11:45 م - الإثنين 18 نوفمبر 2024
0
تستعد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري لعقد اجتماعها قبل الأخير لعام 2024 يوم الخميس المقبل، الموافق 21 نوفمبر، وسط حالة من الترقب في الأسواق المحلية والدولية. ويأتي الاجتماع في ظل استمرار التحديات الاقتصادية، أبرزها معدلات التضخم المرتفعة، وتأثير القرارات المالية الأخيرة، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية.
ويتوقع العديد من الخبراء أن تقرر اللجنة تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، التي تعد من بين الأعلى عالميًا، وذلك كإجراء لدعم استقرار الاقتصاد وتحقيق التوازن بين معدلات التضخم والحاجة لجذب الاستثمارات الأجنبية.
يأتي هذا الاجتماع في سياق توجه عالمي متباين تجاه السياسات النقدية، حيث بدأت بعض البنوك المركزية الكبرى، مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، في تخفيف أسعار الفائدة، بينما لا تزال مصر تواجه تحديات تضخمية تجعل خفض الفائدة خيارًا صعبًا في الوقت الراهن.
ومن جانبه ، أكد الخبير المصرفي طارق حلمي أن قرار البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة سيظل مرتبطًا بمعدلات التضخم المرتفعة، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة يبدو غير مرجح في الوقت الحالي.
وأوضح حلمي أن التضخم في مصر تجاوز التوقعات، حيث ارتفع من مستوى 25% إلى ما يزيد عن 26% وفقًا للبيانات الأخيرة. وأضاف أن ذلك يعوق أي توجه نحو خفض أسعار الفائدة رغم قيام بعض البنوك المركزية العالمية، مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، بخفض أسعار الفائدة.
وأشار حلمي إلى أن تثبيت أسعار الفائدة قد يكون الخيار الأنسب في ظل استمرار الضغوط التضخمية المحلية، حيث يتطلب خفض التضخم مزيدًا من الوقت قبل التفكير في أي تخفيض محتمل لسعر الفائدة.
ومن جهته صرح الخبير المصرفي عز حسانين أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ستعقد اجتماعها قبل الأخير لعام 2024 يوم الخميس 21 نوفمبر، لتحديد أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة (الكوريدور).
وتوقع حسانين أن تقرر اللجنة تثبيت أسعار الفائدة عند المستويات الحالية (27.25% للإيداع و28.25% للإقراض)، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل:
1. ارتفاع التضخم:
• من المتوقع زيادة معدل التضخم الأساسي بسبب رفع أسعار الوقود والكهرباء في أكتوبر الماضي، حيث سيظهر الأثر المباشر على أسعار السلع والخدمات في بيانات التضخم لشهر نوفمبر، التي ستصدر في 10 ديسمبر المقبل.
2. التوترات الجيوسياسية:
• استمرار التوترات في المنطقة وتوسع دائرة الصراع العسكري إلى لبنان وربما سوريا، إلى جانب توترات البحر الأحمر، مما يضغط على اقتصادات المنطقة.
- احتمالية ارتفاع أسعار النفط والغذاء عالميًا نتيجة زيادة تكاليف الشحن ومخاطر التأمين البحري.
3. السياسات النقدية العالمية:
- توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض الفائدة بمقدار 0.25%، مما قد يعزز تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى المنطقة، خاصة مصر.
وأشار حسانين إلى أن تثبيت أسعار الفائدة في هذا التوقيت يعد استراتيجية ملائمة لجذب المزيد من التدفقات الأجنبية إلى السوق المصري، مؤكدًا أن البنك المركزي يمتلك مساحة زمنية كافية للنظر في خفض الفائدة خلال العام المقبل.
وفي نفس السياق ، أكد أحمد مجدي منصور، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن البنك المركزي المصري من المتوقع أن يثبت أسعار الفائدة في الوقت الحالي، رغم اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو سياسة نقدية ميسرة بخفض إجمالي للفائدة بنسبة 0.75% حتى الآن، مع توقع مزيد من التخفيضات خلال عام 2025.
