نظَّم جناح الأديان في COP29 خلال فعالياته لليوم السَّادس عددًا من الجلسات الحواريَّة التي تناولت قضايا جوهرية مرتبطة بالأزمة المناخية، مركزة على أهمية تحسين حوكمة الأرض لتحقيق مستقبل مستدام، وسبل تقديم حلول حاسمة وناجعة قائمة على الطبيعة، وكيفية تحقيق تحول عادل ومسؤول نحو نظم غذائية، كذلك العلاقة الوثيقة بين القيم الدينية والعمل المناخي وأهمية دمجهما لمعالجة التحديات البيئية وتحقيق العدالة المناخية من خلال تنفيذ إستراتيجيات تضمن تعزيز مرونة المجتمعات الأكثر تضررًا من تداعيات المناخ.
جناح الأديان في "COP29 يناقش الدور الحيوي الذي تؤديه المرأة في دعم العمل المناخي
وفي كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية اليومية للجناح، أوضحت الأخت مورين غودمان، مديرة منظمة براهما كوماريس في المملكة المتحدة، أنَّ العالم يقف عند نقطة حاسمة في مفاوضات تغير المناخ، لذلك فإن دور المجتمعات الدينية أصبح ضروريًّا ومؤثرًا ويجب الاستماع إليه بشكلٍ أكبر، مؤكدة ضرورة توحيد جهود مؤتمرات المناخ المختلفة لمعالجة الأزمة البيئية بما في ذلك تقديم استجابة فعالة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وتعزيز دمج البعد الإيماني مع الأصوات الأخرى من أجل بناء مستقبل مستدام ومزدهر يعود بالنفع على الأجيال الحالية والقادمة.
وجاءت الجلسة الأول من فعاليات اليوم السادس بجناح الأديان تحت عنوان: "حماية النظام المناخي المشترك.. حوكمة الأرض من أجل مستقبل مستدام" لتتناول قضايا جوهريَّة تتعلق بالأزمة المناخية وكيفية معالجتها من خلال تحسين الحوكمة العالمية؛ حيث أكَّد المشاركون بالجلسة أنَّ الأزمة المناخية ليست سوى عرض لمشكلة أعمق تتعلق بضعف آليات الحوكمة العالمية، وأنَّ معالجة هذه الآليات يمكن أن تكون مفتاحًا لحل الأزمة المناخية وغيرها من التحديات مثل التصحر والأوبئة والحروب والصراعات المستمرة، مشيرين إلى أن استمرار انبعاثات الكربون يؤدي إلى تفاقم الأضرار البيئية، مما يتطلَّب تشكيل تحالفات بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والدول ذات التفكير المماثل والجهات الفاعلة الأخرى لتحقيق تغيير فعَّال في الحوكمة العالمية.
وركزت الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان: "التحول العادل نحو منظومة غذائية مستدامة في المجتمعات"، على تأثيرات تغير المناخ على المزارعين الصغار، والخسائر الكبيرة التي يواجهونها بسبب الأزمة المناخية، كما تطرَّق المشاركون في الجلسة إلى الدور الحيوي الذي تؤديه النساء لتحقيق الأمن الغذائي، خاصَّة في المناطق الريفيَّة، وأهمية تمكينهن عبر توفير الموارد والإمكانيات اللازمة؛ مؤكِّدين أن تحقيق الاستدامة في الأنظمة الغذائية يتطلب تعزيز قدرة المجتمعات على التكيف، والتقليل من الأنظمة الغذائية التي تساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعزيز النظرة الشاملة التي تربط بين الإنسان، الغذاء، والطبيعة، مع ضرورة تعزيز القيم الدينية التي تدعو إلى التعاون للحفاظ على البيئة وحماية الأرض.
