يعتبر الرزق من القضايا الأساسية في حياة الأفراد والمجتمعات، إذ تُشكل مفاهيمه المنطلق الرئيسي للتفكير في مسألة الحصول على المال والموارد،في هذا المقال، سنحاول تسليط الضوء على الحديث القدسي الذي يتناول موضوع الرزق، بالإضافة إلى استعراض بعض الآيات القرآنية التي تتعلق بالعطاء من الله،كما سنناقش معنى الرزق وكيف يقوم الله بتوزيعه وفقًا لحكمته وإرادته، مما يعكس العطاء الإلهي الذي يضمن التوازن في حياة البشر.
حديث قدسي عن الرزق
سنستعرض في هذا السياق حديث نبوية شريفة تسلط الضوء على كيفية جلب الرزق ومكانة الصدقة فيه،وتعد الصدقة من أبرز الوسائل التي تعزز من استجلاب الرزق، حيث يوضح الحديث القدسي أن الله يرزق عباده المؤمنين بحسب حكمته، ومن حيث لا يحتسبون
روي عن علي بن الحسين بن علي قوله (اجتمع علي بن أبي طالب وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وتماروا في أمور، فقال لهم علي انطلقوا بنا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نسأله،فلما وصلوا قالوا له يا رسول الله, جئنا نسألك، فقال إن شئتم سألتموني، وإن شئتم أخبرتُكم بما جئتم له،قالوا أخبرنا يا رسول الله، قال جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تكون ولا ينبغي أن تكون الصنيعة إلا لذي حسب أو دين، وجئتم تسألوني عن الرزق يجلبه الله على العبد، الله يجلبه عليه فاستنزلوه بالصدقة، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعيف، وجهاد الضعيف الحج والعمرة، وجئتم تسألوني عن جهاد المرأة، وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها، وجئتم تسألوني عن الرزق من أين يأتي وكيف يأتي، أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب).
حديث قدسي عن الرزق والتوكل
يمكننا أيضًا أن نرى مجموعة من الأحاديث النبوية التي توضح أساليب الحصول على الرزق،إذ يبرز التوكل كعامل أساسي في تقبل الرزق، حيث يكتسب الإنسان خير ما يُجلب له،يروي البخاري ومسلم عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال (إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد وَكَّلَ بالرَّحمِ ملَكًا، فيقول أي ربِّ، نطفةٌ، أي ربِّ، علقةٌ، أي ربِّ، مضغةٌ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقًا، قالَ قال الملكُ أي ربِّ ذَكَرٌ أم أنثى شقيٌّ أم سعيدٌ فما الرِّزقُ فما الأجلُ فيُكْتبُ كذلِكَ في بَطنِ أمِّهِ).
حديث قدسي عن الدنيا والرزق
الله عز وجل هو من يكتب للعباد أرزاقهم حتى وهم في بطون أمهاتهم،يُظهر كل إنسان عند الله ما هو رزقه وما أجله وما جنسه، وكل ذلك مدون في كتابه،وفيما يلي بعض الأحاديث عن الرزق والدنيا
- حدّث أبو هريرة -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- “يا ابنَ آدمَ تفرَّغ لعبادَتي، أملأُ صدرَكَ غنًى وأسُدَّ فقرَكَ وإلَّا تفعلْ ملأتُ صدرَكَ شُغلًا ولَم أسُدَّ فقرَكَ”.
- كما جاء في حديث قدسي ضعيف، “إنّي والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري، وارزقه ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلى صاعد أتودد إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، أهل ذكري أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أقنطهم أبدًا من رحمتي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب”.
حديث قدسي عن الرزق الشعراوي
قدم الشيخ الشعراوي في إحدى خطبه كلمة تناولت الرزق باعتباره قسمة من الله،واستشهد بحديث قدسي جاء فيه قال الله عز وجل
- يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا وإن لم ترضى بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما.
- يا ابن آدم خلقت السماوات السبع والأرضين السبع ولم أعي بخلقهن أيتعبني رغيف عيش أسوقه إليك بدون تعب يا ابن آدم لا تطالبني برزق غد كما لم أطلبك بعمل غد فإني لم أنس من عصاني فكيف من أطاعني وأنا على كل شيء قدير، يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبًا.
حديث عن قطع الرزق
هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى قطع الرزق، مثل قطع صلة الرحم، والغش في الميزان، واستحلال المال الحرام،وهنا نقدم بعض الأحاديث التي تبرز أسباب قطع الرزق وطرق علاجها
- قال عليه الصلاة والسلام (من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أجله فلْيتقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه).
- أقبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدرِكوهن، لم تَظهر الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بها إلَّا فَشا فيهم الطاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِم الَّذين مَضوا، ولم ينقُصوا المِكْيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدَّةِ المئونَةِ وجَورِ السُّلطانِ عليهم، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالِهِم إلَّا مُنِعوا القَطرَ منَ السَّماءِ، ولَولا البَهائمُ لم يُمطَروا.
- عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال (ما مِن قومٍ يَظهرُ فيهِمُ الرِّبا إلَّا أُخِذوا بالسَّنةِ وما مِن قومٍ يَظهرُ فيهِم الرّشوة إلَّا أُخِذوا بالرّعبِ).
آيات قرآنية عن الرزق
بجانب الأحاديث القدسية، نجد الآيات القرآنية التي تشير إلى الرزق وتطمئن القلب حيال كيفية تحصيله،ومن هذه الآيات
- قال الله تعالى في سورة الأعراف (ولَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
- قال الله تعالى في سورة هود (ويا قومِ استغفروا ربَّكم ثم توبوا إليه يُرسلِ السماءَ عليكم مِدْرارًا وزِدْكم قوَّةً إلى قوتِكم ولا تتولَّوا مجرمين).
- قال الله تعالى في سورة سبأ (قل إنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
- قال اللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ،﴿٧١ النحل﴾
- إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ،﴿٣٠ الإسراء﴾
- فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ،﴿١٧ العنكبوت﴾
في ختام مقالنا، نستخلص أنه من المؤكد أن الرزق هو قضية محورية في حياة الإنسان وأمر مكتوب ومقسوم،من خلال الأحاديث القدسية وآيات القرآن الكريم، نأمل أن تكون قد وفرت لنا رؤى واضحة حول مفاهيم الرزق وأسبابه،إن اللجوء إلى الله بالتوكل والنية الصادقة، مع العمل الصالح وقطع الأسباب التي تمنع الرزق، هو السبيل للوصول إلى حياة كريمة مليئة بالخيرات،نسأل الله أن يرزق الجميع من فضله ورحمته.
0 تعليق