لم يعد امتلاك المؤهِّلات الأكاديمية والمهارات الفنية والتكنولوجية وحدها كافية لضمان النجاح في بيئات العمل التنافسية الحديثة، بل أصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى إتقان الفرد لما يُعرف بمهارات الذكاء العاطفي، والتي تسهم بشكل كبير في تحقيق التميز والتقدم المهني. ويعرف الذكاء العاطفي بأنه القدرة على فهم العواطف والانفعالات الذاتية والتحكم فيها، والقدرة على ضبطها والتعامل معها بشكل صحيح، إضافة الى القدرة على التعرف على عواطف وانفعالات الآخرين والتأثير فيها.

ويشمل الذكاء العاطفي وفقاً لجولمان خمس مهارات رئيسية هي: الوعي بالذات أي إدراك الفرد لمشاعره وأثرها على أفكاره وشعوره، وإدارة الذات أي القدرة على التحكم في المشاعر السلبية مثل الغضب والقلق، والدوافع الداخلية أي القدرة على التفكير الإيجابي وتحفيز الذات والسيطرة على الأهواء الشخصية، والتعاطف أي فهم مشاعر الآخرين وتقديرها ومعرفة احتياجاتهم النفسية ومشاعرهم والاستجابة لها، والمهارات الاجتماعية أي القدرة على التفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي وبناء شبكة واسعة من العلاقات الجيدة والتعامل مع الاخرين باحترام ولباقة وتقبل الاختلاف.

هذا، ويساهم الذكاء العاطفي في تعزيز القدرة على التحلي بالصبر والتسامح واحترام الآخرين، فعندما يمتلك الشخص هذه المهارات يصبح أكثر وعياً بمشاعره ومشاعر الآخرين، مما يساعده على مواجهة تحديات الحياة بمرونة وحكمة، ويعزز تواصله الفعال وإيجابيته وتفاهمه مع محيطه.

الذكاء العاطفي مهم للنجاح في الحياة والمهنة والصحة النفسية، حيث يؤثر بشكل كبير على علاقات الفرد، سواء مع نفسه أو مع الآخرين، فهو يساعدنا على فهم الآخرين بعمق وتقبل الشخصيات المختلفة واحترامها، مما يسهم في بناء علاقات إيجابية تطور من الفرد وتجعله أكثر مرونة وإيجابية في مواجهة ضغوط الحياة، كما أن مهارات الذكاء العاطفي تساعدنا على ضبط النفس في مواقف الصراع، وتقليل التوتر وتحقيق توازن في المشاعر والسلوك.

لذلك الذكاء العاطفي مهارة أساسية في الحياة، ومن المهم تطويرها عبر المشاركة في ورش العمل والدورات التدريبية المتخصصة، وأيضاً من خلال القراءة، ومن أهم الكتب في هذا المجال كتاب «الذكاء العاطفي» لدانيال جولمان، وكتاب «الذكاء العاطفي 2.0» لترافيس برادبيري وجان غريفز.

لولوه صلاح السرحان

قسم علم النفس - جامعة الكويت