عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم محمد أبو زيد: أكتب الشعر والرواية وربما فى المستقبل أكتب صنفا جديدا.. والكاتب لا يمنح نفسه لقبا - سعودي فايف
حوار - محمود عماد:
نشر في: الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 5:45 م | آخر تحديث: الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 5:56 م
- فى روايتى الأخيرة «ملحمة رأس الكلب» هناك إشارات إلى فنون الكوميكس والمانجا اليابانية والسيناريو
- أى كاتب يسعد بإعادة طباعة أعماله.. ودار الشروق واحدة من أهم دور النشر العربية
محمد أبو زيد الكاتب الذى جمع بين الفنين الكبيرين الشعر والنثر، بمعنى آخر القصائد والرواية، تنوع أبو زيد فى الكتابة بين الاثنين وتفوق فيهما معا. حصد الجوائز فى الإثنين، حتى لم نعد نستطيع أن نصنفه هل هو روائى، أم شاعر، أو هو كاتب يكتب فنا جديدا يجمع بين الشعر والنثر معا، يحظى محمد أبو زيد باسم لامع فى الأوساط الثقافية والأدبية المختلفة، وحازت أعماله على إشادات نقدية، وبدأ أبو زيد رحلة إعادة طباعة أعماله الأولى مرة جديدة، وذلك بروايته الأولى «أثر النبى»، والتى صدرت فى طبعتها الجديدة عن دار الشروق، بعد تعاون أول كان نشر رواية «ملحمة رأس الكلب». ولهذا حاورته «الشروق»، للحديث عن إعادة نشر رواية «أثر النبى»، وعن أعماله المختلفة.
- لك العديد من الدواوين الشعرية التى وصلت لثمانية دواوين، ونشرت فى البداية خمسة دواوين تقريبا قبل نشر روايتك الأولى، ولكنك نشرت بعض القصص القصيرة فى بعض الصحف قبل حتى نشرك لدواوينك، فكيف تصنف نفسك هل أنت شاعر أم روائى؟
ـــ أكتب الشعر والرواية، وربما فى المستقبل أكتب صنفا جديدا، لذا أجد أنه من ليس من اليسير أن أحبس نفسى تصنيف، الكاتب لا يصنف نفسه ولا يمنح نفسه لقبا، فهو فى كل الأحوال يسعى فى طريق قد لا يصله حتى نهاية أجله، لأنه لا مسلمات فى الكتابة ولا شىء مؤكد، حين يتأكد الكاتب من أمر عليه أن يغادره إلى ما يُقلقه، فهذا القلق هو ما سيصنع نصا جيدا. مهمة التصنيف تقع على عاتق القراء والنقاد بعد أن يقرأوا مجمل نتاج الكاتب، وعندها يقررون إذا كان يستحق أن يحمل لقب شاعر أو روائى أو كاتب مسرحى. بالنسبة لى الكتابة ـ فى الشعر أو السرد ـ هى مجرد محاولة لإضافة شىء إلى هذا الخط غير المرئى من الخيال الذى يمنح حياتنا معنى، ليس بالضرورة أن ينجح من يحاول ذلك، لكن عليه أن يحاول فى كافة أنواع الكتابة إذا استطاع وإذا كانت لديه الملكة، فليكتب الشعر والقصة والمسرح وليرسم ويغنى ويلحن، عليه أن يجرب وأن يهرب من قفص الحبس فى التصنيف، فالهرب صنوان للحرية. والحرية هى هدف الكتابة الأسمى.
< من تلك العلاقة التى تحدثنا عنها بين كونك شاعرا وروائيا، وبين الدواوين الشعرية والروايات كيف أثرت علاقة الكتابة النثرية بالشعر عليك كممارس للأدب، وللفنين؟
ـــ أعتقد أن على الفنون أن تستفيد من بعضها، وأن تكمل بعضها بعضا، انظر إلى السينما مثلا، هذا الفن الساحر الذى تتعاضد فيه فنون الكتابة والإخراج والموسيقى والتمثيل والغناء، لتخرج فنا واحدا. بإمكان الكتابة فى أى صنف أدبى أن تكون كذلك، كأن تأخذ الرواية من الشعر لغته ومن المسرح حواره ومن الرقص إيقاعه ومن السينما مشهديتها، فى روايتى الأخيرة «ملحمة رأس الكلب» هناك إشارات إلى فنون الكوميكس والمانجا اليابانية والسيناريو، ليس بالضرورة أن أكون نجحت فى مسعاى، وليس بالضرورة أيضا أن تفعل كل النصوص ذلك، لكن ليفعل ذلك النص الذى يحتمل هذا التجريب. عندما أنهيت ديوانى «مدهامتان» الذى كتبته بعد روايتى الأولى «أثر النبى»، لاحظت أن طريقة كتابتى للشعر تغيرت، وأن طريقة تفكيرى فى شكل القصيدة وما يجب أن تكون عليه من وجهة نظرى تطورت دون أن أقصد، فى المقابل كانت روايتى الثانية «عنكبوت فى القلب» مختلفة تماما عن الأولى «أثر النبى»، لغة وفكرة واستفادة من العوالم الشعرية، إذ تقوم بالكامل على إحدى شخصيات دواوينى. وما أعنيه بكل هذا أن كل عمل ـ سواء كان شعرا أو رواية يستفيد من الأعمال السابقة، ومن تقنيات الكتابة الموجودة فى الفنون الأخرى.
