حمل انتخاب دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة من جديد، كثيرًا من الآمال والتطلعات بشأن إمكان زيادة إنتاج النفط الأميركي على مدى السنوات المقبلة، ومن ثم خفض أسعار النفط، بينما أثار تعيين وزير الطاقة الجديد كريس رايت موجة انتقادات غير طبيعية حتى الآن.
ولكن مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، يرى أن الوضع في 2025 يختلف تمامًا عمّا كان عليه عندما كان الرئيس الجديد مرشحًا في 2015 و2016.
ولا يستطيع ترمب أن يزيد إنتاج النفط كما كان الوضع عليه في السابق، ومن ثم لا يمكنه التأثير في الأسواق العالمية كما فعل في الماضي، وكذلك لا يستطيع التأثير في دول الخليج وحصتها الإنتاجية أو صادراتها كما فعل من قبل.
وأضاف: "لهذا الأمر الكثير من النتائج، الاقتصادية والسياسية، ولكن الإجابة القطعية عن سؤال: هل يستطيع ترمب أن يزيد إنتاج النفط الأميركي كما حصل في مدة ولايته الأولى؟ ستكون لا، ومن ثم فإن الأثر في حصة دول الخليج النفطية سيكون ضعيفًا جدًا إذا وُجد".
جاء ذلك خلال حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، الذي يقدّمه الدكتور أنس الحجي يوم الثلاثاء من كل أسبوع، عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي قدّمها تحت عنوان "ترمب وإنتاج النفط الصخري.. ما انعكاسات ذلك على دول الخليج؟".
وزير الطاقة الأميركي الجديد
تطرَّق الدكتور أنس الحجي إلى اختيار وزير الطاقة الأميركي الجديد، قائلًا، إن هناك تغطية إعلامية كبيرة من الإعلام اليساري، الذي كان تابعًا لحكومة بايدن وكامالا هاريس، بشأن اختيار ترمب للوزير الجديد، وهو رئيس شركة خدمات نفطية، وله آراء متطرفة، وينكر تغير المناخ تمامًا.
وأضاف: "الوزير المرشح له مواقف متشددة، فإمّا النفط أو لا شيء، ومن ثم هناك هجوم كبير عليه من الإعلام اليساري، وكذلك هناك هجوم على الرئيس الأميركي الجديد، الذي يتهمونه بأنه يريد أن يخرب الدنيا، وهناك مقالات كثيرة في هذا الموضوع".
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، بوضع هذا الأمر في إطاره التاريخي، يتضح أن ما يحدث مجرد ضجة إعلامية، ليس لها مسوّغ على الإطلاق، لأنه بالعودة إلى مدة رئاسة ترمب الأولى، كان وزير الطاقة "ريك بيري"، وهو حاكم تكساس السابق.
وأوضح أن بيري فاز في الانتخابات 3 مرات، وهو أمر نادر الحدوث، وهو متطرف جدًا، أكثر من المرشح الجديد الذي يعدّ متطرفًا في آرائه فقط ضد تغير المناخ، بينما بيري كان متطرفًا يمينيًا في كل شيء، حتى في الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية، حتى إنه كان من دعاة استقلال تكساس عن الولايات المتحدة الأميركية.
ولفت إلى أنه -بمنظور تاريخي- تعيين كريس رايت في منصب وزير الطاقة الأميركي الجديد لا يمثّل مشكلة على الإطلاق، وبالنظر كذلك إلى إدارة بايدن السابقة، فإنهم هم من يحتجّون على تعيين رئيس شركة نفط في منصب وزير الطاقة.
وتابع: "تذكّروا أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في عهد ترمب هو رئيس شركة إكسون موبيل، فلماذا هذه الضجة الإعلامية، ثم إنه من المنطقي تعيين وزير طاقة من الصناعة نفسها، فلن يصحّ أن يعيّن طبيبًا أو جرّاحًا يمارس الطب منذ 30 عامًا في هذا المنصب".
