قال عماد برقاد، المدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية (SMIT)، إن “أول ما يجذب المستثمر السياحي اليوم إلى المغرب هو ما يسمى [الميزة]، أي رأس المال المغربي، المتمثل في رأس المال المادي واللا مادي”، موضحا أن “حب البلد الذي يستثمر فيه يعتبر أمرا مهما. ومن هنا تبدأ فكرة خلق فرصة للاستثمار في مكان ما. وإذا كان الجانب الاقتصادي المتعلق بالربحية والعائد يكتسي أهمية بالغة، فإن هناك خارطة طريق كاملة تساعد على إقناع المستثمر بأن المملكة هي وجهة مربحة”.
وشدد برقاد، في تصريح لهسبريس على هامش جلسة نقاش نظمت في افتتاح ثاني أيام منتدى “موروكان شو كايس” بالدار البيضاء، تحت عنوان “الاستثمار في السياحة بالمغرب” (investing in morocco tourism)، على أنه “لا يمكن الاعتماد فقط على حب البلد لجذب الاستثمار، بل يجب أيضا توفير الربحية، حيث يلعب الاستقرار السياسي دورا مهما في جذب المستثمرين، بالإضافة إلى ذلك هناك المشاريع الكبرى التي يطورها المغرب، مثل مشاريع الطيران والبنية التحتية، وكذا المستشفيات والأمن الاجتماعي والفلاحة والصناعة”.
وتابع المدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية قائلا: “إلى جانب الحوافز المذكورة، هناك ميثاق الاستثمار، الذي يختزل جهود مختلفة تبذلها الحكومة لجعل هذا القطاع السياحي مربحا، سواء على مستوى الطيران أو الترويج أو التكوين أو دعم الاستثمار، وبالتالي فكل هذه العناصر تخلق منظومة جذابة اليوم للمستثمر الأجنبي ليختار الاستثمار في المغرب”، مشيرا إلى أن شركته تواكب هؤلاء المستثمرين الأجانب في جميع المراحل، بداية من تزوديهم بدراسات تتضمن أرقاما ونسبا وإحصائيات، ذلك أن البيانات تعتبر أداة مهمة لأي مستثمر خلال مرحلة أولى.
وأوضح المتحدث أن “المرحلة الثانية تهم تنفيذ المستثمر لمشروعه، إذ يتم دعمه من قبل المركز الجهوي للاستثمار على المستوى المحلي، بالإضافة إلى الشركة المغربية للهندسة السياحية، التي ترافقه في هذا الاتصال الأول، ثم يأتي دور المواكبة بعد إنشاء المشروع”، موردا أن “كل هذا العمل يتم بالتعاون الوثيق مع المستثمرين وبشراكة معهم، حيث يتم تطوير علاقة تجعلهم يحبون المغرب أكثر ويعيدون الاستثمار فيه”، مبرزا أن “نجاح تجربة الاستثمار أمر بالغ الأهمية. وهنا يأتي دور الشركة، حيث تضفي قيمة مضافة إلى هذا القطاع”.
تجاوز نقائص نمو القطاع السياحي
من جهته، أفاد حميد بن طاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة (CNT)، بأنه “بفضل الرؤية المستنيرة للملك محمد السادس بشأن تطوير القطاع السياحي، وصلنا اليوم إلى أرقام قياسية وأداء استثنائي. ولدينا رؤية واضحة مع مواعيد مهمة في المستقبل واهتمام متزايد من المستثمرين ببلدنا”، مشيرا إلى أنه خلال جلسة النقاش حول الاستثمار السياحي بالمغرب، “حرصت الكونفدرالية على مشاركة المستثمرين المعطيات والمعلومات اللازمة حول القطاع، وتقريبهم من الدينامية الجديدة التي يعرفها وخارطة الطريق القطاعية التي توفر حلولا لضمان نمو مزدوج يفوق التوقعات”.
