شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في الاجتماع الوزاري حول مبادرات الطاقة، الذي شهد إطلاق مبادرة الطاقة لرئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29)، ضمن فعاليات «يوم الطاقة والسلام والإغاثة والتعافي» بمؤتمر المناخ. وقد شارك في الاجتماع عدد من الشخصيات البارزة، منهم بارفيز شاهبازوف، وزير الطاقة بأذربيجان، والسيد فاح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، والسيد فرانشيسكو لا كاميرا، مدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، والسيدة تاتيانا مولشيان، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأوروبا، والسيدة أرميدا سالسيا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة وأمينًا تنفيذياً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ، والسيد سيونج زو، نائب المدير العام لمنظمة اليونيدو.
أهمية العمل المشترك لتعزيز حلول الطاقة المستدامة
وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أهمية العمل المشترك لتعزيز حلول الطاقة المستدامة وتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ، في تلك المرحلة، حيث تدفع الابتكارات والشمولية والعمل العاجل نحو الرحلة المشتركة لتحقيق أهداف اتفاق باريس والالتزامات المتعلقة بالطاقة في COP28. وأوضحت أنه بينما يسير العالم على المسار الصحيح لزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة، فإن بعض المناطق معرضة لخطر التأخر بسبب نقص الاستثمار والدعم الدولي.
فجوة الاستثمار في الطاقة النظيفة
مضت المشاط قائلة إن الجنوب العالمي، الذي يشكل 65% من سكان العالم، يستحوذ على أقل من 15% من استثمارات الطاقة النظيفة، ما يعني أن تلك المناطق ستكافح لجذب التمويل اللازم للانتقال بكفاءة. وأشارت إلى أن التحديات ملحة بشكل خاص في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث كان الاستثمار السنوي في مصادر الطاقة المتجددة وتوسيع الشبكات حوالي 20 مليار دولار في عام 2023، أي خُمس المبلغ المطلوب تقريبًا والبالغ 100 مليار دولار سنويًا بين 2024 و2030. وأضافت أن استثمارات الطاقة النظيفة تتركز في الاقتصادات المتقدمة والصين، مما يخلق فجوة استثمارية تعيق النمو في الدول النامية.
ضرورة زيادة استثمارات الطاقة النظيفة في الدول النامية
وتابعت "المشاط"، أن الجنوب العالمي يواجه بالفعل عجزًا متزايدًا في الاستثمار في الطاقة المستدامة، مما يجعل من الصعب على الدول النامية الانتقال إلى تقنيات الطاقة النظيفة. مشيرة إلى ضرورة زيادة الاستثمارات السنوية في الطاقة النظيفة في الدول النامية والأسواق الناشئة إلى تريليون دولار، أي سبعة أضعاف الاستثمارات الحالية، لتحقيق التنمية منخفضة الانبعاثات والقادرة على التكيف مع المناخ بحلول عام 2050.
دور مصر في الانتقال العالمي للطاقة
وشددت على أن مصر تمتلك فرصة استثنائية للمساهمة في الانتقال العالمي للطاقة، حيث شهدت رحلة مصر في الطاقة المتجددة معالم طموحة، مع أهداف محددة للوصول إلى 42% من مزيج توليد الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030. وأضافت أن مصر تعزز هذه المسيرة من خلال استثمارات حديثة، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز التعاون الإقليمي، خاصة في أفريقيا والعالم العربي. وأشارت إلى أن مصر تهدف إلى تعزيز التعاون عبر الحدود ودفع فوائد الطاقة الخضراء الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات والصناعات.
وأكدت أن ما تتخذه مصر من إجراءات في هذا المجال لن يتحقق بدون مشاركة فعالة من الأطراف ذات الصلة، ودفع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتحفيز التعاون متعدد الأطراف. وأضافت أن هذه الشراكات ساهمت في جذب استثمارات ضخمة من القطاع الخاص في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.
مبادرة المهارات الخضراء
في سياق آخر، شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في الجلسة النقاشية التي نظمتها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، بالتعاون مع شراكة المساهمات المحددة وطنيًا (NDC Partnership)، ومعهد الموارد العالمية (WRI)، بهدف إطلاق مبادرة عالمية هي الأولى من نوعها حول إعداد القوى العاملة للتحول الأخضر والعادل وتسريع المهارات الخضراء. وقد ناقش المشاركون كيفية دفع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لزيادة الاستثمارات في الوظائف والمهارات، من أجل خلق مستقبل يعزز التحول الأخضر ويدعم الانتقال العادل.
دور التحول الأخضر في خلق فرص العمل
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط أن التوسع في الاستثمار في الطاقة النظيفة في الأسواق الناشئة يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، ويخلق المزيد من فرص العمل. وأشارت إلى أن التحول الأخضر يخلق ملايين من فرص العمل، في الوقت الذي يعيد توجيه سوق العمل نحو قطاعات جديدة، مما يتطلب مهارات مختلفة للعاملين. كما ذكرت أن الانتقال إلى بيئة خالية من الانبعاثات سيسهم في خلق صناعات جديدة بقيمة نحو 10.3 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050. ومن المقرر أن تخلق تدابير الطاقة النظيفة 18 مليون فرصة عمل على مستوى العالم بحلول 2030، وفقًا لمنظمة العمل الدولية (ILO).
سد فجوة تمويل التكيف
من جانب آخر، شاركت الدكتورة رانيا المشاط في الجلسة التي نظمها صندوق النقد الدولي حول "سد فجوة تمويل التكيف.. التحديات والفرص المتاحة"، بمشاركة السيدة تريسي كاجومبا، مسئولة بالمعهد الدولي للبيئة والتنمية، والسيد بو لي من صندوق النقد الدولي، والسيدة ليزا شيبر من جامعة بون، والسيد أندرو ستير، المدير التنفيذي لصندوق بيزوس للأرض. وأكدت المشاط أهمية المساهمة في مشروعات تمويل التكيف، موضحة أن رغم ارتفاع مستوى التمويلات الموجهة للتكيف، إلا أنها لا تمثل سوى 20-30% من احتياجات تمويل التكيف السنوي، التي من المتوقع أن تصل إلى 215 – 387 مليار دولار في البلدان النامية سنويًا بحلول عام 2030.
أدوات تمويل التكيف
ذكرت الدكتورة رانيا المشاط أن تقارير البنك الدولي حول المناخ والتنمية تؤكد أن الحد من التأثيرات المناخية وبناء القدرة على الصمود يتطلب المزيد من مشروعات التنمية وتعزيز التنمية الأكثر مرونة. وأشارت إلى ضرورة التوسع في أدوات تمويل التكيف، مثل أدوات مخاطر الكوارث لتوفير السيولة السريعة وتخفيف أعباء الديون بعد الكوارث المناخية، بالإضافة إلى التوسع في أدوات التحفيز للاستفادة من رأس المال الخاص، والأدوات القائمة على النتائج التي تضمن توجيه الموارد نحو المشروعات التي تحقق نتائج ملموسة.
حشد التمويل المناخي
كما شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في الجلسة النقاشية التي نظمها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ووزارة البيئة والموارد الطبيعية بأذربيجان حول التعاون بين الحكومات وبنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص لحشد التمويل من أجل العمل المناخي لتنفيذ اتفاق باريس. واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط الإجراءات التي قامت بها مصر على مدار السنوات الماضية، خاصة منذ تنظيم مؤتمر المناخ COP27، لتعزيز العمل المناخي وخلق شراكات بناءة بين شركاء التنمية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والحكومة.
استراتيجية مصر للهيدروجين منخفض الكربون
أضافت المشاط أن استراتيجية مصر للهيدروجين منخفض الكربون، المدعومة بشراكات دولية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، تجسد هذا النهج المستقبلي من خلال بناء اقتصاد هيدروجين منخفض الكربون في مصر وفي المنطقة. وأوضحت أن مصر تتوقع أن تلبي إنتاج الطاقة المتجددة في مصر 10% من الطلب العالمي على الهيدروجين بحلول عام 2050، مما يخلق أكثر من 100,000 وظيفة، العديد منها ستكون ذات مهارات عالية. كما يتوقع أن يساهم هذا الجهد في تقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار 46 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040، مما يبرز التزام مصر بمستقبل مستدام.
0 تعليق