عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع سعودي فايف نقدم لكم اليوم ذكرى رحيل رضوى عاشور.. رحلة إبداعية تنتصر للإنسان وتقاوم النسيان - سعودي فايف
أسماء سعد
نشر في: الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 3:45 م | آخر تحديث: الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 3:46 م
مع حلول الذكرى العاشرة لرحيل الأديبة الكبيرة رضوى عاشور، التي غادرت عالمنا في 30 نوفمبر 2014، نستحضر إرثها الإبداعي الغني، ونسلط الضوء على أبرز أعمالها التي خلدت اسمها بين قامات الأدب العربي.
في أحد أحياء القاهرة، وفي يوم 25 مايو 1946، ولدت رضوى عاشور في كنف أسرة مثقفة جمعت بين الأدب والفن، كان والدها، مصطفى عاشور، محامياً ذو شغف أدبي عميق، بينما والدتها، مي عزام، شاعرة وفنانة تشكيلية، ألهمتها قوافي الشعر وألوان الحياة. لم تكن رضوى مجرد ابنة لهذه الأسرة، بل كانت وريثة لتراث ثقافي أعمق، استمدته أيضاً من جدها عبد الوهاب عزام، الدبلوماسي وأستاذ الأدب الشرقي، الذي نقش اسمه في سجل الثقافة العربية بترجمته الرائدة لكتاب "شاه ناما" إلى العربية.
منذ طفولتها، كان شغفها بالقراءة كأنه نافذة تطل بها على العالم. في منزلها المطل على كوبري عباس، الذي شهد أحداثاً دامية في تاريخ مصر، ترعرعت على قصص النضال والكفاح. تقول رضوى عن نفسها: "أنا بنت النيل والشوارع التي تروي حكايات الغضب".
لم يكن مسار رضوى نحو الأدب مجرد حلم طفولة، بل كانت رؤيتها تتبلور مع كل كتاب تقرأه. لحظات عابرة في مكتبات وسط القاهرة، حيث رأت وجوهاً أدبية كسهير القلماوي وعباس العقاد، عمقت في قلبها هذا الطموح، الذي صار فيما بعد هوية حياتها.
"أعمال أدبية خالدة: بين غرناطة والطنطورية"
حين نتحدث عن إرث رضوى الأدبي، تأتي ثلاثية غرناطة في المقدمة. عبر صفحات هذه الرواية، أبحرت رضوى في عمق التاريخ الأندلسي لتعيد إحياء مأساة سقوط غرناطة في عام 1491. الثلاثية، التي تضم "غرناطة"، "مريمة"، و"الرحيل"، لم تكن مجرد رواية تاريخية، بل شهادة أدبية على معاناة الشعوب وذكريات الأوطان التي تسلب قسراً.
وفي "الطنطورية"، نقلتنا رضوى إلى فلسطين عبر صوت رُقيّة، الطفلة الناجية من مذبحة الطنطورية. بروايتها، أعادت تصوير النكبة الفلسطينية وما تلاها من تهجير قسري، بأسلوب يغلب عليه الطابع الفلسطيني بمصطلحاته ونبرته الحزينة.
"ملامح من حياتها.. بين المرض والنضال"
لم تكن رضوى مجرد أديبة تسرد القصص، بل كانت شاهدة على معاناة شعوبها، ومرآة لأوجاع الأمة العربية. في كتابها *أثقل من رضوى*، الذي حمل طابع السيرة الذاتية، فتحت نافذة على حياتها الخاصة وصراعها مع مرض السرطان. بين الأمل واليأس، وبين حزنها على أوضاع بلادها وصمودها الشخصي، شكل هذا الكتاب وثيقة إنسانية تمزج بين السياسة والاجتماع.
بدايات تحكي الكثير
منذ أول أعمالها، ككتاب "الرحلة: أيام طالبة مصرية في أمريكا"، تألقت بأسلوبها السردي الشيق. هنا، أخذتنا رضوى في رحلة تأملية عبر تجربة الغربة والدراسة في السبعينيات، وهي تحكي عن أيامها في جامعة ماساتشوستس، مشيرة إلى لقاءات مع الذات وصراعاتها الداخلية.
أما مجموعتها القصصية "رأيت النخيل"، فقدمت فيها شخصيات نسائية تكافح لتحقيق الذات. بأسلوب يجمع بين البساطة والعمق، صورت النساء كرمز للقوة والتغيير.
ذكرى الرحيل.. ألم لا ينسى
في 30 نوفمبر 2014، غادرت رضوى عالمنا، لكن كلماتها بقيت محفورة في ذاكرة قرائها. في مشهد وداعها الأخير، ظهر مريد البرغوثي، زوجها، متكئاً على نعشها كأنه يستمد القوة من رفيقة عمره، بينما جلس ابنه تميم البرغوثي منكّس الرأس.
حين نقرأ كلماتها: "عند موت من نحب، ندفنه برحمة ونمضي"، ندرك أنها لم تكن تكتب عن الموت فقط، بل عن استمرار الحياة رغم الخسارة، لذا فقد كانت رضوى عاشور كانت أكثر من كاتبة؛ كانت أيقونة للكفاح، صوتاً للمهمشين، وأملاً لأجيال تبحث عن العدل والحرية.
0 تعليق