تضطرنى الظروف حاليا لرعاية ابنى بمفردى بعد رحيل أمه فى حادث مأساوى العام الماضى. أتركه فى الصباح لأختى وأمر لأصطحبه بعد انتهائى من عملى. له من العمر أربع سنوات وقد تأثر كثيرا برحيل أمه المفاجئ وهو محل اهتمام أسرتى كلها وأنا بالطبع أقضى معه كل وقتى بعد العمل.

لاحظت منذ أسابيع قليلة أنه قد بدأ يتحدث مع صديق خيالى يحاول فرض وجوده على حياتنا هو وأنا. إذا سألته ماذا تحب أن تأكل؟ يرد اسأل جوجو. إذا طلبت منه أن يبقى هادئا حتى أعد طعامه علق بأنه سيكون مشغولا مع جوجو فى الرسم. هل يستدعى الأمر عرضه على طبيب أمراض نفسية؟ أم أنه رد فعل لفقدانه والدته وأنه يحتاج إلى بعض الوقت لينسى احتياجه لها وبالتالى ينسى الصديق الخيالى؟

بهاء الدين ــ ٦ أكتوبر

<<<< يعترف علم النفس بأن الصديق الخيالى لطفل أمر وارد ولا يعنى على وجه الإطلاق أن الطفل يعانى من مرض نفسى أيا كان. قد تبدو هذه الظاهرة أكثر وضوحا عند الطفل الوحيد الذى لا يشاركه أخوه فى اللعب أو النمو ومواجهة الحياة. أيضا عند الأطفال المصابين بالتوحد أو من يعانون من متلازمة داون.

إنه أمر طبيعى يساعد الطفل على اكتساب المهارات المختلفة والتعبير عن نفسه بصورة قد لا يجيدها فى الواقع. قد تكون طريقة الطفل فى اللهو واللعب ليسلى نفسه لكنها فى أغلب الأحيان قدرة نفسية على التخيل يلجأ إليها الطفل فى أعوامه الأولى ليواجه بها المتغيرات حوله. ربما بالفعل فقدانه المفاجئ لأمه - ويتعلم بها تجارب قد يخشى أن يخوضها بنفسه.

غالبا ما يتخذ الطفل له صديقا يعكس رغبة فى أن يكونه. شخصية كرتونية مؤثرة، شخصية المدرس أو المنقذ كرجل الإطفاء الشجاع أو الطبيب. إنه يتحدث إليه دائما حتى فى وجود الآخرين يود لو عرفوا جميعا أن له صديقا مفضلا.

الأمر لا يستدعى العرض على طبيب نفسى طالما ظل فى الحدود الطبيعية الآمنة. ومتى ظل هذا الصديق أمينا هادئا لا يثير مشكلات ولا يعتدى على حقوق الآخرين ولا يحرص على العنف والشغب. بل هو مفيد للغاية حينما نتوجه إليه بالنصائح التى نرجو أن يقبلها الطفل ويعمل بها. لا حرج عليك إطلاقا فى أن تحتفى بصديق ابنك الخيالى وأن تتحدث إليه فى وجوده بصورة طبيعية بل وأن تحاسبه أيضا إذا ما بدر منه أى خطأ. ظاهرة الصديق الخيالى أمر نفسى طبيعى يظهر فجأة ويختفى فجأة ربما فى سن المدرسة فإذا استمر الأمر إلى التاسعة أو العاشرة عليك باستشارة طبيب لأمراض النفسية أما قبل ذلك فلك أن تنضم للصحبة لكن استعمل ذكاءك دائما.