مع قدوم فصل الشتاء، بدأ الاحتلال الإسرائيلي سياسة عقاب جماعي جديدة لسكان قطاع غزة، من خلال حرمانهم من المياه النظيفة، وإجبارهم على العيش بطريقة غير آدمية في ظل الأمطار الغزيرة والمياه غير النظيفة التي تغرق خيامهم المهترأة.
وقالت المتحدثة الرسمية في غزة باسم منظمة الأنروا لويز ووتريدج، عبر حساب الوكالة على منصة "X"، إن السكان في غزة يعيشون دون مأوى، وليس لديهم ما يكفي من الطعام، وليس لديهم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة.
وأضافت: "الوضع في قطاع غزة أسوأ من أي وقت مضى، الجميع يتصارعون للحصول على قطع الخبز، فيما تجاوز سعر كيس الطحين 200 دولار"، ارتفاعًا من سعر 16 دولارًا قبل الحرب، مؤكدة أن "القصف والغارات لا يتوقفان أبدًا، ومع مرور كل يوم، بل كل ساعة، تزداد معاناة السكان هنا سوءًا"
نقص حاد في المياه النظيفة بغزة
وسبق وأكدت تقارير دولية أن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة تواجه نقصا حادا في الوقود، ما أدى إلى حرمان أكثر من 1.2 مليون مواطن ونازح من الوصول إلى المياه النظيفة.
وأكدت السلطات الفلسطينية أن هذا النقص الذي استمر أسبوعا تسبب في تعطيل الخدمات الأساسية، بما في ذلك آبار المياه ومحطات تحلية المياه.
وحذرت السلطات من أن نقص الوقود تسبب أيضا في توقف مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، مما أثار مخاوف بشأن مياه الصرف الصحي غير المعالجة التي قد تغمر الشوارع وتزيد من خطر الأزمات البيئية والصحية.
ودعت السلطات في غزة إلى تدخل دولي فوري لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي دمر الخدمات العامة.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، الذي تجاوزت الآن 13 شهرا، عن استشهاد أكثر من 43700 شخص وترك المنطقة غير صالحة للسكن تقريبا، مع نقص حاد في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، ودفع هذا الوضع إلى دعوات لاستئناف إمدادات الوقود والمعدات الأساسية لمنع الانهيار الكامل للخدمات العامة.
مياه غير نظيفة في كل مكان
وأفادت شبكة "VIO" الإندونيسية، بأن عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين في غزة ظروفًا أسوأ حيث تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت بكثافة أمس الأحد في أضرار جسيمة للملاجئ المؤقتة.
وتابعت أن مياه الأمطار غمرت الخيام التي أقيمت كملاجئ مؤقتة للعائلات النازحة بسبب الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي.
وأفادت فرق الإنقاذ عن أضرار جسيمة في الخيام في عدة مناطق في جميع أنحاء قطاع غزة، وخاصة في مخيم ملعب اليرموك للاجئين، ومنتزه مدينة غزة، ومخيم الشاطئ للاجئين.
ووقعت أضرار إضافية في مناطق مثل وادي الدميانة في خان يونس، ووادي السلقا، وحول حي الأمل، وساحة جامعة الأقصى، ومنطقة شاكوش في رفح، وعلى طول ساحل دير البلح.
وتعرضت الخيام التي غمرتها المياه، والتي تؤوي آلاف العائلات النازحة، لأضرار جسيمة، حيث أتلفت الممتلكات الشخصية، والفرش، والأشياء الأساسية.
وتواجه العائلات، التي فقدت منازلها بسبب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، الآن صعوبات إضافية حيث دمرت مياه الأمطار الشتوية ملاجئها المؤقتة.
ودقت فرق الإنقاذ ناقوس الخطر بشأن تزايد خطر وقوع المزيد من الكوارث، لا سيما في المناطق المنخفضة حيث دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية شبكات صرف المياه.
الاحتلال يدمر خزانات المياه في غزة
بينما أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن جنود الاحتلال الإسرائيلي كان يفجرون مضخات خزانات المياه عمدًا في رفح جنوبي قطاع غزة في فصل الصيف الماضي، ما أثار موجة غضب دولية بسبب استخدام المياه كسلاح في قطاع غزة ضد المدنيين.
وتابعت أن الخزان الذي تم تفجيره كان يستوعب 3 ملايين لتر من المياه النظيفة، وكان محوريًا لمعالجة وتوزيع المياه في محافظة رفح، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، حيث وفر المياه لـ 150 ألف شخص قبل 7 أكتوبر، عندما بدأت الحرب.
ووفقًا للأمم المتحدة والعديد من الهيئات الدولية الأخرى، تضررت أو دمرت العديد من مرافق المياه بسبب الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان المدنيين، وتعريض انتشار الأمراض للخطر ودفع خبراء حقوق الإنسان إلى اتهام إسرائيل باستخدام إمدادات المياه كسلاح.
وقال مارك زيتون، المدير العام لمركز جنيف للمياه، وهو معهد سويسري متخصص في الدبلوماسية المائية، إن تدمير خزان مياه كندا الواقع في رفح يعد بالتأكيد انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي.
وتابع: "يهدف القانون الإنساني الدولي إلى الحماية من الهجمات العشوائية على السكان المدنيين أو الأشياء التي يعتمدون عليها من أجل البقاء".
إسرائيل تستخدم المياه سلاح حرب في غزة
وأوضحت الشبكة الأمريكية، أنه بخلاف تفجير خزانات المياه، فقد أدى الحصار الإسرائيلي إلى استنزاف إمدادات الوقود والكهرباء اللازمة لتشغيل محطات تحلية المياه والخزانات ما تسبب في نقص حاد.
وأفادت منظمة أوكسفام في يوليو أن كمية المياه المتاحة في غزة تصل إلى 4.74 لترًا من الماء (جالون واحد) للشخص الواحد يوميًا، مضيفة أن هذا "أقل بقليل من ثلث الحد الأدنى الموصى به في حالات الطوارئ وأقل من تدفق مرحاض واحد".
واتهمت المنظمة غير الربحية الدولية إسرائيل باستخدام المياه كـ"سلاح حرب"، قائلة إن الفلسطينيين في غزة "ليس لديهم مياه للشرب تقريبًا، ناهيك عن الاستحمام أو الطهي أو التنظيف".
وأكدت الشبكة الأمريكية، أن الحرارة الشديدة في الصيف في غزة تجعل النقص اليائس في المياه أسوأ بالنسبة للفلسطينيين الذين يعانون بالفعل من المجاعة ويكافحون من النزوح المتكرر، ومع قدوم فصل الشتاء ونقص المياه النظيفة وانتشار مياه الصرف الصحي والأمطار من شأنها نشر الأمراض.
وقال ويم زوينينبورج، الذي يحقق في التأثير البيئي للصراعات لصالح منظمة السلام الهولندية PAX، إن مستوى الضرر الذي لحق بأنظمة المياه في غزة هو الأكثر شدة في أي صراع في السنوات العشر الماضية، وربما حتى لفترة أطول.
وتابع زوينينبورج: "ما نراه حتى الآن... هو تدمير شبه كامل لجميع البنية التحتية للمياه، بما في ذلك محطات ضخ المياه وآبار المياه ونظام الأنابيب بالكامل في غزة، والمضخات القليلة العاملة التي لا تزال تعمل، ونوعية المياه سيئة للغاية، لكن السكان ليس لديهم خيار سوى شربها".
0 تعليق