يشرح ك. يونج في كتابه جدلية "الأنا واللاوعي" الشخصية التي تشعر بالدونية، إذ تمتلك شيئًا من التحدي في الوعي بالذات، فنجد بعضهم يدعون معرفتهم بكل شيء، ويتظاهرون في كل جلسة أنهم أكثر ثقة بأنفسهم مدعين معرفة أبعد مما يعرفه حتي الطبيب عنهم. ولكن خلف الثقة المتفائلة يختبئ قلق عميق.
مثل هذا الشخص أحيانًا تقدم معرفته له راحة وانفراجة وشعور بأنه يمسك مفتاحًا يفتح أبوابًا عديدة، ويقول المؤلف نستطيع بسهولة أن نكتشف خلف كبرياء بعضهم ملامح شعور خائف بالدونية.
في العمق، يشعر أنه على الهامش، ويدفعه الخوف المختبيء من أن يتردد في إعلان آرائه وتأويلاته، لذا كلما تراجع واختبأ كبرت في داخله الحاجة السرية لأن يعلم أنه موضع قبول وتقدير، ورغم أنه يطرق آذان أقربائه بدونيته، فهو في عمقه لا يؤمن بها. إنه يشعر أن القناعة الثابتة والعنيدة بقيمته المجهولة تصعد من أعماقه؛ ولهذا فهو حساس إلى أقصى حد، يستشعر ويضخم أقل أثر للنقد. ولهذا أيضًا يبرز دائمًا سحنة الشخص غير المفهوم والعبقري المجهول. هكذا تتقد في داخله تعاسة معتدة ويتشكل عنده كبرياء مرضي، فهو يسعى لتقديم صلابة فائقة، في وضع أكثر انهزامًا.
لذا تريحه فكرة التضخم النفسي وبالطبع ليست أهمية المنصب هي التي تحدد هذا التضخم بل استيهامات داخلية لدمية مثيرة للشفقة. ولكن المهام أو الألقاب التي يلبسها تشكل تعويضًا سهلًا، وقناعًا مريحًا، يستطيع خلفهما إخفاء النواقص والإختلالات والأوهان الشخصية.
ولكنها تمنحه نوع من الفوقية بدافع شهوة السلطة والرغبة في إخضاع الآخرين له، والتحكم في هذا وإذلال ذاك وإشباع غروره أنه أصبح شيئًا وله قيمة أمام تقديره المنخفض لذاته، لذا قال الحكيم: تضطرب الأرض تحت عبد صار ملكًا.
0 تعليق