لذلك، فإن الضجة الإعلامية الحالية ضد ترمب لا سبب لها على الإطلاق من المنظور التاريخي، وحتى بالنظر تاريخيًا إلى الجمهوريين، يتضح أن الأمر متكرر، ففي عهد جورج دبليو بوش عُيِّن ديك تشيني، الذي كان رئيس شركة "هارلي بينتون"، وهي ثاني أكبر شركة خدمات نفطية في العالم، وكان متطرفًا.
كما أن وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس كانت مستشارة قانونية في شركة شيفرون الأميركية، وهي واحدة من كبريات الشركات النفطية العالمية، لذلك فإن هذا التعيين من منظور تاريخي لا يقدّم جديدًا.
إنتاج النفط الصخري الأميركي
قال الدكتور أنس الحجي، إن تعيينات الوزراء المتناقضة تؤثّر في إنتاج النفط الصخري الأميركي، ولكنه تساءل: ما المقصود بـ"تعيينات متناقضة"؟
وأضاف: "من الواضح جدًا هنا أن حكومة ترمب الجديدة متطرفة إلى درجة إثارة القلق بشأن العالم العربي والإسلامي، وكذلك المسلمين داخل أميركا، ولكن، هناك هناك تناقضات شديدة في هذه التعيينات، تدلّ على أنه ليس هناك خط واحد في إدارة الرئيس الجديد، فهو المسيطر على كل شيء".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هناك تعيينان مهمان يناقضان فكرة أن هناك خطًا واحدًا، الأول هو تعيين روبرت كينيدي وزيرًا للصحة، إذ إن هناك وزير طاقة كان رئيس شركة خدمات نفطية ومؤيدًا لكل شيء نفطي، بينما وزير الصحة يتحدث عن آثار النفط البيئية والصحية.
وتابع: "سبق أن رددتُ على وزير الصحة الجديد في منصة تويتر، وهو ردّ مشهور في كثير من وسائل الإعلام، عندما هاجم صناعة النفط وطالب بالوقف الكامل للتكسير المائي الهيدروليكي ووقف صناعة النفط في أماكن عدّة".
لذلك، هناك وزير في إدارة ترمب يريد وقف صناعة النفط، بينما هناك وزير آخر على عكسه تمامًا، فالوزير المعارض لصناعة النفط هو وزير الصحة، أي -بعبارة أخرى- سيبدأ بالحديث عن الآثار الصحية لصناعة النفط وغيرها، ويسبّب مشكلات للرئيس وغيره.
وتوقّع الحجي أن هذه التركيبة التي تُصنَع الآن، من المحتمل ألّا تستمر طيلة السنوات الـ4، وهي المدة الرئاسية، إذ هناك احتمال كبير أن يستقيل بعضهم ويُطرَد آخرون.
وأردف: "هناك تعيين أخر، في منصب وزيرة الأمن القومي تولسي جبارد، وهي سيدة غريبة الأطوار تعارض كل شيء، ويبدو أنها -نفسيًا- من النوع المحبّ للظهور بشكل كبير، حتى لو كان على سبيل المعارضة، فهي كانت ديمقراطية وعارضت الديمقراطيين، ثم غادرتهم".
وبعدها، مؤخرًا، انتقلت إلى الحزب الجمهوري، إذ عيّنها ترمب في فريقه، الذي يضم في الآن ذاته وزيرًا للخارجية معاديًا جدًا للصين، وهناك أشخاص آخرون ضمن الإدارة الأميركية الجديدة معادون جدًا للصين.
كما أن إدارته تتضمن أشخاصًا معادين جدًا لحزب الله وإيران وسوريا، بينما وزيرة الأمن القومي تولسي جبارد، سبق لها زيارة سوريا عندما كانت عضوة بالكونغرس، وزارت أماكن للإيرانيين وحزب الله.
وأكد الدكتور أنس الحجي أن هذه التناقضات ستؤدي إلى مشكلات، وسيكون لها أثرها في أرض الواقع، سواء في الداخل الأميركي -عن طريق وزير الصحة مثلًا- أو العالمي -عن طريق جبارد- ووزير الخارجية الجديد، بعد تثبيتهما.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق