مع صعود دونالد ترمب من جديد إلى رئاسة الولايات المتحدة، تُثار الآن تساؤلات كثيرة حول موقفه من النفط والغاز الروسيين، وكذلك الصادرات النفطية من كل من إيران وفنزويلا اللتين تواجهان عقوبات بالفعل منذ فترة رئاسته الأولى.
وفي هذا السياق، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن القاعدة والقناعة الأساسية أن الولايات المتحدة لن تسمح بتطوير محطة "أركتيك 2 إل إن جي" للغاز المسال، وهي الأكبر في روسيا.
وأضاف: "سواء انتهت الحرب أم لا، وسواء رُفعت العقوبات أم لا، فإن هذا القرار إستراتيجي أميركي بغض النظر عمن هو في البيت الأبيض ترمب أم غيره، ومن ثم فإن الحرب على الغاز المسال الروسي موضوع إستراتيجي لأميركا، أيًا كان موقف الحروب الأخرى، بما فيها حرب أوكرانيا".
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "النفط ودول الخليج بين ترمب وإيران".
السيطرة على السوق الأوروبية
قال الدكتور أنس الحجي، إن أميركا بقيادة دونالد ترمب ستسعى إلى السيطرة على أسواق الغاز الأوروبية، وهو أمر يضع مصير الغاز القطري إلى أوروبا على المحك، لأن من ضمن الأمور الواضحة تمامًا الآن أن هناك عقودًا يجب أن توقعها قطر لتغطي كل الزيادة حتى عام 2027.
وأضاف: "تجدد قطر طاقتها الإنتاجية من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن، وهناك عقود بحدود 40% من هذه الكميات تم التعاقد عليها، الباقي بحدود 60%، والواضح تمامًا أن الهدف الأميركي هو منع الأوروبيين من التعاقد مع قطر".
ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، سيجري إغلاق البحر الأحمر على كل الحالات؛ لأن صادرات الغاز القطري إلى أوروبا لا بد أن تدور حول أفريقيا، وهو الأمر الذي يزيد تكلفة الشحن بصورة كبيرة، لحين الوصول إلى القارة العجوز.
وأوضح أن هناك مزيدًا من المشروعات الجديدة ستتم خلال السنوات المقبلة في الولايات المتحدة، ومن ثم ستجري السيطرة على السوق الأوروبية بالكامل من جانب أميركا التي ستأخذ من حصة الروس والقطريين.
وتابع: "طبعًا من ضمن المفاجآت، أن رئيسة الاتحاد الأوروبي أعلنت قبل يومين رسميًا أن موضوع الغاز المسال الأميركي سيكون محل تفاوض مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، وأن الاتحاد يرحّب بزيادة استيراد الغاز المسال الأميركي، في إشارة إلى أن المستقبل سيكون على حساب دول أخرى".
بعبارة أخرى، بحسب الحجي، إنهاء الحروب سيؤدي إلى أمور أسهل مما هي عليه الآن، ولكن من الواضح أن موضوع الغاز المسال لا علاقة له بالحروب، وأن أميركا ستدافع عن سوقها في أوروبا، لأن الغاز أصبح جزءًا رئيسًا من الأمن القومي الأميركي وسياسة أميركا الخارجية.
موقف ترمب من فنزويلا
أشار الدكتور أنس الحجي إلى موقف ترمب من فنزويلا، قائلًا إنه سيكون هناك بعض التجديد بالنسبة إليها، ولكن ذلك سيكون مع شركة شيفرون الأميركية تحديدًا وعقودها، إذ كانت تحصل على استثناءات وستستمر في الحصول عليها.
وأضاف: "الآن المصافي الأميركية تعتمد بصفة كبيرة على النفط الفنزويلي، وهي أكبر مستورديه، وهذه المصافي أو أصحابها جزء منهم كانوا في حملة ترمب الانتخابية، لذلك قد يكون هناك كلام أكثر من الفعل، ولكن بصفة عامة ستواصل شيفرون الحصول على هذه الاستثناءات".
وتطرّق الدكتور أنس الحجي إلى دول الخليج وإنتاج النفط الصخري الأميركي، موضحًا أن هناك شائعات منتشرة في العالم العربي -ولا أحد يعرف من ينشرها، لأنها ليست موجودة في أميركا- حول أن ترمب سيشجع الشركات الأميركية على زيادة إنتاجها بصورة كبيرة جدًا.
النفط الصخري الأميركي
قال الدكتور أنس الحجي، إن شائعة زيادة ترمب لإنتاج النفط الصخري الأميركي تقول إنه يريد من هذه الخطوة تحييد دول الخليج بالكامل، وتدميرها اقتصاديًا، لافتًا إلى أن المتابعين لهذه الأمور في العالم العربي ربما يعرفون من أين تصدر هذه المعلومات.
وأكد أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، إذ إن أميركا بالفعل أكبر منتج للنفط في العالم، ولكن إنتاجها الآن بحدود 13.4 مليون برميل يوميًا، ونسبة الانخفاض السنوي 40% في حقول النفط الصخري، أي أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استثمار ضخم لإبقاء الإنتاج عند 8.5 مليون برميل يوميًا، ومن ثم، فإن فكرة زيادة الإنتاج غير معقولة تقنيًا.
وتابع: "الأمر الآخر، وهو مهم أيضًا، أن ترمب لا يمكن أن يحقق هدفين معًا، وهما الحصول على أسعار نفط منخفضة وزيادة الإنتاج، فالشركات في النهاية موجودة لتحقيق الأرباح، ولا يمكن أن تزيد الإنتاج وتحقق الخسائر".
بالإضافة إلى ذلك، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن النفط الصخري من النفط الخفيف الحلو، وأغلب المصافي في العالم تطلب النفط المتوسط والحامض والثقيل، الذي يأتي من دول الخليج ودول أخرى وروسيا وغيرها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق