اقرأ في هذا المقال
- السكان في ألمانيا يركّزون على خفض استهلاك الطاقة فقط
- فرض عقوبات صارمة على المخالفين قد يكون حلًا لتعزيز الإسكان الأخضر
- انبعاثات الكربون في ألمانيا تهبط لأقل مستوى في 70 عامًا
- تكلفة التحول إلى الإسكان الأخضر مرتفعة، وتحتاج إلى دعم حكومي
يستحوذ التحول إلى الإسكان الأخضر في ألمانيا على اهتمام بالغ في الأوساط البيئية الأوروبية التي تنظر إلى برلين بوصفها القائد الملهم لمسار تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
وتشجع الحكومة الألمانية على تكثيف مبادرات خفض انبعاثات قطاع المنازل في إطار خطط الاتحاد الأوروبي لدفع دول الكتلة إلى إحداث تحوّل كبير في هذا القطاع بحلول عام 2030.
ورغم كثرة مبادرات الإسكان الأخضر في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، فما تزال استجابة أصحاب المنازل ضعيفة، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، بحسب استطلاع أوروبي حديث.
وتشير نتائج الاستطلاع -الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- إلى أن ثلث السكان في ألمانيا لم يتخذوا أيّ تدابير لتحسين كفاءة الطاقة في منازلهم خلال السنوات الـ3 الماضية.
كما عبّر هذا الثلث صراحةً عن نيّته عدم الاستجابة لأيّ مبادرات من هذا النوع في المستقبل، إلّا إذا أُجبروا على ذلك، ما يشير إلى حجم التحديات الشعبية التي تواجه مسار تحول الطاقة في ألمانيا.
استطلاع الإسكان الأخضر في ألمانيا
شمل استطلاع الإسكان الأخضر في ألمانيا -الذي أجراه بنك الاستثمار الهولندي أي إن جي- مجموعة من الأسئلة التي تقيس مدى استجابة السكان لمبادرات كفاءة الطاقة في المنازل والمباني على مستوى البلاد.
وكان من أبرز الأسئلة المطروحة على المشاركين سؤالان:
الأول: ما الذي منعك من زيادة كفاءة الطاقة في منزلك؟
الثاني: هل تفكّر باتخاذ تدابير كفاءة الطاقة في ظل ظروف معينة؟
وصرّح ثلثا أصحاب المنازل في ألمانيا بأنهم اتخذوا تدابير لزيادة كفاءة الطاقة في منازلهم خلال السنوات الـ3 الماضية، ومع ذلك فإن معظم التدابير التي اتخذوها كانت مرتبطة بخفض استهلاك الكهرباء في أجهزتهم المنزلية.
ومع ذلك، كانت معظم هذه التدابير مرتبطة بتقليل استهلاك الطاقة لأجهزتهم المنزلية، ولم ينفّذ سوى أقل من 50% تدابير فعلية على المبنى تستهدف تحويله إلى أنظمة أكثر صداقة للبيئة على المدى البعيد، مثل تركيب أنظمة تدفئة جديدة أو تحسين أنظمة العزل الحراري.
على الجانب الآخر، لم يتخذ ثلث المستجيبين أيّ تدابير لتحسين كفاءة الطاقة في منازلهم خلال السنوات الماضية، بحسب نتائج الاستطلاع التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
واستنتج محلّلو آراء المشاركين أن تكاليف التمويل المرتفعة للغاية وبرامج الدعم الحكومية غير الكافية، هي الأسباب الرئيسة لضعف استجابة المواطنين لمبادرات الإسكان الأخضر في ألمانيا.
تكلفة الإسكان الأخضر في ألمانيا
أظهرت نتائج الاستطلاع أن التحول إلى الإسكان الأخضر في ألمانيا يواجه تحديات شعبية لن تُحلَّ إلّا بتقديم المزيد من الدعم المالي للسكان.
وأشار ربع المستجيبين إلى أنهم لا يفكرون في القيام باتخاذ أيّ تدابير لتحسين كفاءة الطاقة في منازلهم مستقبلًا، إلّا إذا غُطِّيَت تكاليف تجديد أو تحديث المنازل بالكامل أو جزئيًا عبر الإعانات الحكومية المباشرة أو الإعفاءات الضريبية غير المباشرة.
