السبت 23 نوفمبر 2024 | 05:38 مساءً
حرب روسيا وأوكرانية
أكّد المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي, أن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت مرحلة جديدة مع استخدام روسيا لصاروخ باليستي عابر للقارات من طراز "RS-26 Rubezh".
الصاروخ، الذي يحمل ستة رؤوس تقليدية شديدة التدمير، استهدف المجمع الصناعي العسكري الأوكراني في مدينة دينيبروبيتروفسك لأول مرة، ما أدى إلى دمار واسع وانقطاع الكهرباء عن العاصمة كييف وثلاث مدن كبرى.
وقال الهلالي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، إن ذلك الهجوم، الذي تم تنفيذه من قاعدة "كابوستين يار" في منطقة أستراخان الروسية المطلة على بحر قزوين، مثّل قفزة نوعية في تكتيكات الحرب. الصاروخ وصل إلى هدفه خلال خمس دقائق فقط بسرعة تفوق 21 ضعف سرعة الصوت، مما جعله غير قابل للرصد أو الاعتراض بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أو الأوروبية.
رسائل استراتيجية من موسكو
وفقًا لتحليل الدكتور الهلالي، يحمل هذا التصعيد الروسي ثلاث رسائل رئيسية موجهة لأطراف مختلفة في الصراع:
1. رسالة إلى أوروبا وحلف الناتو
روسيا تسعى إلى تذكير أوروبا بقدرتها على تصعيد الصراع إلى مستويات كارثية. استخدام هذا النوع من الصواريخ يُبرز قدرة موسكو على الوصول إلى العواصم الأوروبية في أقل من 30 دقيقة. كما أن الإعلان عن إمكانية إنتاج ثمانية صواريخ مماثلة شهريًا يضع الحلفاء الأوروبيين أمام واقع جديد يهدد أمنهم المباشر.
2. رسالة إلى الولايات المتحدة
الهجوم يبعث برسالة ضمنية إلى واشنطن بشأن تداعيات انسحابها من اتفاقيات الحد من انتشار الصواريخ الباليستية عام 2019. روسيا تظهر استعدادها لتوظيف تقنيات متقدمة في ظل غياب القيود التي كانت تفرضها تلك الاتفاقيات، مما يعكس استراتيجية دفاعية وهجومية متطورة قادرة على تجاوز الردع التقليدي.
3. رسالة إلى أوكرانيا
يأتي هذا التصعيد بمثابة تحذير شديد اللهجة لأوكرانيا بضرورة وقف استهداف الأراضي الروسية. تشير روسيا ضمنيًا إلى أنها مستعدة لتصعيد أكبر، بما في ذلك استخدام رؤوس نووية على صواريخ مشابهة، إذا استمرت أوكرانيا في عملياتها العسكرية.
تمهيد لتسوية سياسية
يرى الهلالي أن توقيت هذا التصعيد يرتبط بمحاولة روسيا فرض واقع جديد على الأرض، مما قد يمهّد الطريق لتسوية دبلوماسية. ومع اقتراب عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته المختلفة تجاه روسيا وأوروبا، تسعى موسكو إلى خلق بيئة سياسية تجبر حلفاء أوكرانيا على القبول بشروطها.
مقارنة تاريخية
يشبّه الهلالي هذا التطور باستخدام الولايات المتحدة للقنابل النووية على هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية، مما أجبر اليابان على الاستسلام السريع. وبالمثل، يعتقد أن روسيا تستخدم هذا التصعيد لإجبار أوكرانيا وحلفائها على الدخول في مفاوضات توقف الحرب بدلًا من تمديدها.
ويؤكد الهلالي أن استخدام روسيا لصواريخ باليستية متقدمة ليس مجرد استعراض للقوة، بل هو رسالة واضحة للضغط على الأطراف المتصارعة. هدف موسكو، بحسب الهلالي، ليس إشعال حرب نووية، بل إنهاء الصراع وفرض سياسة الأمر الواقع قبل أن تتجه الأوضاع إلى مرحلة أكثر خطورة قد لا يستطيع أي طرف السيطرة عليها.
0 تعليق