< روايتك «أثر النبى» التى قمت بإعادة نشرها تنطلق من نقطة الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، ووقت نشرها الأول عام 2010، حدثنا عن لماذا تحديد غزو العراق، وهل ساهم توقيت النشر أو الكتابة فى أحداث الرواية ومضمونها؟
ـــ نشرتُ الرواية فى طبعتها الأولى بعد 7 سنوات من غزو العراق، لكنها كان معظمها مكتوبا فى سنة الغزو، وبالتأكيد ساهمت الأجواء العامة للحدث وتأثيره النفسى الكبير علينا فى ذلك الوقت فى تشكل فكرة الكتابة. غزو العراق العام 2003، هو أهم حدث سياسى مرّ به جيلى حتى حينه.
جميعنا فى بداية العشرينيات، لدينا أفكار مسبقة نؤمن بها ونقدسها عن فكرة العروبة والقومية والأمة الواحدة، ثم يقع هذا الزلزال السياسى فنجد أنفسنا وقد أُسقط فى أيدينا. لا فقط نشاهد دولة عربية تباد ونحن لا نستطيع حراكا. كانت هناك مقدمات طبعا لما حدث، مثل احتلال الكويت عام 1991، وأحداث سبتمبر 2001، لكن كانت كل الأفكار الكبرى التى آمنا بها تتهاوى أمامنا، حتى هذا أفكار مثل الاشتراكية انهارت مع تفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991، وسقوط العالم فى أسر القطب الأمريكى الواحد. وبدأت نذر هزيمتنا ـ كجيل ـ التى لاحقتنا فيما بعد تتبدى. وحين أنظر الآن إلى الأمر يتأكد داخلى أننا جيل مهزوم، هزمتنا أفكارنا وأحلامنا والأناشيد التى حفظناها صغارا عن الأمة العربية، هزمتنا الأفكار الناصرية عن القومية، هزمتنا حتى أفكارنا عن الحرية التى قرأناها فى الكتب القديمة وصدقناها، هزمتنا الأحداث الشداد، من احتلال الكويت لغزو العراق لثورة يناير لحكم الإخوان، لكل التداعيات التى أوصلتنا إلى هذه اللحظة التى نتحدث فيها. هذا الجيل الذى ولد فى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات عاش فى عالمه المغلق، حين انفتح العالم على مصراعيه بسبب العولمة وثورة الاتصالات والإنترنت لم يعرف ماذا يفعل، حاول أن يتفاعل فلم يستطع، ولما وجد نفسه قد تجاوز الأربعين وقارب الخمسين، آثر الانغلاق على ذاته والعيش فى ثوب الأب الحكيم، لكنه فى أعماقه خائف ويائس. ومن هنا كان استدعاء مشهد تنحى عبد الناصر فى رواية «أثر النبى»، لكن إذا كان ذلك الجيل قد هزم فى 1967، فإنه قاوم وعاد لينتصر فى أكتوبر 1973، لكن جيلنا لم يفعل.
< حدثنا عن تجربة نشر أعمالك السابقة، وهل تنوى القيام بذلك مع كل أعمالك السابقة؟
ـــ أى كاتب يسعد بإعادة طباعة أعماله، لأن ذلك يجعلها متاحة فى المكتبات للقراءة والنقاش. معظم أعمالى القديمة لم تعد موجودة، ديوانى الأول «ثقب فى الهواء بطول قامتى» صدر قبل 21 عاما، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبالطبع لم يعد موجودا، أيضا صدرت لى 6 أعمال بين الشعر والرواية عن دار شرقيات، التى كانت واحدة من أهم دور النشر فى مجال النشر الخاص، لكن للأسف أغلقت أبوابها، كما صدر لى ديوان «مديح الغابة» عام 2006 من هيئة الكتاب، وبالطبع كان مصيره مصير معظم الكتب فى المؤسسات الحكومية، وهو الاختفاء فى المخازن، ثم وجدت عام 2019، أنه عندما يسألنى صديق أو قارئ عن أحد كتبى أخبره أنها غير موجودة، لكل الأسباب التى ذكرتها لك، ومن هنا جاءت فكرة إعادة طباعة الكتب، وبدأت بإعادة طباعة الكتب التى أرى أنها تمثل جزءا مهما من تجربتى، وربما فى المستقبل أفكر فى طباعة كل الأعمال السابقة.