ويقدّر بنك "آي إن جي" الهولندي متوسط تكلفة التجديد الأخضر لكل منزل في ألمانيا بما يتراوح بين 25 ألفًا و76 ألف يورو (بين 26.4 و80.2 ألف دولار)، على حسب عمليات التجديد وما إذا كانت واسعة أم على نطاق أصغر.
استنادًا إلى ذلك، قدّر البنك تكلفة التحول إلى الإسكان الأخضر في ألمانيا بما يتراوح بين 350 مليار يورو (369 مليار دولار) وتريليون يورو (1.05 تريليون دولار) بالأسعار الحالية.
ويُنسَب لقطاع المباني قرابة 30% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميًا؛ ما جعله محور اهتمام مبادرات تحول الطاقة في ألمانيا، إلى جانب قطاعات النقل والصناعة.
وانخفضت انبعاثات الكربون في ألمانيا إلى 673 مليون طن خلال عام 2023، وهو أدنى مستوى لها منذ 70 عامًا، إلى جانب تجاوزه الهدف الحكومي لعام 2023، البالغ 722 مليون طن، بحسب دراسة حديثة صادرة عن معهد برلين للدراسات المتقدمة.
وتستهدف الحكومة خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 65% بحلول عام 2030، مقارنة بعام 1990، في إطار خطة تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045.
أهداف انبعاثات الإسكان في الإتحاد الأوروبي
خفّفت المفوضية الأوروبية أهداف خفض الانبعاثات بقطاع الإسكان في الاتحاد الأوروبي عبر التخلي عن هدف تحول جميع المنازل إلى علامة الطاقة (D) بحلول عام 2033.
ويعتمد مقياس كفاءة الطاقة بالمنازل في الاتحاد الأوروبي على علامات متدرجة تبدأ من (A) للمنازل الأعلى كفاءة، وتنتهي بالعلامة (G) للمنازل الأقل كفاءة، ولكل علامة اشتراطات ومتطلبات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم أن العلامة (D) تمثّل درجة "وسط" على هذا المقياس، فإن المفوضية الأوروبية تخلّت عنها، واعتمدت بدلًا منها لائحة تنص على ضرورة خفض استهلاك الطاقة في مخزون الإسكان كاملًا على مستوى الكتلة بنسبة 16% بحلول عام 2030، مقارنة بمستوياتها في عام 2020.
واشترطت المفوضية ضرورة تحقيق 55% من وفورات الطاقة الأولية خلال هذه المدة عبر تجديد 34% من المنازل الأقل كفاءة باستعمال الطاقة بحلول عام 2030، بحسب اللائحة المُقرّة في أبريل/نيسان الماضي.
وتشير هذه القواعد إلى أن الضغوط الحكومية لتجديد المنازل قد بدأت نظريًا على الأقل، لكن من الناحية العملية ربما يستغرق تنفيذ هذه اللوائح على المستوى الوطني في دول الاتحاد وقتًا حتى عام 2026.
ويعتقد بعض المحللين أن سوق الإسكان في ألمانيا لن تشهد زخمًا باتجاه التحول الأخضر إلّا إذا سُمع صوت "سوط المفوضية الأوروبية" في جميع أنحاء البلاد، في إشارة إلى ضرورة استعمال "سياسة العصا" المتمثلة في فرض، أو تشديد، اللوائح التي تجبر السكان على تحويل منازلهم.
بينما يميل آخرون إلى أن مجرد فرض التجديدات الخضراء على السكان لن يكون كافيًا ما لم تُحلّ القضايا المالية ومشكلات التمويل وتكاليف البناء والعراقيل التنظيمية التي تقف حجر عثرة أمام التحول إلى الإسكان الأخضر في ألمانيا، بحسب آراء المحللين المعلقين على نتائج الاستطلاع.
ملخص:
- تكلفة الإسكان الأخضر في ألمانيا قد تتجاوز تريليون دولار.
- تكلفة تحسين كفاءة الطاقة في المنزل الواحد قد تتجاوز 80 ألف دولار.
- ثلث السكان لم يستجيبوا لمبادرات كفاءة الطاقة خلال السنوات الماضية.
- نصف السكان خفضوا استهلاك الطاقة في المباني، ولم يحوّلوا أنظمتها.
- المفوضية الأوروبية تخفّف أهداف انبعاثات قطاع الإسكان لعام 2030.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- استطلاع الإسكان الأخضر في ألمانيا من بنك أي إن غي الهولندي
- بيانات انبعاثات الكربون في ألمانيا عام 2023 من معهد برلين للدارسات المتقدمة.
0 تعليق