسعدنا أن يستقبلنا في المحاميد التي هي باب صحراء المغرب، أبناء الذين استقبلوا جدنا في قرية أخرى من الركًيبات وتكنة وولاد دليم وسواها من قبائل الصحراء الشنقيطية، وأن نستمع إليهم ومعهم فقهاؤهم وأدباؤهم، وهم يؤكدون لنا كما أكد آباؤهم لجدنا تعلقهم بالعرش العلوي واستمساكهم بعروة المغرب الوثقى التي لا انقسام لها. وإننا نحيي نفوسهم الأبية وعزماتهم القوية ونرحب بهم في وطنهم وبين أهلهم، ونؤكد لهم بدورنا وليبلغ الشاهد منهم الغائب أننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا، وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان. وهكذا نحافظ على الأمانة التي أخذنا على أنفسنا بتأديتها كاملة غير ناقصة، ألا وهي ربط حاضرنا بماضينا وتشييد صرح مستقبل مزدهر”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق