تحقيق يكشف استمرار أنشطة الصيد البحري غير القانوني في شمال المغرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشف تحقيق ميداني حديث نشرت نتائجه مؤسسة العدالة البيئية “EJF” عن استمرار سفن الصيد البحري التي تنشط شمال المملكة المغربية، وتحديدًا بالمناطق المحاذية لبحر البوران، الذي يعدّ منطقةً ساخنةً للتنوع البيولوجي في البحر الأبيض المتوسط، إذ يؤوي ثلث الأنواع البحرية المعروفة في هذه المنطقة، كما يحتضن أعدادًا مهمة من الأسماك المهاجرة التي تسافر بين المتوسط والمحيط الأطلسي، في استخدام الشباك العائمة التي تستنزف الثروة البحرية والممنوعة بموجب عدد من اللوائح الدولية والإقليمية والوطنية.

وبين التحقيق، الذي يحمل عنوان “جدران الموت.. الصيد غير المشروع بالشباك العائمة في البحر الأبيض المتوسط”، أن هذا النوع من شباك الصيد يُستخدم أساسًا في صيد الأنواع البحرية الكبيرة، مثل سمك “أبو سيف”؛ ومع ذلك فإنها شباك غير انتقائية تؤدي إلى مستويات عالية من الصيد العرضي، وإلى استنزاف أعداد كبيرة من الأنواع البحرية الضخمة، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، كالسلاحف البحرية وأسماك القرش، مشيرًا إلى أن “الشباك العائمة تكون في الغالب مصنوعة من مادة النايلون، وتتحول إلى شباك شبح عند فقدانها أو التخلص منها في عرض البحر، إذ تستمر في قتل الكائنات البحرية لسنوات كما تساهم في تلوث البيئة البحرية”.

وبسبب تأثيراتها البيئية السلبية تم تنظيم استخدام الشباك العائمة وحظرها تدريجيًا على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية، بما في ذلك المغرب الذي تحظر نصوصه القانونية استعمال هذا النوع من شباك الصيد المستنزفة للثروة البحرية. غير أن تحقيق مؤسسة العدالة البيئية أكد أن الصيد بالشباك العائمة مازال مستمرًا في المملكة المغربية، حيث يتم تخزينها في الموانئ وعلى متن السفن التي تعمل في المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب في بحر البوران، على مرأى من الجميع.

وتشير نتائج تحقيق مؤسسة “EJF” إلى تطور شكل وحجم السفن التي تستخدم شباك الصيد العائمة، إذ كانت تُستعمل بكثرة من قبل القوارب الصناعية الكبيرة أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، غير أنها بدأت تُستخدم أيضًا من قبل قوارب الصيد الخشبية الصغيرة التي يتراوح طولها ما بين خمسة وعشرة أمتار، ويصل وزنها إلى ثلاثة أطنان.

في سياق مماثل تؤكد المؤسسة التي أشرفت على إنجاز هذا التحقيق أن مجتمعات الصيد شمال المملكة المغربية تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة، إذ تأثرت بتبعات جائحة كورونا وتبعات أزمة الطاقة الناجمة عن استمرار الحرب في أوكرانيا، إذ أكد عدد من الصيادين الذين أجرت معهم مقابلات أن الظرف الاقتصادي وعدم إنفاذ حظر استعمال الشباك العائمة يدفعان المهنيين في قطاع الصيد البحري إلى تبني ممارسات صيد غير قانونية، أو حتى التفكير في الهجرة خارج البلاد.

من جانب آخر بينت معطيات التحقيق ذاته أن الطلب الأجنبي المرتفع على الأسماك، خاصة سمك “أبو سيف” من طرف الاتحاد الأوروبي، يُعد هو الآخر محركًا لاستمرار استعمال هذا النوع من الشباك المحظورة شمال المغرب، إذ يُشير إلى أن “الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تستورد سمك ‘أبو سيف’ الذي يتم اصطياده بشكل غير قانوني بواسطة سفن الشباك العائمة، ما ينتهك لوائح الاتحاد التي تهدف إلى إنهاء الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم، وبالتالي فإن الاتحاد الأوروبي، باعتباره سوقًا رئيسيًا، يتحمل مسؤولية ضمان أن تكون حصيلة الصيد البحري قانونية ومستدامة”.

وطالبت مؤسسة العدالة البيئية “EJF” كلًا من الحكومة المغربية والاتحاد الأوروبي واللجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة في المحيط الأطلسي (ICCAT)، والهيئة العامة لمصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط (GFCM)، بالعمل على إنهاء استخدام شباك الصيد غير القانونية وحماية الحياة البحرية في المنطقة، مع مواصلة دعم الانتقال العادل والمستدام لحماية سبل عيش مجتمعات الصيد شمال المملكة المغربية.

كما أوصت المؤسسة الحكومة في الرباط بضمان امتثال الصيادين للتشريعات الوطنية والالتزام بالقضاء على استخدام شباك الصيد غير القانونية بحلول السنة القادمة، من خلال وضع إستراتيجيات لتحقيق هذه الغاية بالتنسيق مع السلطات الإقليمية والمحلية ومجتمعات الصيد والمجتمع المدني، ثم التعاون مع العاملين في صناعة المأكولات البحرية في المغرب لضمان عدم وصول المأكولات الناتجة عن الصيد غير القانوني، بما في ذلك سمك “أبو سيف”، إلى الاتحاد الأوروبي وأسواق أخرى.

واستندت المؤسسة سالفة الذكر في إنجاز تحقيقها إلى بحث ميداني أجراه موظفوها بين عامي 2023 و2024، شمل رحلات استكشافية في البحر بشراكة مع منظمة غير حكومية إسبانية، إضافة إلى زيارات ميدانية إلى موانئ طنجة والمضيق والحسيمة وسيدي حساين والناظور في المملكة المغربية، كما أجرت مقابلات مع صيادين وأطباء بيطريين ومنظمات من المجتمع المدني.

جدير بالذكر أن الشباك العائمة هي نوع من الشباك الخيشومية المصممة للانجراف مع التيارات البحرية (بدلًا من تثبيتها في قاع البحر)، حيث يتم تثبيتها بواسطة عوامات على الجزء العلوي وأوزان في الجزء السفلي، ويتم في العادة وضعها بالقرب من سطح مياه البحر أو في منتصف المياه، ويتم ربط أحد طرفيها بسفينة أو تمييزه بواسطة عوامة مرتفعة ظاهرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق