تعتبر الصلاة من أركان الدين الإسلامي الأساسية، والتي يجب على المسلم الالتزام بها في جميع الأوقات والأحوال،ومع ذلك، هناك بعض الظروف التي قد تؤثر على أداء الصلاة بصفة طبيعية، وخاصة في حالات المرض مثل الخضوع لعملية القسطرة،لذلك، تسلط هذه الدراسة الضوء على الأحكام والشروط المتعلقة بأداء الصلاة بعد عملية القسطرة، وتبين هل تسقط الصلاة عن المريض في هذه الحالة أم لا، مما يساهم في توضيح الفقه الإسلامي للمسلمين في مواقفهم الحياتية.
الصلاة بعد عملية القسطرة
الصلاة تعد بمثابة ركن رئيسي في الإسلام، حيث إنها لا تنفك عن طهارة الشخص ونظافته، ولكن عند تعرض الشخص لعملية القسطرة، فلا تسقط عنه الصلاة،إذ تبرز أهمية العلم بالشروط والأحكام التي تتعلق بالأداء الصحيح للصلاة في هذه الحالة الخاصة،في هذا الصدد، يشير الفقهاء إلى أن المريض إذا لم يكن قادرًا على نزع القسطرة، يُسمح له بأداء الصلاة مع وجودها.
فقبول هذه الاستثناءات جاء وفقًا للآية الكريمة “لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة 286)، مما يوضح أن المحنة التي يعاني منها المريض يتم مراعاتها في حدود الشريعة الإسلامية.
1- الاستعداد للصلاة لمريض القسطرة البولية
- إذا كان المريض غير قادر على استخدام الماء للوضوء، فيمكنه اللجوء إلى التيمم؛ وفي حال عدم القدرة على ذلك، يمكنه الصلاة في وضعه الحالي، فإن النية لها أجر كبير.
- إذا تمكن المريض من نزع كيس البول أثناء الصلاة، يُفضل القيام بذلك؛ أما إذا كان ذلك غير ممكن، فلا حرج عليه في الاستمرار بالصلاة.
- يجوز للمرضى الوضوء مرة واحدة في اليوم وأداء جميع الفروض بشكل طبيعي ما لم يطرأ ما ينقض الوضوء، كحدوث سلس البول.
2- كيفية الصلاة لمرضى القسطرة
إن لم يتمكن المريض من الصلاة وهو قائم، فإنه يستطيع تأديتها وهو جالس،وإذا لم يكن قادرًا على الجلوس، يُسمح له بالصلاة وهو متكئ على جنبه الأيمن، مع الإيماء للركوع والسجود بقدر استطاعته، استنادًا إلى الحديث الشريف “صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب”.
في حال عدم القدرة على الصلاة مائلًا، يمكنه أن يؤدي الصلاة مستلقيًا على ظهره مع توجيه قدميه نحو القبلة، ويمكنه أداء الأفعال بأعينه مع استحضار نية الصلاة من القلب.
إذا كان المريض يعرف الوقت الذي يتوقف فيه البول، يمكنه انتظار ذلك الوقت وجمع الصلوات التي يمكن جمعها، كصلاة الظهر والعصر، أو المغرب مع العشاء؛ فهذا جائز ويعد أمرًا محمودًا.
3- شروط وأحكام صلاة مريض القسطرة
- إذا بدأت الصلاة وحدث تسرب للبول أو قطرات دم دون قدرة من المريض على التحكم في ذلك، فلا حرج عليه في الاستمرار بالصلاة.
- وفي حالة إمكانية المريض التحكم في خروج البول، فيجب عليه التوقف عن الصلاة والقيام بتجديد وضوئه.
إذا استطاع المريض نزع القسطرة حتى لو لمرة واحدة في اليوم، يمكنه الجمع بين الصلوات، استدامة على ما رواه ابن قدامة
“وكذلك يجوز الجمع للمستحاضة ولمن به سلس البول ومن في معناهما لما روينا من الحديث…”
“فَقَالَ صلى الله عليه وسلم فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر..،فافعلّي.”
لذا، يُمكن القول إن الصلاة بعد عملية القسطرة تبقى واجبة على المريض بقدر استطاعته، وهذا انطلاقًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم “صلي ولو قطر الدم على الحصير”،ويعكس هذا الفقه الإسلامي جهود الدين في تيسير الأحكام وتخفيف الأعباء عن المكلفين، سيما في حال الضعف أو المرض.
ختامًا، فإن الدين الإسلامي لم يشرع الأحكام إلا لما فيه تحقيق المصلحة والعائد الإيجابي على الأفراد والمجتمع؛ فقد جاء تيسير الصلاة في الظروف الخاصة ليؤكد على الرحمة واليسر التي ينشدها الإسلام في كل تفاصيل حياة الأفراد،وبذلك، يظل العبد مرتبطًا بصلاته مع الله سبحانه وتعالى، مهما كانت التحديات.
0 تعليق