< إعادة نشر رواية «أثر النبى» هو تعاونك الثانى مع دار الشروق بعد رواية «ملحمة رأس الكلب»، فكيف ترى التعاون مع دار الشروق؟
ـــ دار الشروق واحدة من أهم دور النشر العربية، وقد سعدت بوجودى وسط أسماء مهمة فى عالم الكتابة من جيلى والأجيال السابقة طبعا، وسعدت بالتعامل مع الأصدقاء الأعزاء فريق العمل فى الدار، الذين يهتمون بكل التفاصيل منذ تسليم المخطوط وعبر جميع مراحل النشر، وحتى بعد صدور الكتاب، كما يهتمون بإتاحة الكتب على جميع المنصات الإلكترونية وفى جميع معارض الكتب الدولية، وهذا هو هدف أى كاتب. وإن شاء الله يكون هناك تعاون فى عمل قريب.
< بما أنك حصلت على العديد من الجوائز الأدبية سواء عن الشعر أو عن النثر، كيف ترى الجوائز الأدبية وتأثيرها على المشهد الأدبى بشكل عام؟
ــــ أى كاتب يسعد بحصوله على جائزة، ليس بسبب المردود المادى بحسب، بل لأن الجائزة بمثابة تقدير معنوى على ما قدمه، لا سيما وإذا كانت الجائزة كبيرة ومهمة. والحقيقة أن لدينا نقصا فى عدد الجوائز الخاصة بالكتابة فى مصر، مع هذا العدد الكبير من المبدعين. تخيل مثلا أنه فى مصر لا توجد جائزة متخصصة فى الشعر، إلا جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية، أعتقد وجود عدد أكبر من الجوائز سيحفز المبدعين على تقديم أفضل ما لديهم، كما أن هذه الجوائز ستسلط الضوء على الكتب الجديدة، فتهتم المكتبات بها، وتعيد طباعتها وتقديمها للقارئ، وتشجع الكاتب على تقديم جديد، مما يؤدى إلى رواج أكبر فى حركة النشر. بهذه الطريقة يمكن النظر إلى الجوائز باعتبارها عاملا محفزا ومهما فى حركة الكتابة والنشر، لكن فى كل الأحوال لا يجب على المبدع أن يضعها أمامه كشرط لتقييم نتاجه، أو محرك له للنشر، بل هى مجرد «مفاجأة لطيفة تحدث لك»، لكن عدم حدوثها لا يعنى تقليلا من قيمة ما تقدمه أو أهميته.
< لقد أسست موقع الكتابة الثقافى، وهو موقع مهتم بالشأن الثقافى والفنى والنقدى فى الوطن العربى، فكيف ترى تجربة الصحافة الثقافية بشكل عام، وخاصة فى هذه الآونة؟
ـــ موقع الكتابة كان أول وأقدم موقع ثقافى مصرى شامل، وبدأ منذ عام 2007 وما زال مستمرا، وكان الغرض من وجوده هو تحدى ظروف النشر الصعبة فى ذلك الوقت، إذ لم يكن النشر وقتها بالسهولة الموجودة الآن، كانت هناك مجموعة من الصفحات الثقافية فى عدد من الصحف وتعانى فى معظمها من الشللية. اختلف الأمر مع مرور الوقت، ومع ظهور الفيس بوك، وانتشار المدونات، فأصبح لكل شخص منصته الخاصة، وجمهوره الخاص أيضا، وتراجع ما عدا ذلك.
الصحافة الثقافية تعانى من أزمة بالطبع، أولا لأنها عموما تعانى من أزمة كبيرة، بسبب ارتفاع سعر الورق، وبسبب التضييقات الإعلامية، وبسبب تغير ذائقة الجيل الجديد الذى أصبح يفضل التصفح الإلكترونى، فضلا عن أن الصفحات الثقافية فى الصحف أصبحت نادرة ومحدودة مع قلة الصحف وقلة صفحات الجرائد، أما المجلات والصحف الثقافية فكادت تندثر، والمطبوعة التى كانت توزع 100 ألف نسخة أصبحت لا تتعدى العشرة آلاف نسخة.
< ما هو الجديد فى عالم محمد أبو زيد الأدبى؟
ــــ هناك مشروع كتاب مؤجل منذ عشرين عاما عن «مدينة القاهرة» أتمنى أن أنتهى منه العام المقبل.
0 تعليق