ودعا المشاركون في الجلسة الثالثة بعنوان: "صندوق التكيف القائم على النظام البيئي العالمي.. منح صغيرة محفزة» لتعزيز الابتكار من أجل تعزيز القدرة على مواجهة تغير المناخ، إلى تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية من خلال حلول قائمة على الطبيعة، موضحين أهمية الدور الذي يؤديه صندوق التكيف القائم على النظام البيئي كآلية تمويلية تركز على المشاريع المبتكرة والشاملة التي تسعى لخلق بيئة مواتية لتطبيق الحلول المناخية، بهدف زيادة مرونة المجتمعات المحلية الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي والنظم البيئية الضعيفة في مواجهة تأثيرات التغير المناخي.
وفي الجلسة الرابعة التي كانت بعنوان: "تجسيد العمل المناخي من منظور ديني"، تناول المشاركون العلاقة الوثيقة بين الأديان والعمل المناخي، وكيف يمكن أن تسهم المبادئ والقيم الدينية في معالجة الأزمة المناخية، كما أوضحوا أن البشرية تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة وهي إدارة الأرض برعاية واحترام وليس استغلالها بشكل جائر، مؤكدين أن الإنسان جزء من منظومة الأرض ويعتمد عليها، وأن أفعاله المدمرة للطبيعة هي السبب الرئيسي للأزمة المناخية الحالية، ولكن بإمكانه أيضًا أن يكون جزءًا من الحل.
وناقشت الجلسة الحوارية الخامسة التي عقدت تحت عنوان: "الإيمان في العمل: التعاون متعدد الأديان، ومتعدد القطاعات، وعبر الأجيال من أجل بناء مستقبل أفضل"، أهمية التعاون بين الأديان والأجيال لتحقيق مستقبل مستدام في مواجهة تغير المناخ؛ حيث ألقى المشاركون الضوء على أن جناح الأديان في مؤتمرات الأطراف أصبح منصة فاعلة للحوار حول العمل المناخي، وأبرز الحاجة الملحة للصوت الأخلاقي والروحي من أجل العمل على تحقيق العدالة المناخية؛ لأن الإيمان الحقيقي يتجاوز المعتقدات الفردية ليشمل السلوكيات العملية والتأثير الإيجابي على المجتمع والبيئة.
واستعرضت الجلسة الأخيرة في فعاليات اليوم السادس من جناح الأديان تجربة القرية البيئيَّة التابعة لمشروع المساعدة الإسلامية في تنزانيا، التي أُنشئت على مساحة 38 فدانًا لتوفير الرعاية الشاملة للأطفال الأيتام في بيئة عائلية تتيح لهم تعلم المهارات الحياتية الضرورية، بالإضافة إلى تعليميهم كيفية استخدام المياه والطاقة بكفاءة واحترام الطبيعة، مما يعزز وعيهم البيئي ويشجع التنمية المستدامة، وقد أكد المشاركون في الجلسة أهمية دمج الاستدامة البيئية في المشاريع الإنسانية والتنموية، مشيرين إلى أن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإنسانية غالبًا ما تركز على تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى، دون معالجة الأسباب العميقة للفقر وتدهور البيئة، موضحين أن بعض الجهود، مثل حفر الآبار، قد لا تكون مستدامة إذا لم تُتخذ خطوات لحماية البيئة الطبيعية، بما في ذلك الحفاظ على الغابات والتنوع البيولوجي، مما قد يؤثر سلبًا على الأمن الغذائي والمائي في المستقبل.
ويستضيف جناح الأديان في COP29، الذي يستمر خلال الفترة من 12 إلى 22 نوفمبر، أكثر من 40 جلسة نقاشية بمشاركة 97 منظمة تمثل 11 ديانة، بهدف البناء على النجاح الذي تحقق في النسخة الأولى خلال COP28، من خلال تعزيز التعاون بين الأديان لحماية الأرض، واستكشاف أفضل الممارسات للتكيف المستدام، وتشجيع أنماط الحياة المستدامة، بالإضافة إلى مناقشة التأثيرات غير الاقتصادية لتغير المناخ وآليات العدالة المناخية.
0 تعليق