صدر حديثا عن دار الثقافة الجديدة للنشر، كتاب جديد بعنوان “طيور النار”.. الثقافة والأسطورة، من تأليف الباحث د. صادق محمد نعيمي.
ويندرج الكتاب في مجال تاريخ الفكر والعقليات، من خلال رحلة عقلية من أجل متعة المعرفة، يحاول المؤلف فيه أن يقدم تعريفا محددا للأسطورة والفرق بينها وبين الخرافة والأحدوثة، وكيف أن الأسطورة ــ مع المناخ واللغة ــ أساس الثقافة والتصور والرمز.
وتقودنا صفحات الكتاب لفهم مآلات الثقافة من حيث التصور الديني والتحامل الثقافي والمثاقفة والتثاقف. ونعرف من خلال تجارب حياتية عاشها المؤلف ما هو التداخل الثقافي بين الشرق والغرب، ويوضح الكتاب الفرق بين ثقافتي العامة والخاصة وعلاقة الثقافة بالطبيعة، وكيف أن الحتمية الثقافية يمكنها أن تتصدي للبيولوجيا الاجتماعية المبررة للظلم ضد الطبقات والشعوب المهمشة، ويشرح الكتاب كيف أن المستوي الحضاري للأمة ينعكس علي تفسيرها لميراثها الثقافي والأسطوري.
من هو مؤلف كتاب طيور النار.. الثقافة والأسطورة؟
ويعتبر كتاب "طيور النار.. الثقافة والأسطورة"، الكتاب الثالث للمؤلف بالعربية، فقد سبق له نشر أعمال: "الإسلام وعصر التنوير الأوروبي"، عن دار شرقيات 2008، ونشر في العام اللاحق 2009 كتاب "التاريخ الفكري لأزمة اللغة العربية"، عن دار أفريقيا بالدار البيضاء، ونشر د. صادق محمد نعيمي، كتابين باللغة الفرنسية.
درس في جامعات مصرية، وفي جامعتي جنيف والسربون حيث حصل علي الدكتوراه، وعمل أستاذا للحضارة الفرنسية وأشرف علي عدة رسائل ماجستير ودكتوراه قبل أن يترك الجامعة للعمل بجنيف، وشارك في مؤتمرات دولية عديدة ونشر أبحاثا كثيرة في دوريات متخصصة.
حريات الغرب وعقول الشرق
ومما جاء في كتاب “طيور النار.. الثقافة والأسطورة”، نقرأ: أن حريات الغرب قد جذبت عقول من بلاد الشرق، عقول أبت على نفسها أن تخضع للقمع الفكري والرقابة على أفكارها من محدودين الثقافة والعقل.
وللأسف هذه المحدودية الفكرية – بتواطؤ واضح من أنظمة ومن منظومة قضائية متخلفة- هي التي أدت إلى هجرة عقول مما أفقر العالم العربي فكريا وخاصة في مصر ولبنان والعراق وسوريا وبلاد المغرب العربي. ورغم أن مفهوم الحريات مفهوم نسبي، وهو موضع خلاف ثقافي بين الثقافتين الشرقية والغربية إلا أن للحرية سحر وجاذبية وخير وفضل، لا يعرف ذلك إلا أصحاب النفوس الشفافة والمثقفون والفنانون المبدعون. وسحر حرية التعبير والحركة والبحث العلمي كانت أحد أسباب هجرة العقليات من الشرق للغرب وحالة مصر مثالا واضحا، فالهجرة للغرب حرمت مصر من عقول لو وجدت المناخ المناسب للتعبير والبحث لكانت أثرت حياتها وحياة العرب أيضا. وهجرة العقول والفن من أكبر الخسائر التي تلحق بالأمم التي تترك العوام الرعاع المتأثرين بشخص متخلف يتهجمون على أصحاب الرأي والفن والفكر وعلى أصحاب المعتقد المخالف للسائر الأعم. وأسرع طريق لانحطاط أمة وهو سيادة فكر التخلف ومحاربة العلم والعقل، وهذا أمر أصبح ثابتا لا يقبل النقض وهو حقيقة تتعلق بكل الأمم والشعوب. وكانت هجرة العقول من الشرق للغرب في الدوائر العلمية والفنية على أشدها في الثمانينيات من القرن الماضي وللأسف حتى الآن ما عدا في سنة 2011 سنة ثورة يناير العظيمة، غير أنه بعد التواطؤ عليها وعدم نجاحها، عادت الهجرة تراود أحلام الكثيرين. وتتم الهجرة في ظل تواطؤ واضح – وإن كان صامتا- من السلطة السياسية.
0 تعليق