وأشار منصور إلى عدة أسباب لهذا التوجه:
1. التضخم ومستويات المعيشة:
- معدل التضخم في مصر لا يزال بعيدًا عن مستهدف البنك المركزي.
- السياسات المالية، مثل رفع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء والمحروقات، أدت إلى زيادة تكاليف النقل والإنتاج، مما ساهم في ارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة تكلفة المعيشة.
2. التضخم وتأثيره على المستثمرين:
- الوضع الحالي يحقق عائدًا حقيقيًا موجبًا للمستثمرين بسبب التوازن بين التضخم وسعر الفائدة المرتفع.
- لضمان استمرار هذا العائد، يجب أولاً السيطرة على التضخم قبل تخفيض أسعار الفائدة.
وأوضح منصور أن المصنعين يعانون من ضعف الطلب وانخفاض القوة الشرائية، إلى جانب ارتفاع تكاليف التمويل نتيجة لأسعار الفائدة المرتفعة، مما يعكس تعقيدات المشهد الاقتصادي.
وأكد أن البنك المركزي يسعى لتحقيق توازن بين السياسات النقدية والمالية، لكنه شدد على أن الحل يكمن في جذب تدفقات النقد الأجنبي، مما قد يؤدي إلى تخفيض سعر
ومن جانبه ، قال الخبير المصرفي هاني حافظ الأسباب التي قد تجعل خيار تثبيت سعر الفائدة منطقيًا في هذا التوقيت:
1. الاستقرار النسبي في التضخم مؤخرًا:
- على الرغم من استمرار معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة، شهدنا استقرارًا نسبيًا في الأرقام الشهرية في الآونة الأخيرة ، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في الارتفاع نتيجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة.
2. تفادي زيادة أعباء خدمة الدين:
- رفع سعر الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض المحلي، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على الموازنة العامة، خاصة في ظل ارتفاع أعباء الديون.
- الحكومة المصرية تعمل على إدارة العجز المالي، وزيادة الفائدة قد تضيف مزيدًا من الضغوط على ميزانية الدولة.
3. تشجيع الاستثمار وتحفيز النمو:
- رفع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي من خلال زيادة تكلفة التمويل للشركات والمشروعات. في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، قد يفضل البنك المركزي تثبيت الفائدة لدعم الأنشطة الاقتصادية وتحفيز الاستثمار.
4. المخاوف من الركود الاقتصادي:
- الاقتصاد المصري يواجه تحديات مرتبطة بتراجع النمو في بعض القطاعات. لذلك، قد يكون من الأفضل للبنك المركزي عدم تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر لتفادي حدوث ركود.
5. عدم فعالية رفع الفائدة في معالجة التضخم المستورد:
- جزء كبير من التضخم في مصر يأتي من التضخم المستورد (مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا)، وهو أمر لا يمكن للبنك المركزي معالجته من خلال رفع الفائدة. لذلك، قد يكون التثبيت خيارًا أكثر منطقية.
6. انتظار تطورات الأسواق العالمية:
- بالنظر إلى حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية نتيجة للتوترات الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية المتقلبة، قد يفضل البنك المركزي المصري الانتظار للحصول على رؤية أوضح قبل اتخاذ قرار كبير بشأن سعر الفائدة.
إذا أخذنا هذه العوامل في الاعتبار، قد يكون هناك احتمال قوي لتثبيت سعر الفائدة في الاجتماع القادم. البنك المركزي قد يفضل اتباع نهج أكثر حذرًا، خاصة في ظل عدم اليقين الاقتصادي العالمي والمحلي، والتركيز على أدوات أخرى مثل إدارة السيولة وتحسين سياسات الصرف لتحقيق استقرار اقتصادي أكبر.
لذا، وجهة النظر حول التثبيت ليست بعيدة عن الواقع، وأعتقد أن البنك المركزي سيوازن بين الحاجة لاحتواء التضخم وبين ضرورة دعم النمو الاقتصادي، وقد يُفضّل الانتظار لحين ظهور إشارات أكثر وضوحًا حول الأوضاع الاقتصادية المحلية والدولية
0 تعليق