تستمر الحرب الروسية الأوكرانية منذ فبراير 2022، وسط تصاعد الخسائر البشرية والاقتصادية، مما أدى إلى تساؤلات حول تأثير هذه الخسائر على النمو السكاني في روسيا. وفي محاولة لمواجهة هذا التحدي، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارات جديدة تشجع على زيادة معدلات الإنجاب. لكن ما هي الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش الروسي؟ وهل ستساهم هذه القرارات في معالجة المشكلة السكانية المتفاقمة؟
خسائر الجيش الروسي في حرب أوكرانيا
منذ بداية الحرب في أوكرانيا، تكبد الجيش الروسي خسائر بشرية فادحة، حيث تفيد التقارير الغربية والمصادر الأوكرانية أن عدد القتلى من الجنود الروس قد بلغ عشرات الآلاف.
ورغم تحفظ الحكومة الروسية على الكشف عن أرقام دقيقة، إلا أن التقارير الميدانية تبرز أن الخسائر تركزت بشكل خاص في صفوف الشباب، خاصة الجنود في سن التجنيد.
وفقًا للتقديرات الغربية، فقد بلغ عدد القتلى الروس في أواخر 2024 ما بين 60 ألفًا و70 ألف جندي، فيما تجاوز عدد الجرحى 120 ألف جندي. كما أكدت وزارة الدفاع البريطانية أن مناطق مثل باخموت وسيفيرودونيتسك شهدت معارك عنيفة أدت إلى خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية.
تشجيع الإنجاب في روسيا
في محاولة لمواجهة انخفاض عدد السكان نتيجة الخسائر البشرية في الحرب، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجموعة من القرارات التي تهدف إلى تشجيع الإنجاب وزيادة معدلات النمو السكاني في البلاد.
وتضمنت هذه القرارات حوافز مالية للأسر الروسية تشمل مساعدات مالية مباشرة، قروضًا ميسرة للسكن، ودعماً أكبر للأمهات.
كما أكد بوتين على ضرورة تعزيز دور الأسرة في المجتمع الروسي، مشيرًا إلى أن تحسين معدلات الإنجاب أصبح ضرورة استراتيجية لضمان الأمن القومي على المدى الطويل.
قد يهمك: غرامة مليون روبل.. روسيا توقع غرامات على كل من يروج لفكرة عدم الإنجاب
آثار الحرب على التركيبة السكانية: هل من حل دائم؟
إن تأثير الحرب على التركيبة السكانية في روسيا لا يقتصر على الخسائر المباشرة في الأرواح، بل يشمل أيضًا التأثيرات طويلة المدى على النمو السكاني في البلاد.
وعلى الرغم من أن روسيا تعاني منذ عقود من انخفاض معدلات الولادة وارتفاع معدلات الوفيات، إلا أن خسارة آلاف من الشباب في الحرب قد تزيد من تعميق هذه الأزمة.
وبينما تسعى الحكومة الروسية إلى تعويض الخسائر من خلال السياسات الديموغرافية، فإن الفجوة السكانية الناتجة عن هذه الخسائر قد تكون صعبة التعويض على المدى الطويل، ما يزيد من تعقيد الوضع.
هل تستطيع السياسات الديموغرافية تعويض الخسائر البشرية؟
على الرغم من القرارات التي اتخذها بوتين لتشجيع الإنجاب، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع هذه السياسات أن تعوض الخسائر البشرية التي تعرض لها الجيش الروسي؟ إذا كانت الحرب ستستمر، فمن المحتمل أن تتفاقم الأزمة السكانية في روسيا بشكل أكبر، مما يفرض تحديات إضافية على القيادة الروسية في التعامل مع الوضع.
قانون روسيا لتشجيع الإنجاب 2024
في خطوة مثيرة للجدل، نجح مشروع قانون روسي يحظر الترويج لأسلوب حياة خالٍ من الأطفال في تجاوز العقبة الأولى بمجلس النواب الروسي، حيث نال الموافقة بالإجماع من المشرعين. ويُنظر إلى هذا التشريع على أنه جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى زيادة معدل المواليد في روسيا، التي تواجه تحديات كبيرة جراء انخفاض حاد في عدد الولادات، وهو انخفاض يُعزى إلى شيخوخة السكان وتأثيرات حرب أوكرانيا.
غرامات تصل إلى 5 ملايين روبل لمن يروجون لعدم الإنجاب
وحسبما أفادت صحيفة "الجارديان" البريطانية، يفرض القانون الجديد غرامات مالية على الأفراد أو الكيانات التي تروج لرسائل تشجع على عدم إنجاب الأطفال. فالأفراد الذين يروجون لهذه الرسائل يمكن أن يُغرموا بمبلغ يصل إلى 400 ألف روبل، بينما قد تصل الغرامة للكيانات والشركات إلى 5 ملايين روبل. كما ينص القانون على احتمال ترحيل الأجانب الذين يروجون لهذا النوع من المحتوى.
دعوات لزيادة الإنجاب
تأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين إلى تعزيز صورة روسيا كداعم للقيم التقليدية. ويعد مشروع القانون جزءًا من هذا الاتجاه، الذي تجسد في دعوة بوتين العام الماضي للنساء الروسيات لإنجاب ما يصل إلى ثمانية أطفال لضمان استقرار السكان في المستقبل.
وفي تصريح له، أكد فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما، على أهمية "حماية الجيل الأصغر من أيديولوجية عدم الإنجاب" التي يتم الترويج لها عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، مؤكدًا أن القانون جزء من إطار قانوني يهدف إلى حماية الأطفال والأسر والقيم التقليدية في المجتمع الروسي.
من جانبه، وصف مؤيدو القانون الخطوة بأنها ضرورية لضمان الأمن القومي الروسي. إذ يرون أن الدعوات ضد الإنجاب هي جزء من حملة غربية أوسع تهدف إلى إضعاف روسيا من خلال تقليص عدد سكانها. في هذا السياق، أشارت إلفيرا أيتكولوفا، إحدى واضعي مشروع القانون، إلى أن هذا التشريع يمثل "حربًا هجينة" تهدف إلى تقليص سكان البلاد، معتبرة أنه خطوة استراتيجية لضمان مستقبل قوي وصحي لروسيا.
المزيد: زيلينسكي يعتقد أن حرب أوكرانيا يمكن أن تنتهي في 2025
0 تعليق