ونبه بن طاهر، في تصريح لهسبريس على هامش الحدث ذاته، إلى عمل الفاعلين في القطاع السياحي على “زيادة عدد الوافدين بما يتجاوز قدرات العرض لتحسين الربحية شهريا وسنويا، لتجاوز نقائص النمو التي طبعت السنوات الماضية”، موضحا: “لقد استعرضنا أمام المستثمرين برامج الدعم وميثاق الاستثمار، وهو برنامج فريد لتشجيع الاستثمار الخاص في بلدنا. كما ركزنا على تنويع العرض السياحي لخلق فرص شغل في جميع أنحاء المغرب”، مشددا على أن المنتدى الجديد يتيح فرصة الاستماع إلى المستثمرين السياحيين وتقديم الفرص لهم والعمل معهم لبناء مستقبل أكثر نضجا واستدامة للتنمية السياحية في المملكة.
وبخصوص العدالة في توزيع الاستثمارات السياحية في المغرب، علق رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة بالقول: “إذا نظرتم إلى نمو الوافدين، فإن جميع مناطق المغرب تستفيد من هذه الدينامية. وبالطبع، فالتوزيع يختلف بناء على القدرات، ذلك أن هناك وجهات تشهد نموا كبيرا، وهنا يجب التأكيد على أن ميثاق الاستثمار موجود لتوجيه الاستثمارات نحو المناطق الأقل شهرة”، مشيرا إلى وجود آليات تشجع على تحقيق العدالة الترابية، يجري تفعيلها بالعمل مع الجهات المختلفة، باعتبار أن لكل جهة تحدياتها واحتياجاتها الخاصة، بالإضافة إلى أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص على مستوى كل جهة وكل منطقة، في أفق تحقيق أقصى أداء للمستثمرين الحاليين وزيادة نشاطهم.
وأضاف أن “الفاعلين في القطاع يستهدفون إقناع المستثمرين المحليين والدوليين بتنويع استثماراتهم. ونأمل أن نرى قريبا ميثاق الاستثمار الخاص بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة الذي ينتظره المهنيون. ورغم وجود حلول للاستثمارات التي تفوق 50 مليون درهم وأخرى أقل من 10 ملايين درهم، فإننا بحاجة إلى آلية موجهة للفئة المذكورة من المقاولات، التي تلعب دورا مهما في الصناعة السياحية”.
تحديات الاستدامة البيئية والمياه
خلال جلسة النقاش حول الاستثمار السياحي في المغرب، أوضح “طوماس بيليرين”، المسؤول عن قطب الصناعة والخدمات في المغرب وغرب أفريقيا بالشركة المالية الدولية (IFC)، أن “المغرب يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالضغوط البيئية والاجتماعية، وسكان الدار البيضاء يشعرون بها أكثر من أي مكان آخر. لذلك، مع تطويرنا لصناعة السياحة في المملكة، من الضروري أن تكون إدارة المياه في صلب هذا التطوير”، مستدلا بأن نسبة 80 في المائة من السياح أو أكثر هم من المسافرين الدوليين، والغالبية العظمى منهم يأتون من أوروبا.
وأضاف “بيليرين” أن “الأوروبيين أصبحوا أكثر وعيا بالبيئة، وزبائن الوجهة المغربية من السياح يرغبون في التأكد من أن الفنادق والأنشطة التي يقومون بها أثناء تواجدهم في المغرب لا تؤدي إلى تدمير البيئة. هذا الأمر أساسي لصناعة الضيافة في المملكة، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار”، مشيرا إلى دعم الشركة المالية الدولية عددا من الفاعلين السياحيين في جميع أنحاء العالم، تتوقع منهم تبني ممارسات مستدامة، مؤكدا أن الشركة انخرطت في تطوير شهادة بناء مستدامة تدعى “EDGE”، هي أبسط بكثير من غيرها من الشهادات، تم تصميمها خصيصا للبلدان منخفضة الدخل، وقد “أصبحت رائدة اليوم في بعض البلدان، مثل كولومبيا وفيتنام وغيرهما”.
0 تعليق